لندن: بدت التعبئة واضحة على الارض الاربعاء في بريطانيا غداة الاستعدادات التي اعلنها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي يواجه انتقادات بسبب بطء عمليات الاغاثة، بينما ينتظر هطول المزيد من الامطار الغزيرة.
وفي حين غمرت المياه جزءا من مناطق جنوب غرب انكلترا منذ رأس السنة، ووصلت الفيضانات حتى ابواب لندن، يخشى مع الامطار والرياح، التي تصل سرعتها الى 160 كلم في الساعة، من تدهور الوضع اكثر اليوم الاربعاء. وقد ابقي على اربعة عشر انذارا بفيضانات شديدة، اي التي يمكن ان تشكل خطرا مميتا، في بركشاير وسوري المنطقتين الواقعتين الى غرب لندن.
وانتشر نحو الفي جندي لبناء سدود باكياس رملية ولاغاثة المنكوبين، بحسب الجنرال باتريك ساندرس المكلف تنسيق الجهد العسكري. وقال ان quot;الافا اخرينquot; ستتم تعبئتهم عند الضرورة. ويهدد فيضان نهر التايمز اكثر من الف مسكن الى نحو عشرين كلم في العاصمة.
غير ان السلطات تأمل ان تسمح الاعمال الضخمة التي انجزت لضبط مياه النهر، ثاني انهر المملكة المتحدة بعد سيفرن، بتجنيب اللندنيين مصير سكان جنوب انكلترا. ففي 1953 فاض النهر، وخلف اكثر من ثلاثمئة قتيل، ما اكد ضرورة تأمين حماية اكثر فعالية لسكان العاصمة. فتم بناء حاجز على نهر التايمز بكلفة 643 مليون يورو، تم تدشينه رسميا في 1984. والحاجز كناية عن عشرة ابواب فولاذية ضخمة، تسمح في حال اغلاقها بمنع الفيضان. وبناؤه ترافق مع نظام سدود جعل توبي ويليسون المدير الاقليمي لوكالة البيئة يقول ان quot;لندن هي احدى العواصم التي تحظى بافضل حماية في العالمquot;. فبدون هذه السدود لكان نحو ربع سكان العاصمة معرّضين لخطر الفيضانات.
وقد تم اغلاق حاجز التايمز 28 مرة منذ بداية السنة لحماية سكان لندن من الفيضانات. لكن بدون منع النهر من الفيضان في غرب لندن، حيث تغمر المياه قرى الى غرب العاصمة، مثل رايزبيري القريبة من مطار هيثرو منذ الثلاثاء. وقد تم اجلاء العديد من الاشخاص الليلة الفائتة في ستاينز قرب مطار هيثرو، فيما غمرت المياه نحو ستة الاف مسكن في كل ارجاء البلاد منذ بدء الشتاء الاكثر رطوبة في خلال 250 عامًا في بعض مناطق المملكة المتحدة.
وامام هذا الوضع، دعا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الى اجتماع ازمة جديد على المستوى الوزاري صباح الاربعاء، وحذر من ان الامور قد quot;تتفاقم قبل ان تتحسنquot;، وان وقت الانتظار قبل عودة الامور الى طبيعتها يبدو quot;محبطاquot;. ولفت الخبراء الى ان على بعض المناطق ان تصبر حتى ايار/مايو المقبل، قبل ان تجف اراضيها بسبب امتلاء باطن الارض والحقول الجوفية بالمياه.
هذا الاحتمال محبط للغاية بالنسبة إلى المنكوبين الذين يقول كثيرون منهم انهم فقدوا صبرهم في انتظار تحرك سياسي ومساعدة العسكريين. وفي المناطق الجنوبية الغربية حيث انقطعت قرى عدة عن العالم منذ اكثر من شهر، يشكو السكان من انه كان يتعين ان تقترب الفيضانات من لندن كي تتحرك ويستمنستر في نهاية المطاف.
وقرر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الثلاثاء الغاء اجتماع لمجلس الوزراء والعدول عن زيارة الى الشرق الاوسط، وقام بزيارة دورسيت ثم ديفون (جنوب غرب انكلترا). والحكومة اصدرت تعليمات بالنزول الى الارض مع المجازفة بتعرّضها لانتقاد السكان او لسخرية وسائل الاعلام. واليوم الاربعاء استرسلت الصحف اليومية بالسخرية من مواكب السياسيين من كل التوجهات وهم ينتعلون احذية من الكاوتشوك.
وعنونت صحيفة دايلي ميل بتهكم quot;ديف اند كو، الفيضانات السائحةquot;، واعتبرت ان ظهور السياسيين بجزم ناصعة وعلى اخر موضة شكل مشهدا لا يطاقquot; في نظر العديد من المنكوبين، الذين يبدون اشمئزازهم من بطء عمليات الاغاثة وتردد السلطات.
لكن الازمة شكلت فرصة اسرع باستغلالها حزب الاستقلال البريطاني quot;يوكيبquot; الشعبوي، الذي طالب زعيمه نايجل فراج الاحد بان تخصص البلاد جزءا من مساعدتها الخارجية الى ضحايا الفيضانات. والتقطت الفكرة دايلي ميل لتعلن اليوم الاربعاء على صفحتها الاولى quot;100 الف شخص في يوم واحدquot; وقعوا عريضة تطالب بهذا الحل. الا ان ديفيد كاميرون استبعد هذه الفكرة بحجة ان بريطانيا بصفتها quot;بلدا غنيا مع اقتصاد في نموquot; تملك القدرة على خوض المعركتين.
التعليقات