قبيل احتلال العراق كانت جريدة المؤتمر التي يشرف عليها الدكتور أحمد الجلبي ويرأس تحريرها الكاتب المعروف والمنظر لحزب البعث سابقآ حسن العلوي تصلني بانتظام ولا زلت أحتفظ بالكثير من أعدادها، وفي أحد افتتاحيات الجريدة كتب السيد حسن العلوي مقالآ مثيرآ كعادته تناول فيه حساسية الموقف والتحركات الجارية لشن الحرب على العراق وأشار بأن العمليات العسكرية ضد نظام صدام ستبدأ ولا من سبيل لإيقافها إلا بأسقاط النظام الدكتاتوري وأقامة نظام ديمقراطي حر تعددي. وكان السيد حسن العلوي يؤكد في تلك الأفتتاحية بأن النظام سينهار وستعلن قناة الجزيرة الحداد وستظهر جرائم نظام صدام بحق الشعب العراقي. وبعد أن صحت رؤية الأستاذ حسن العلوي وتحققت أحلامه وتغيرت الأوضاع في العراق،أصيب الرجل بخيبة أمل كبيرة عندما لم يعهد له بأي منصب سياسي رفيع في النظام السياسي الجديد كما كان يتوقع، بل حتى مطالبته بمنصب سفير العراق في سوريا بقي مجمدآ رغم تسلمه مخصصات هذا المنصب حتى أنه بات يعرف بسعادة السفير حسن العلوي لذلك فلا عجب من انقلابه على النظام الذي كان يبشر به وأصبح ناقمآ عليه مهاجمآ له في كل المحافل، ليعود مرة أخرى ويعترف بهذا النظام السياسي الذي يصفه بصنيعة الأحتلال من خلال القائمة الوطنية العراقية كأحد مرشحيها للأنتخابات المقبلة واضعآ نصب عينيه هذه المرة، كم يقال،سفارة العراق في الكويت حيث منصب السفير لا زال شاغرآ. وقد دأب على صياغة علاقات كثيرة ومتشعبة في الكويت وخاصة عندما كان يٌسوق نفسه على أنه صندوق أسرار صدام وعلاقته به هي علاقة الند للند أو الصديق بصديقه والايحاء في بعض الأحيان لوسائل الأعلام أو حتى لبعض الشخصيات العربية التي تلتقي به بأن العلاقة التي كانت تربطه بصدام تماثل علاقة هيكل بعبد الناصر، وللتوضيح فقط فأن الكاتب والمفكر المعروف هيكل لم يبع عبد الناصر ولم يوظف علاقته بعبد الناصر للكسب من أعداء عبد الناصر.


والأمر المستغرب والمثير للاهتمام هو قيام الكويت بتوجيه دعوة أستضافة للأستاذ حسن العلوي ليحاضر فيها عن تأثير الأنتخابات العراقية في المنطقة رغم ضبابية مواقفه في كثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه ترفض دخول حتى الفنانين العراقيين وتمنع وتحارب كل ما يمت للعراق بصلة وتواصل سلسلة تعدياتها المستمره على العراق، وبذكاءه المعهود تطرق في محاضرته الى مسألة ضم الكويت الى العراق وقال بأنها أي الفكره ليست بعثية لكن صدام هو الذي كانت تختمر في عقله وقلبه مثل هذه الأفكار. لكن الأستاذ حسن العلوي قد نسى أو تناسى عن قصد أن مسألة اعادة الكويت وضمها الى العراق لم تكن أبدآ فكرة صدام فقط بل هي حقيقة وشعور في وجدان كثير من الذين تعاقبوا على حكم العراق أن لم يكن شعورآ وطنيآ شعبيآ عامآ.

قطعآ نحن لا ننتقد تغيير القناعات وتصويبها ولسنا ضد البراغماتية التي تتطلب مراعاة ظروف كل مرحلة والتكيف معها بطرق مشروعة لكننا في الوقت نفسه نرفض الروح الأنتهازية وخاصة عندما يكون على حساب الوطن والمتاجرة بقضاياه (وهذا الكلام عام ليس مقصودآ فيه الأستاذ حسن العلوي )، فازدواجية المواقف وتناقضات الخطاب الفكري والثقافي والسياسي لبعض الكتاب والمثقفين العراقيين الذين أصبحوا أقلام للأيجار أينما تميل مصالحهم يميلون دون الالتفات الى معايير المبادئ والوطنية والأخلاق وحتى الرزانة في الطرح أصبحت هذه الصفات ماركة تميز هؤلاء، والبعض يحاول إيجاد الأعذار لهذه الطبقة من المثقفين عن طريق الفرض بأن هؤلاء نشأوا في بيئات إستبدادية قاسية فرضت عليهم ثقافة ولائية انتهازية غير حرة تجذرت فيما بعد وأصبحت جزءآ من خطابهم الفكري ومشروعهم الثقافي، لكن بالمقابل هنالك أيضآ طبقة من المثقفين الذين عانوا ما عانوا من شظف العيش وقسوة الحياة وسيوف الأستبداد التي كانت مسلطة عليهم لكنهم بقوا أحرارآ فيما يؤمنون وبعضهم دفع حياته ثمنآ لمبادئه وحرية قلمه.


من المؤكد أن الأستاذ حسن العلوي يمثل ظاهرة فريدة في الثقافة العراقية فهو واسع الأطلاع ملم بكثير من مراحل التأريخ، أسلوبه في الكتابة يمثل موهبة حقيقية لا تتوفر للكثيرين من أقرانه، لكن نهجه وخطابه الذي أخذ يميل مؤخرآ الى التعالي، وثقته الزائدة والمفرطة بنفسه، وازدراءه للجميع، وماضيه، وتقلباته، ومغازلته لكثير من أعداء العراق والتودد لهم كلها أمور تجعل مستقبله السياسي غير واضح علاوة على أن حسن العلوي الكاتب وفي أكثر من مقال ومقابلة له كان يؤكد على أنه يفضل أن يبقى كاتبآ ومفكرآ على أن يكون وزيرآ أو سفيرآ،، كي لايقال السفير السابق او الوزير السابق ليبقى الكاتب حسن العلوي كما يؤكد. أذآ لماذا هذه الهرولة الى هوة السياسة ومستنقعاتها،،، سؤال يطرح نفسه؟؟ وهو الان مرشح ليكون نائبا في البرلمان العراقي أو ربما سيكون وزيراً أيضا؟ فمالذي تغير؟ حيث سيكون بعد وقت لو فاز حسن العلوي النائب السابق.

[email protected]