إن قراءة التأريخ ليست مادة مسلية للقراءة أو اغناء للتثقيف الذاتي فحسب وانما حصانة من عدم تكرار الاخطاء التي وقعت، والاستفادة من تجارب الماضي لبناء مستقبل افضل. وتأريخ العراق منذ بدايات القرن العشرين وحتى سقوط نظام البعث وبناء العراق الجديد فيه الكثير من الحكم والتجارب لمن يريد ان يعتبر او يتعلم. ولعل أكثر الامور اهمية في تأريخنا العراقي المعاصر هو روح التسامح والقابلية على المسامحة بروح وقلب منفتحين.

الرئيس طالباني وخلال السنوات الاربع الماضية من عهده كرئيس للعراق المتعدد القوميات والطوائف والايديولوجيات والتناقضات الداخلية والخارجية جسّد في شخصه روح التسامح ولانفتاح، وروح رياضية عالية من التفاعل مع الآخر مهما يحمل الآخر من افكار أو ممارسات قد تكون او لا مع خط العراق الجديد الذي اختار التعدد والديمقراطية في تسيير امور البلاد والعباد.

أقول وبموضوعية بأنّ الرئيس طالباني رجل دولة استطاع بحنكته السياسية وبتواضعه الانساني أن يعطي للعراقيين نموذجاً حيّاً للرئيس الذي يريد الخير لبلاده، وقد كان سنداً للضعفاء قبل الاقوياء، ولم يتردد في استخدام صلاحياته الدستورية في الحفاظ على حقوق جميع مكونات الشعب العراقي. نعم، قد تكون هناك نواقص واخطاء، وهو ليس بنبي معصوم كي لا يخطئ، ولكن عندما نقوم بتقييم محصلة اداء الرجل في السنوات الا ربع الاخيرة من عهده نرى بانّه كان نقطة التقاء الفرقاء ومرجع لجميع العراقيين بدون تمييز، وساعد وجوده كرئيس للعراق في تقارب وجهات النظر وفي بلورة رؤية سياسية حاضنة للجميع من زاخو الى البصرة.

ان ما نحتاجه اليوم في العراق الجديد هو التسامح وتقبل الآخر وليس التشنج وكره الآخر، وما نحتاجه ايضاً هي الروح الايجابية وليست الروح السلبية، والشخص الذي يحمل في نفسه هذه الصفات هو الوحيد الذي يستطيع ان يبني ما دمره الحروب والارهاب.


رئيس المركز الكوردي للتربية والعلوم والثقافة ndash; باريس