مع الصديق زيور العمر.
لابد ان التفاعل مع ماطرحته من تساؤلات حول المسالة الكردية في سورية في مقالين منفصلين، جعل الأصدقاء يشاركونني الحوار سواء عبر الإيميل أو عبر، كتاباتهم في الصحافة الألكترونية، وكانت آخر مساهمة هي للصديق زيور العمر، بعنوانquot; مناقشة في بعض تساؤلات غسان المفلح حول المسألة الكرديةquot;.
والرد آثار جملة من القضايا، المهمة واغفل قسما آخر لا يقل أهمية. مع ذلك لن أحاور الصديق العمر إلا في نقطتين الأولى يكثفها في المقطع التاليquot;في البداية، أريد التوقف عند مقولة ( سورية دولة /أمة )، و ليست ( دولة طوائف و أقوام و أديان )، و هنا أريد أن أتساءل: ما هي طبيعة المجتمع السوري، في حقيقته، و ليس كما يحلو لنا أن نفترض؟... ألا يحمل مشروع بناء الدولة الحديثة العصرية، في طياته أخذ خصوصية المجتمع بعين الإعتبار، عند وضع الدساتير، و آليات تنظيم العلاقة بين الدولة و المجتمع / مكوناته، على إعتبار أن النسيج الإجتماعي السوري، متنوع و متعدد، بتعدد الأقوام و الطوائف و الأديان، المشكلة له؟ و هنا أسألك الأستاذ المفلح، لماذا لم تكن قضية الباسك، او قضية الألمان، على سبيل المثال، مشكلة في بناء الدولة العصرية في كل من إسبانيا و بلجيكا، نظرا ً للإقرار القانوني و الحقوقي، لهاتين القوميتين أو المكونين، في شكل من الإدارة الذاتية و الثقافية، في دستوري البلدين؟ و هل شكل، إعتبار بلجيكا، بلد متعدد القوميات، مشكلة بالنسبة الى المشرع القانوني و الحقوقي، لإيجاد علاقة منظمة و دستورية، بين مكونات المجتمع البلجيكي، في إطار سيادة الدولة الفيدرالية؟ لا شك أن الإستاذ غسان ما زل يتخوف، من ( جريرة ) الإعتراف، بوجود شعب متميز، بتاريخه و ثقافته و لغته، في داخل الوطن، ولا أدري سبب هذا التخوف، هل هو الخوف من إختيارات الأجيال القادمة، عندما تتسنح لها الظروف و الموازين، فتطلب بما هو أكثر؟
كل هذا الذي ذكره الأستاذ العمر في هذا المقطع من مقالته، أوافق عليه بلا تردد، ولكنquot; ألا يرى معي أن الأمثلة التي ذكرها، لا تخدم رأيه ولا تخدم ماتنادي به الغالبية من النشاط السياسي الكردي، إدارة ذاتية، وثقافية. ولكن ليست إدارة ذاتية سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية كما هو حاصل في العراق. لهذا أنا لست خائفا، بل انا مع أن يأخذ كل مواطن حقوقه، وكل أقلية أن تكون مصانة دستوريا وقانونيا، دون ان تفتت هذه المسألة سيادة الدولة الواحدة، ومادون ذلك أنا لا أعترض عليه مطلقا. التمثيل السياسي، يكون تماما كالأمثلة التي أوردها الصديق زيور. وأكيد يعرف الصديق زيورquot; ان هذه القوميات التي يتحدث عنها في إسبانيا وبلجيكا، ليس لديها ممثلين خاصين ودبلوماسيين، خارج سفارة بلجيكا وأسبانيا، وليس لديهم جيش خاص بهم، وليلاحظ الصديق زيور كيف غطت كل وسائل الإعلام الكردية الزيارة التي يقوم بها السيد مسعود البرزاني رئيس أقليم كوردستان العراق، فلم تأتي غالبية المواقع الكردية على ذكر العراق في تغطية الخبر بالعناوينquot; الرئيس البرازني يلتقي أوباما، أو الرئيس البارزاني يزور الولايات المتحدة الأمريكية ويلتقي اوباماquot; لم أر عنوانا واحدا فيه كلمة العراق!! وهذا يقودنا إلى المقطع الأخير في المقالة، حيث يختم مقالتهquot; فإن شكل الشراكة الديمقراطية، لمكونات الشعب السوري، في وطنهم، لا يمكن رهنه، ببازار الموازين، و لو كان الأمر متوقف عند هذا الحد، لأمكن القول أن الكرد بإستطاعتهم، الذهاب في طروحاتهم، أكثر من ما هي مطروحة في الوقت الراهن، باعتبار أن موازين القوى، تميل الى صالحهم، سياسيا ً و تنظيميا و جماهيريا ً. لهذا يجب إستبعاد الموازين، من على طاولة الحوار، و عوضا ً عنها، يجب إعطاء الجانب القانوني و الحقوقي الحيز الأهم.quot;
من أين استشف الصديق زيور أن الموازين في مصلحة القوى السياسية الكوردية في سورية؟
أما بالنسبة للعراق، فلا مصلحة إطلاقا للإقطاع السياسي الكردي هناك، ان يطرح أكثر مما يطرح، لأنه ليس من مصلحته مطلقا في ظل موازين القوى الذي حصد منها أكثر مما كان يتوقع أصلاquot; كوردستان العراق لي وأقاسمك بكل العراقquot; وطرح الانفصال هو أقصى ما يمكن أن يطرح! ولكن لماذا يطرح..طالما أن هكذا أفضل للنخب هناك؟ وهنا لدي سؤال بسيطquot; الآن هل يستطيع فقراء كوردستان العراق ومعارضتهم، الاحتماء بمؤسسات الدولة العراقية المركزية، من تغول سلطة نخب الأقليم؟
حاولت في القسم الأول من هذا الحوار ان اتعرض لنقطتين مباشرتين، طرحهما الصديق زيور، وهنا اود ان أعود لتوضيح بعض المسائل، أولا لا اعرف كيف فهم من مقالاتي أنني اتحدث بوصفي عربي شوفيني؟ وانا لن أبرر أبدا ولكن يسعدني أن يدلوني الآخرون كيف بدا لهم ذلك؟ والناس في وطننا تخاف مما جرى ويجري في العراق، وخوفها مبرر جدا، والأسباب عديدة ولكن اهمها، انه لم يعد هنالك دولة عراقية، وهنا على الآخرين التمييز بين سلطة مركزية ديكتاتورية كالموجودة في سورية، وبين الدولة الديمقراطية ذات السيادة الواحدة الموجودة في كل الدول الديمقراطية، حيث السلطة هنا تأتي بالانتخاب. وتبقى سلطة الدولة على كل مواطنيها بأكثريتهم واقليتهم، دون مساس او بعثرة.
لهذا وكي يكون الحوار أكثر عملية، يجب ألا نبقى في إطار العموميات والنظريات، والتي تحتاج إلى عملية تبيئة سورية، النظام في سورية يلعب بهذه الورقة والجميع يعرف بما فيها الأحزاب الكردية، وهذه قضية ليست جديدة عليه، فهو يلعب كل من شأنه زيادة حدة الشقاقات العمودية في المجتمع السوري، تارة دينيا وتارة طائفيا وأخرى إثنيا.
- هل يمكن أن ننص أن سورية بلد متعدد القوميات؟ ولماذا؟
- هل ستبقى الحركة السياسية الكردية تبني نفسها، بهذا الطابع الضيق دون الانخراط بمستويات سياسية وحزبية، تعبر عن حالات أفقية مجتمعية، كان تقول الحزب الاشتراكي الإسباني، أو الحزب الجمهوري الأمريكي، الذي يضم مواطنين أمريكيين فقط دون أي تعريف آخر، ودون أن تبقى هذه الأحزاب تكرس طابعها القومي الضيق بالنسبة لسورية، وكي لا تعطي النشاط السياسي العربي ورقة التمسك بهوية سورية العربية؟
- ماذا تعني إدارة ذاتية.. وفق الوضع السوري؟
- هل تعني إعطاء التمثيل السياسي الكردي، نسبة المواطنين الكرد 7% كما تقول بعض المصادر، او 10% كما تقول مصادر اخرى، في المؤسسات السياسية السورية الديمقراطية المرجوة؟ أم هناك صيغ أخرى؟
- ألا يجب ان ترى النخب الكردية، أن التجربة العراقية مفخخة، لدرجة يمكن أن تذهب بكل ما تحقق؟ لأننا لسنا امام دولة- أمة عراقية، بل نحن في حالة من ديلات عراقية؟
- هل المبادرة التركية لحل المسألة الكردية في تركيا تصلح كارضية للعمل عليها سوريا؟
- هل الشعور الجمعي الذي بدأ يتكون عند الأجيال الجديدة لدى الناشئة الكردية في سورية، يتكون بناء على مقولة التعايش؟ أم أنه يتكون بفعل الزخم الذي نمذجته التجربة العراقية؟ وبالتالي تجد دعوته السياسية موئلا في تشظي الدولة السورية؟
- النظام السوري لن يحل أي مشكلة سورية حقيقية، فهو يعيش أصلا على وجود هذه الإشكاليات، إلا بفعل القوة؟
- ماذا يعني أن نبقى ندور في حلقة كل من يختلف معي هو شوفيني، أو انفصالي؟
- أليس الحديث عن كوردستاني وغرب كوردستان هو لإزالة أية صفة سورية عنها؟
- البعث السوري، حزب منته ولا يملك مؤسسات تقرر، بل مؤسسات تغطي سلوك النظام على كافة المستويات بما فيها سلوكه تجاه شعبنا السوري عموما، أم أن الأصدقاء لا زالوا يعتقدون أن البعث هو الحاكم، رغم انه أساسا حزبا لاوجود للديمقراطية في أدبياته؟
- خطأ المعارضة السورية بكل فصائلها في الداخل والخارج، أنها لازالت تستحي من مناقشة القضايا الحساسة، وفق لغة السياسة وليس وفق لغة الأيديولوجيا.
وللحديث بقية.
بروكسل.
التعليقات