الاهتمام الاقليمي و الدولي بالانتخابات العراقية القادمة في بداية شهر آذار/مارس المقبل، يعکس بصورة واضحة التأثيرات و التداعيات الملفتة للنظر التي ستخلفها الانتخابات على هذين الصعيدين، وان تواتر الانباء و التقارير الخبرية المتباينة عن تشکيل لجان او هيئات او بعثات مختلفة من أجل متابعة الانتخابات، يؤکد بأن هناك توجسا حقيقيا من تجيير الانتخابات لسياقات سياسية أمنية محددة لأطراف إقليمية. هذا التوجس الذي الذي يتجسد في قلق اوساط و محافل سياسية و دبلوماسية في بروکسل و فينا على وجه التحديد، صار عاملا قويا لحث وجوه سياسية اوربية بارزة کي تعمل مافي جهدها من أجل التصدي له بکل جدية.


ويقينا ليس بالامکان الجزم ببراءة مختلف الاطراف الدولية او الاقليمية من السعي من أجل تدخلات محدودة في الشأن السياسي العراقي في سبيل حماية مصالحها و امنها القومي، لکنه وفي نفس الوقت ليس بالامکان التغاضي أبدا عن الدور(الرئيسي)و(الفعال)و(الحاسم الى حدما)الذي يلعبه النظام الايراني في الشأن العراقي وان هناك تقارير استخبارية متباينة تؤکد على أن طهران قد أعدت نفسها بشکل غير إعتيادي لکي تجير الانتخابات العراقية لصالح سياساتها و اجنداتها المتباينة على الصعيدين الاقليمي و الدولي، وان النقطة الجديرة جدا بالملاحظة أن النظام الديني الاستبدادي في طهران سعى و يسعى لفرض رؤيته الخاصة على الساحة السياسية العراقية من خلال إستخدام ذکي لأبجديات الواقع السياسي العراقي و توظيفها من أجل مآربه الخاصة و المشبوهة سيما في تحديد من بإمکانه المشارکة او عدم المشارکة و واضح و جلي بأن هذا النظام وفي الوقت الذي يعيش ازمة سياسية خانقة في الداخل و يواجه وضعا دوليا بات يتعقد يوما بعد آخر، يريد ان يحل جانبا من مشکلاته و ازماته المختلفة من خلال تجيير الوضع السياسي العراقي لصالحه واستخدامه کورقة في لعبتها مع المجتمع الدولي.

النظام الايراني الذي باتت الاوساط السياسية الاقليمية و الدولية تتناقل عن کثب التقارير الخاصة عن اوضاعها الداخلية(الصعبة)، حيث هناك ظلال داکنة لعملية صراع السلطة و النفوذ بين أرکان قوية من داخل النظام نفسه ناهيك عن الدور القوي و الفعال الذي باتت تؤديه المعارضة الايرانية بإتجاهاتها المتباينة والتي تساهم هي الاخرى بالقسط الاوفر من زعزعة الدعائم الاساسية لهذا النظام الاستبدادي الشمولي، في هذا الوقت بالذات، لم يعد أمام هذا النظام سوى اللعب بأوراقه الخارجية التي صرف من أجل إمتلاکها أموال الشعب الايراني المغلوب على أمره وهو يسعى من خلال ذلك الخروج من أزمته الخانقة او على الاقل إيجاد منفذ ما يساعده على المطاولة لفترة أخرى على حساب مصالح و طموحات و مستقبل الشعب الايراني وجلي ان طهران قد حزمت أمرها بإتجاه إستخدام الورقة العراقية على أفضل مايکون وهي قد جندت من أجل نجاح لعبتها هذه کافة إمکانياتها و نفوذها داخل العراق وانها تريد إقصاء او تهميش او تقليص دور القوى السياسية العراقية الوطنية الرافضة لسياسة التدخل الايراني في الشأن العراقي الداخلي و هي تقوم في سبيل ذلك بخلط الاوراق و التلاعب بالمفاهيم سعيا منها لإنجاح سياستها بهذا الاتجاه ويقينا أن هذه السياسة المشبوهة و الخطيرة للنظام الايراني ستکون لها تأثيراتها و تداعياتها البالغة السلبية على العراق نفسه و المنطقة و العالم لأنه سيساهم بجعل المشروع السياسي الفکري لهذا النظام أمرا واقعا لامناص من القبول به وعندها لات حين مناص!