أقر البرلمان العراقي نص قانون الانتخابات العراقية لعام 2010 في الثامن من نوفمبر 2009، بعد 11 جلسة ساخنة على تعديلات القانون الانتخابي لعام 2005، وبذلك أصبحت آلية سير الانتخابات البرلمانية القادمة في 7 أذار عام 2010 جاهزة للتطبيق في موعدها المحدد.
أهم ما ورد في القانون:
1.يكون عدد مقاعد مجلس النواب العراقي بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة وفقا لأخر أحصائيات بطاقات التموين، أي 325 مقعدا ً، منها 310 مقاعد توزع على المحافظات، والباقي، تعتبر مقاعد تعويضية وعددها 15 مقعدا ( مقاعد توزع على الكيانات الصغيرة التي لا تتمكن من الوصول الى البرلمان)، على ان تمنح المكونات التالية (كوتا)، 8 مقاعد، من المقاعد التعويضية وكما يلي: خمسة مقاعد للمسيحيـين توزع بالتساوي على محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل.
ومقعد واحد لكل من الأزيديين والشبك في محافظة نينوى والصابئة في محافظة بغداد.
وتركت المقاعد التعويضية الأخرى وعددها ( 7 ) بدون نص قانوني لتوزيعها.
2.جعل كل محافظة دائرة أنتخابية، بعدد مقاعد يتناسب مع عدد سكانها، بحسب أخر أحصائيات للبطاقة التموينية.
3.يكون الترشيح عن طريق القائمة المفتوحة، ولا يقل عدد المرشحين فيها عن ثلاثة ولا يزيد عن ضعف عدد المقاعد المخصصة للدائرة الأنتخابية، ويحق للناخب التصويت على القائمة أو على أحد المرشحين فيها.
4.تحتسب عدد مقاعد القائمة بعدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة مقسومة على القاسم الأنتخابي. يعرف القاسم الأنتخابي على أنه مجموع أصوات الناخبين في الدائرة الأنتخابية المعينة مقسومة على عدد مقاعد الدائرة الأنتخابية، ويمثل الحد الأدنى لفوز أي قائمة في الدائرة الأنتخابية.
5. تمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة بحسب نسبة ما حصلت عليه من أصوات.
أخفاقات القانون
كان الأمل ان يكون قانون الأنتخابات العراقية المعدل لعام 2010، خطوة متقدمة نحو الديمقراطية، ولكن خابت الأمال حينما جاء القانون بأخفاقات وثغرات زادت الخناق على المكونات الصغيرة، بتقليصها المقاعد التعويضية، وتوزيعها على الكيانات الكبيرة الفائزة، وفقرات القانون تجعل الكيانات الكبيرة تبتلع الكيانات الصغيرة، بأستحواذها على أصوات الناخبين، من دون رغبتهم، بعيدا عن الديمقراطية، كما وان تبني القانون مبدأ الدوائر المتعددة كرس تقسيم العراق الى مناطق نفوذ طائفية وأثنية.
ان تقليص عدد المقاعد التعويضية الى 15 مقعدا ً في القانون الجديد، بدلا من 45 مقعدا ً كما كان في القانون القديم بالرغم من زيادة عدد مقاعد المجلس الوطني من 275 مقعدا ً الى 325 مقعدا ً، يعتبر أجحافا بحق الكيانات الصغيرة. فأعطاء 8 مقاعد تعويضية للمسيحيين والأزيدين والصابئة والشبك هو دون مستوى تمثيلهم، كما وأن ترك المقاعد السبعة الباقية من دون وجود نص قانوني لتوزيعها هو أجراء غير سليم عندما أعتبرت المقاعد متروكة لترشيحات ورغبات الكتل الفائزة. وفعلا تم ترشيح بعض قياديي ونواب كتلة الأئتلاف كالشيخ جلال الدين الصغير والشيخ همام حمودي ضمن قوائم محافظات كردستان، كدهوك والسليمانية، وهما يعرفان مسبقا النتيجة الخاسرة لترشيحهما في هذه المحافظات الكردية، ولكنهما متأكدان أنهم سيحوزان على مقاعد تعويضية من المقاعد السبعة الباقية ليضيفانها الى رصيدهما العالي من المقاعد الأخرى. ويعتبر ذلك تقليصا لتمثيل الكيانات الصغيرة التي بأمكانها ان تتنافس على المستوى الوطني للحصول على هذه المقاعد. وهذا تراجع عن الديمقراطية ومبدأ التعددية السياسية في بلد كالعراق فيه الأختلافات السياسية الكثيرة.
يأتي الأخفاق الثاني للقانون بتوزيع أصوات الكيانات الصغيرة الخاسرة على الكيانات الكبيرة الفائزة، ما يعني أبتلاع الكيانات الكبيرة للكيانات الصغيرة، ولغرض فوز أي قائمة من القوائم المشاركة في الأنتخابات يلزمها الحصول على مستوى أدنى من الأصوات، ما يسمى بالقاسم الأنتخابي، وفي حالة عدم فوزها توزع أصوات الناخبين لهذه القوائم على الكيانات الفائزة. وبحسب القانون الجديد من الممكن ان يفوز عدد من المرشحين من قائمة فائزة كبيرة، من دون ان يكونوا قد حصلوا على أي صوت، ويخسرمرشح آخر من قائمة صغيرة، وان حصل على 10 أو 20 ألف صوت بسبب عدم تحقيق قائمته للقاسم الأنتخابي، وكان بالأمكان ان تجمع عدد أصوات الناخبين في القوائم غير الفائزة في مناطقها، ويتم التنافس على المستوى الوطني.
وبتبني القانون الجديد تقسيم العراق الى دوائر أنتخابية متعددة، يتم حصر التنافس الأنتخابي في داخل المحافظات، بعيدا عن روح المنافسة الوطنية، مما يكرس تقسيم العراق الى مناطق نفوذ طائفية وأثنية، تماشيا مع روح المحاصصة الطائفية والقومية التي باشرت بها الكيانات المتنفذة.
ما العمل؟
أصاب الأحباط الكثير من المواطنين في السنين الأربع الماضية، ولأسباب مختلفة يعتقد كثير منهم ان المشاركة في الأنتخابات أصبحت غير مجدية، لا تنفع في تغيير ما هو قائم. ولكن ينسى هؤلاء ان الأمتناع عن التصويت وعدم المشاركة في الأنتخابات هو دعم لفوز القوائم المتنفذة ومرشحيها. ويبقى العمل الفعلي هو الأدلاء بصوتك لمرشحك الذي تختاره في محافظتك.
لنوضح أهمية مشاركتك في الأنتخابات القادمة من خلال المثال التالي:
عدد نفوس محافظة كربلاء ( حسب البطاقة التموينية) مليون نسمة، فعدد نوابها ( مقاعدها) 10
لنفترض أشتركت ست قوائم في الأنتخابات النيابية لمحافظة كربلاء وهي 1،2،3،4،5،6
القائمة 1 وعدد المصوتين لها 100 ألف والقائمة 2 وعدد المصوتين لها 160 ألـف
القائمة 3 وعدد المصوتين لها 20 ألف والقائمة 4 وعدد المصوتين لها 10 ألآف
القائمة 5 وعدد المصوتين لها 8 ألآف والقائمة 6 وعدد المصوتين لها 2 ألفـــان
فالقاسم الأنتخابي= 10/( 100+160+ 20 + 10+ 8 + 2 ) = 30 ألف
وهو الحد الأدنى من الأصوات لفوز أي قائمة.
عدد مقاعد القائمة رقم 1 = 30/100 = 3.3
عدد مقاعد القائمة رقم 2 = 30/160 = 5.3،
والقوائم 6،3،4،5 تعتبر خاسرة لعدم حصولها على القاسم الأنتخابي، توزع مجموع أصواتها البالغة 40 ألفا على القوائم الفائزة 2 و 1 بنسبة عدد أصواتها.
في تجربة أنتخابات مجالس المحافظات في عام 2008 ومن الأرقام التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات، كان المجموع الكلي للمصوتيـن 7،143.656 ناخبا، ما يقارب نصف عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، ومجموع الأصوات التي حازت عليها الكتل الفائزة هو 4،897.334 صوتا. ومجموع الأصوات التي حازت عليها القوائم الخاسرة كان 322. 2،246 صوتا أي ما نسبته 31.5% من مجموع المصوتين الكلي، جميعها وزعت على القوائم الفائزة. ففي محافظة كربلاء مثلا حصلت قائمتا ائتلاف دولة القانون وأمل الرافدين على مقعدين فقط !! لكل منهما، ولكن أضيفت لهما 7 مقاعد ليكون لكل منهما 9 مقاعد، وفي محافظة واسط حصل أئتلاف دولة القانون على أربعة مقاعد وقائمة شهيد المحراب على مقعدين فأضيف للأولى تسعة مقاعد لتصبح حصتها ثلاثة عشر مقعدا واضيفت اربعة مقاعد للثانية لتصبح ستة مقاعد.
من الأرقام السابقة نجد ما يقارب نسبة 81.5% من الناس بين من رفضوا القوائم الفائزة وممتنعين عن التصويت، ومع ذلك فازت القوائم الفائزة بشكل قانوني. فلو ساهم 50% من الممتنعين عن التصويت في الأنتخابات حينذاك لكانت النتيجة تتغير لصالح القوائم الصغيرة؟ فأخي المواطن ان الأدلاء بصوتك في الأنتخابات القادمة هو دعم لفوز مرشحك الوطني النزيه الذي تختاره من محافظتك، فهذه فرصتك في التغيـير فلا تفوتك، وساهم بها من أجل أنقاذ وطنك.
التعليقات