حصل لقاء بين عراقيين مقيمين في لندن والسيد طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية الوضع الراهن في العراق وذلك مساء يوم الخميس الثامن والعشرين من كانون الثاني،تناول اللقاء مسألة الإنتخابات المزمع اقامتها في العراق يوم السابع من آذار المقبل والتداعيات السياسية التي تحيط بهذه الإنتخابات وما قد تنتج عنه من إرباكات تزيد المشهد السياسي العراقي تميعا وتبعثرا خصوصا وأن ممارسة حكومة الإحتلال الرابعة بقيادة رئيس وزراء الوضع الراهن نوري المالكي تعطي المؤشر تلو الآخر بظهور حالة التفرد الحزبي والطغيان الفردي لشخص رئيس الوزراء والزمرة المحيطة به من قبادي حزبه (الحاكم!!)،حزب الدعوة،،مع كل قصص الفساد المالي والإداري التي باتت فضائحها تتفجر على شكل نشرات اخبارية يومية ومن (أبطال ) يتولون مسؤوليات تشريعية، تنفيذية، وادارية رئيسة في جسم الدولة العراقية المنكوبة بالإحتلال وعملاء الأجنبي في العراق!!


كان من المقرر لهذا اللقاء أن يستغرق ساعتين فقط، ألا أن كثرة المحاور والمداخلات والأسئلة من الحاضرين مددت الوقت لأكثر من ساعتين،وفي زحمة الوقت لم يكن من الممكن والعملي التركيز على كل المحاور وتناولها لذا انتقيت محورا واحدا حاولت أن ابرزه وماهية الموقف الوطني العراقي منه بعد أن جعله الإحتلال وعملائه الحاكمين عصا يفرقون بها الشعب العراقي الواحد،، وهذه المفردة المدانة هي (اجتثاث البعث)،وبحكم الأحداث،، فقد كان هذا الموضوع مع شقيقه التؤام السيء الصيت (قانون المساءلة والعدالة ) هما احد المحاور الرئيسة في هذا اللقاء وكان في جيبي ورقة مكتوبة بهذا الخصوص كنت قد شاركت فيها من خلال ارسالها للتلفزيون البريطاني (القسم العربي) لندوة كان قد عقدها لهذا الغرض بتاريخ 25/1/2010،ولذا فقد تكلمت حول هذا الموضوع وأوصلت الورقة للسيد الهاشمي ومن المفيد هنا أن أعيد تثبيتها وعرضها للقراء العراقيين والعرب الكرام حيث قالت نص الورقة الآتي
السادة بي بي سي المحترمون
تحية طيبة
أحتفظ بنص المحاضرة التي كنت قد نظمتها وألقيتها هنا في لندن بالقاعة المعروفة بإسم (همرسميث تاون هول) وذلك في 7/6/1991! وسط حشد عراقي سياسي معارض وقد نشرت في وقتها بأكثر من صحيفة عراقية معارضة،، كان عنوان المحاضرة (المعارضة العراقية وصدام حسين،،بين الممكن والمستحيل)،ونظرا لأن المحاضرة طويلة نسبيا لذا سأرسل الفقرة الخاصة بحزب البعث فقط والتي كان موقعها في المحاضرة تحت رابعا،، ولا بأس قبل أن أبدأ بهذه الفقرة من التطرق الى رؤوس الأقلام في تلك المحاضرة والتي كانت على الشكل التالي
أولا- المقدمة
ثانيا- الأزمة العراقية الكويتية وهي مقسمة على أربع فترات زمنية
ثالثا-ماذا عن الممكن والمستحيل؟؟ (مختصر هذه الفقرة أن من الممكن إزاحة صدام حسين عن السلطة في العراق ومستحيل اللقاء معه)
رابعا-الموقف من حزب البعث (الحاكم)
خامسا- خاتمة
والآن أعود لنص الفقرة رابعا والتي هي
رابعا-الموقف من حزب البعث (الحاكم)
بقيت مسألة أخيرة لابد لي أن أتطرق إليها بالصراحة والوضوح وهي التي تثير جدلا واجتهادات متعددة داخل بعض اوساط المعارضة العراقية وبمرامي متعددة
هذه المسألة هي الموقف من حزب البعث السلطوي (الحاكم)،بإعتقادي أن الموقف الوطني العقلاني يحتم علينا أن نقيم هذه الحالة مبتعدين عن العواطف الذاتية وردود الفعل التي تخدم مصلحة شعارات مضادة وتحاول تحقيق كسب ظرفي مؤقت،،واقترح بذلك اعتماد الأسس التالية:-
1-ان المعارضة العراقيةوحركتها هي ليست ضد حزب البعث كحزب وإنما هي ضد صدام حسين ونظامه وممارساته المرتكبة تحت اسم وشعارات هذا الحزب،دليل المعارضة العراقية في منطقها هذا هو أنها تعمل وفي صفوفها تنظيما لحزب البعث-قيادة قطر العراق-إضافة الى الكثير من البعثيين الذين كانوا في التنظيم السلطوي وانتهجوا مواقف مضادة تعرضوا من جرائها ولا يزالون لمطاردات النظام وكانوا هدفا لتصفياته الدموية المعتادة،،
2-هناك إجماع داخل المعارضة العراقية ووفقا لبرامجها وتحالفاتها المعلنة،، يقضي هذا الإجماع على محاسية (المرتكبين ) في سلطة صدام حسين وفقا للقانون،وكلمة المرتكبين قد تعني من هم منتمون لهذا الحزب السلطوي أم من هم خارجه ولكن في منظومة النظام الديكتاتوري القائم،،
3-ان التورم العددي الظاهري في هذا الحزب سوف ينتهي حينما يتم فك ارتباط الحزب السلطوي مع مؤسسة الحكم ويعود بذلك الى حجمه الطبيعي داخل المجتمع العراقي وبعد أن يكون قد تخلص من المرتكبين في صفوفه،، ان ذلك فيما لو تحقق فإنه سيوفر أرضية صالحة لهذا الحزب على صعيد الحياة الوطنية الجديدة المنشودة في العراق،،وعلى الحالة الجديدة للبعث أن تلفظ العمل السري وأساليبه وأجهزته حيث ان الطموح السياسي في العراق الجديد هو العلانية،،كذلك عليها أن تنبذ أساليب التآمر والإنقلاب العسكري لإغتصاب السلطة السياسية وتقر مع بقية القوى العراقية بإتباع اسلوب تداول السلطة السياسية بالوسائل الديمقراطية والدستورية والشرعية،،
انتهى نص الفقرة رابعا ولن أعلق عليها الآن،،
مع مودتي ودمتم
اسماعيل القادري
سياسي عراقي مستقل

ومن يقرأ هذه الأفكار التي ثبتت قبل تسعة عشرة سنة، قد تتولد لديه القناعة بأن (المعارضة العراقية ) للنظام السابق في العراق لم تكن محصورة أو معتمدة بشكل رئيس على هذه الوجوه الكالحة التي جاءت مع الإحتلال واستمرأت الإنبطاح للأجنبي وسلمت بذل وهوان مقادير الأمور والشعب العراقي للمحتلين لقاء تمكنها من حكم العراق ونهبه وتدميره كما حدث ويحدث خلال السنوات السبع السوداء الماضية،فلقد كنا منتبهين في المعارضة العراقية الوطنية بالخارج، لممارسات الديكتاتورية الحاكمة في العراق ونحن من ضحاياها وماهية وتداعيات ذلك على الشعب والدولة والحزب (الحاكم) نفسه،ولو كان هناك ما يسمى بالنفس الوطني المخلص للعراق بعد انهيار النظام في 9/4/2003 لما جرى اعتماد منطق الثارات والتصفيات والإجتثاث والإستحواذ ومن ثم النهب لكل شيء تطاله اليد والإستفراد بالقرار السياسي والحكم بالإعتماد على مجاميع متمرسة بالإعوجاج السلوكي وحتى في زمن النظام السابق حيث كان أغلبها من عناصر اليد الضاربة الظالمة للنظام وممارساته القمعية اليومية وبعد السقوط،، سرعان ما غيرت لافتاتها ومن دون أن تغير من جلدها وسلوكها العدواني الشائن، وللأسف فإن ما يحصل اليوم وغدا في العراق هو استمرار هذا التشرذم على كل الصعد ما لم تتكاتف القوى الحقيقية وتجمع الناس على برنامج عراقي وطني عريض للتحرير والبناء.
ومن مهازل هذه الأيام وما أكثرها،،أن تصريحا صدر عن الجنرال الأمريكي (بيتريوس ) قبل أيام لصحيفة (التايمس ) اللندنية قال فيه أن ما يسمى بهيئة المساءلة والعدالة في العراق تتلقى الأوامر والتوجيهات من فيلق القدس الإيراني والمدعو قاسم سليماني،، وكان لهذا التصريح اعتباره ودويه الخاص في كافة الأوساط السياسية المهتمة كون الجنرال الأمريكي المذكور قد خدم في العراق لأكثر من سنتين كقائد لقوات الإحتلال المتعددة الجنسيات بين شباط 2007 وأيلول 2008 ويشغل منذ ذلك الحين منصب قائد القيادة المركزية الأمريكية حيث مقرها في فلوريدا ومسرح عملياتها ممتد من أفغانستان ووسط آسيا والى منطقة القرن الأفريقي مرورا بإيران والعراق والخليج والسعودية واليمن والصومال!!،، فما كان لنا الا أن نقرأ تصريحا عنتريا من علي اللامي وهو المسؤول عن هيئة العدالة والمساءلة يرد فيه على الجنرال (بيتريوس) قائلا،،( لو كان بيتريوس عراقيا لأجتتثناه هو الآخر!!! )،، ولا أدري هل أن حزب الدعوة (الحاكم) بالعراق قد طور مفاهيمه ومواقفه من تعاطي المشروبات الكحولية وأنه الآن يسمح بذلك شريطة ألا يزيد المتعاطي من العيار!! لذا من المتوقع أن يحاسب اللامي هذا على زيادته للعيارعن الحد المسموح به!! أما حال المواطن العراقي فيلخصه المثل العراقي المشهور ( بيش تداويها حتى تطيب!!)

لنـــدن في 30/1/2010 اسماعيل القادري