بعد سنوات من الإزدواجية الغربية في التعامل مع القضايا الأساسية التي تمس الشعور العربي والإسلامي.. وبعد ان ساهمت هي نفسها مع السعودية في بناء المدارس الإسلامية في باكستان وأفغانستان للحد من تنامي النفوذ الشيوعي السابق.. غير مستوعبة لخطورة ما تفعله.. إستفاقت هذه الدول على معضلة القرن الحادي والعشرين التي تهدد الأمن العالمي. إضافة إلى تهديد مصالحها الإقتصادية في العالم أجمع.. إستفاقت بعد فشلها في حربها في العراق.. و أفغانستان.. وتورطها في مستنقع باكستان.. إستفاقت لتجد أن إنقلاب سحرها عليها.. هو من الخطورة الكبيره بحيث أنها على إستعداد لعمل أي شيء والتحالف مع أي دوله في سبيل حماية مواطنها.. دافع الضرائب الذي يطالبها بالأمن..
في ذات الوقت وعلى نفس الخطورة يتغلغل التطرف الإسلامي في الدول الإسلامية وفي الدول الغربية حاملا معه خطر تهديد أمنها.. ومجتمعها.. وطريقة حياتها...


مما لا شك فيه بأن تواجد معظم الدول الغربيه في مؤتمر لندن لمساعدة الحكومة اليمنية في وضع خطه تستهدف تعزيز جهود صنعاء في محاربة الإرهاب وإرساء الأمن في البلاد، تؤكد خوف العديد من الدول الغربيه من أن يصبح اليمن بوابه العبور لتنظيم القاعده إلى المنطقه العربيه.. الخوف هنا مرده ليس فقط من إزدياد وتوسع القاعده في أفغانستان وباكستان.. وإحتمالات وجود بعض من عناصرها في السعوديه والأردن.. ولكن من الإنتصار ( المخجل والحقير ) الذي حققته القاعده في العمليه الإنتحاريه الأخيره في أفغانستان والتي راح ضحيتها 7 أميركيون يشغلون أرفع المناصب في السي أي إيه.. إضافة إلى مندوب أردني مسلم..والتي قام بها الدكتور الأردني همام خليل البلوي والتي أعادت التأكيد للغرب خطر الإسلام الذي يروج له فقهاء الدين على أنه هويه الأمه وأن إنتماؤها الأول للدين..حتى من هذا الطبيب والذي من المفترض أن يكون إنتمائه الأول للإنسانيه في الدين.. وهي المقوله التي بدأ بالترويج لها المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر حين قال quot; طز في مصر وأبو مصر واللي في مصر أنا أرضى بان يحكم مصر مسلم من ماليزيا ولا أن يحكمه قبطي مصري quot;.


هذا الإنتصار الخالي مرة اخرى من أية مبادىء إنسانية والذي يرتكز على أن كفر الآخر كاف لقتله هو نفس الهدف الذي تبنته وروجت له القاعده في ضرب برجي التجارة العالمي في 11 سبتمبر.. أكد للجميع بما فيهم الدول العربية أن حربهم مع هذا التطرف الذي ساهموا فيه بتشجيع فقهاء الدين وتبرير الجهاد وقمع الحريات إضافة إلى الفساد والفقر تحوّل إلى إرهاب أعمى ينطلق من عقيدة الجهاد.. حرب طويلة المدى وليسوا بقادرين وحدهم على إجتثاثها من أرضهم.. ولا من مراقبة تصديرها للدول الغربية.. إنتصار مبادىء الإسلام السياسي على أي عقلانيه. خاصة وأن القائم في تلك العملية الإنتحارية إستطاع خداع الجميع بما فيها الإستخبارات الأردنية..

أيضا توضح وتبين خوف الغرب من مشروعات الإسلام السياسي والتي ترتبط في العديد من أهدافها المبطنة ببراقة الحكم الرشيد والعدل مع مطالب الإنسان العربي البسيط والساذج..


السؤال الأهم.. كيف يستطيع الغرب وأد القاعده ومبادئها وأهدافها في المنطقة العربية والإسلامية.. وفي نفس الوقت تأكيد أنه لا يسعى للهيمنة على الثروات النفطية في المنطقة.. أو حتى إستعمار مبطن لهذه الدول..

ليس هناك من طريق واحد أو مؤكد لهذه المهمة الشاقة، وإن كانت غير مستحيلة..
ولكن طريق الألف ميل تبدأ بخطوه.. والخطوه الإستراتيجية الأكيدة في هذا الخضم المتلاحم من التعقيدات.. تبدأ بكسب ولاء الشعوب التي تحاول القاعدة إستمالتها وتجنيد شبابها العاطلون عن العمل وبالتالي فإن هذا الولاء لا يمكن ان يتم إلا..


أولا..
الدخول في حوار صادق النية مع مشايخ القبائل بالتعاون مع الحكومة اليمنية بأن الهدف الأساسي من هذا المؤتمر.. وبعد فشلهم في القضاء على تغلغل القاعده في اليمن. وعدم الإدانة العلنيه لمحاولتها تفجير الطائره المتجه إلى الولايات المتحده في 20 ديسمبر.. ينذر ويؤكد عدم قدرة الحكومه اليمنيه وحدها على القيام بهذه المهمه.. والتي ومن الممكن أن تقتل في طريقها أبناؤهم أيضا.. وأن الهدف الأساسي لهذا المؤتمر هو وضع خطه إستراتيجية تمكّن وتساعد الحكومة اليمنية القضاء على إرهاب القاعده الذي يهددنا جميعا.. وليس بناء قواعد جديدة لهم في المنطقة.. أو تقسيم اليمن..

ثانيا..
توعية هذه الشعوب المسلمه بحقيقة القاعدة وأن ما تسعى إليه من أهداف سياسيه بحته لن تخدمهم على المدى الطويل.. سواء داخليا أو عالميا.. لأننا لا نعيش في قرية معزوله.. ولا نستطيع التخلي عن علاقاتنا بالعالم حولنا.. وأن هذه العلاقات والإقتصاديه منها بالتحديد ستخضع من قبل الطرفين لمبادىء القوانين الدوليه ومبدأ المعاملة بالمثل نظرا للإستفاده المشتركه.. فمثلا إستفادة الغرب من أن الإستقرار الإقتصادي في هذه الدول على المدى القصير والبعيد أرخص تكلفة له من هجرة سكانيه مع ما قد تحمله من أفكار متطرفه تهدد المجتمعات الغربيه.. أيضا الخروج من مقولة بأن التزايد السكاني للمسلمين القادمين ينذر على المدى البعيد بأسلمة أوروبا.. وهي التي خرجت من عباءة الكنيسه.. وأكدت علمانية قوانينها..


ولكن وفي ذات الوقت تاكيد حق دافع الضرائب الغربي في ظل الأزمه الإقتصادية العالمية في وضع شروط تتناسب أيضا مع مصلحته.. لتأكيد ترابط المصالح الدولية..

ثانيا..
بناء قاعدة تحتية كاملة تضمن التنميه المستدامة.. لخلق فرص عمل وإستيعاب الأعداد الهائله من العاطلين عن العمل في أسرع وقت ممكن مع مشاركة الدول الخليجية كلها في صندوق إعمار وتعمير اليمن متلازمة مع قاعدة تحتية تعليمية إنسانية تستند إلى مبادىء حقوق الإنسان الدولية وتخرج من ثرثرة رجال الدين عن ترابط وتوافق الأديان مع مبادىء حقوق الإنسان..فالحقيقه تؤكد عكس ذلك.. وليس علينا لتأكيدها سوى النظر في القوانين المعمول بها في الدول العربيه والإسلاميه كلها..

ثالثا..
شرط عدم إنعاش المؤسسة الدينية التي شلّت وأعجزت التفكير العربي بتحريضها تحت فقه الولاء والبراء من الآخر.. لإن الإرهاب الذي نتج عنه خرج من حدود تلك الدول ليبرز أسوأ ما في الدين من حض على العنف ضد الآخر..
والحد من جرعات البرامج الدينية في الإعلام العربي كله.. وإشتراط من يسمح لهم بالظهور الإعلامي بإستنباط القيم الدينيه الإيجابيه التي تحث على التعاون والتعايش..

رابعا..
شرط مسؤولية هذه الحكومات على العمل على إلغاء القوانين التمييزية بين مواطنيها من معتنقي الأديان الأخرى وتأكيد حق المواطنه للجميع في كل من هذه البلاد..

خامسا..
شرط إقرار كوتا لضمان مشاركة المرأة على جميع الأصعده الإجتماعيه والسياسه كخطوة في الطريق الصحيح لبناء مجتمع المساواه بين الرجل والمرأه.. ومجتمع لا يتسم بالعنف والإرهاب يترعرع في البيوت من السلطه الذكوريه اللا محدودة..

سادسا..
تعديل القوانين المعمول بها لتتماشى مع مبادىء الحقوق الدولية للإنسان.. وللمرأة بالتحديد... وهذه إحدى أهم الخطوات لبناء ثقة الشعوب في حكوماتها. ولتعزيز مبدأ سيادة القانون وعدالته.. والخروج من حكم أهل الحل والعقد في فتاويهم التي اعتبرت قوانينا لفتره زمنيه طويله ولا يمكن إجتثاثها إلا بقانون أقوى يتسيد على الجميع..
قد يكون من الصعب بناء نظام سياسي يخرج فيه الموروث الديني والثقافي من عباءة الدين.. ولكن وفي ظل الخطوره الكبيره التي يواجهها العالم كله.. لا بد من الإقرار بأن ما كان يصلح قبل الآف السنين لم يعد صالحا لعالم اليوم.. ولا يضمن لا المستقبل الآمن ولا لقمة العيش الكريم لا لأبناء اليمن ولا أبناء الدول العربيه والإسلامية كلها..
سيدي القارىء..
قد تقول بأني أحلم.. ولكن أليس هذا حلمنا جميعا.. وقد تتهمني بالجنون.. أليس هناك حكمة تقول.. خذوا الحكمة من أفواه المجانين....