أثناء حضوري لمؤتمر ما، لفت نظري وجود عدد كبير من المحجبات بين الحاضرين، فنظرت لصديقي الذي كان بجواري، قلت له انظر كم عدد المحجبات ذوات البشرة البنية الشرق أوسطية، أن عددهن يقترب من خمسة بالمائة من عدد الحاضرين فلو افترضنا أن علي الأقل مثل هذا العدد يوجد مسلمات غير محجبات ورجال من المسلمين لبلغ عدد المسلمين عشرة بالمائة!!! فرد وقال هذه كندا التي تحترم الجميع وليس الشرق الأوسط. قلت نعم هذه كندا العظيمة ومن أجل ذلك نحن هنا، والمجتمع المحترم هو الذي تمثل فيه جميع الأقليات بنسبة معقولة، والمجتمع الظالم هو الذي يأكل حقوق الأقليات.

عدت سريعا بالذاكرة عندما خابرني صديق أخر ليقول لي قامت مجلة روزاليوسف المصرية بعمل تحقيق تحت عنوان الأقباط معزولين أم منعزلين وقاطعته قبل أن يكمل حديثة قائلا rdquo;وطبعا انتهت أن الأقباط منعزلينquot;، وأجابني بالإيجاب.

الأقلية أي أقلية في أي مجتمع تشعر بالخوف والضعف فتكون خطوات اندماجها في المجتمع بطيئة وثقيلة، فيكون دور المجتمع والأغلبية هو مد يده للأقلية والدفع بها للتقدم وتساهم في بناء وتنمية المجتمع، هذا إذا كان المجتمع مجتمعا عادلا، أما المجتمعات الظالمة فهي التي تأكل حقوق الأقليات التي بها، غير مدركة إنها بذلك ترتكب جريمة في حق نفسها أولا وفي حق وطنها ثانيا. ولو نظرنا للمجتمع المصري لوجدناه علي عكس المجتمع الكندي تماما، فإذا كان الثاني رمزا للعدل والمحبة للأقليات فالأول رمزا للظلم والتكبر وأكل حقوق الأقليات.

إذا تقوقعت الأقلية علي ذاتها وبنت بينها وبين المجتمع أسوارا وعاشت بداخلها فالجريمة تقع علي الأغلبية وعلي النظام القائم في المجتمع، فهو الذي فرض العزلة علي الأقلية وزرع الخوف في قلوبها وأجبرها علي الاختباء خلف الأسوار، والأقباط مثال للأقلية المظلومة والمضطهدة، فتجدهم يغيبون عن قطاع كامل كالرياضي مثلا، فمنذ ذهاب الطفل لاختبارات الناشئين في مختلف الألعاب يموت أملة وحلمه ويقضون علي موهبته لمجرد أن أسمة يدل علي أنه مسيحي، الأمر الذي لو استغله الأقباط وقدموا شكاوي للجنة الاوليمبية الدولية لحرمت مصر من المشاركة في أي نشاط رياضي دولي. وهكذا في معظم المجالات تقتل الموهبة القبطية وتتعرض للظلم والقهر لمجرد أن صاحبها مسيحي!!! لو ذهبنا لأي جامعة في مصر وقمنا بدراسة حول نسبة الطلبة الجامعيين لنسبة هيئة التدريس، أو دراسة في قطاع الأمن المركزي بين نسبة الأقباط المجندين ونسبة الأقباط الضباط، لانكشفت الحقيقة المرة!!!

وهذان المثالان يكفيان لأنهما يضمان صفوة الشباب المتعلم، وقاع الشباب الذين حرموا من التعليم. لو كان المجتمع المصري عادل لوجدنا الأقباط ممثلين بنسبة تواجدهم بالمجتمع بنسبة متساوية لتواجدهم بمختلف المجالات، أتمني من الجميع الموضوعية و قراءة كلماتي بعقل منفتح وقلب محب للوطن، فمن الظلم أن نحرم الوطن بظلم نصف أبنائه ممثلا في المرأة ثم من خمس أبنائه ممثلا في الأقباط، وكفاكم ترديد مقوله ساويرس ويوسف بطرس غالي فقد أصبحت أسطوانة مشروخة، ليتكم تشعرون بالخجل عندما تعرفون أن نسبة الأقباط في مجلس الشعب المصري أقل من نسبة عرب ثمانية وأربعين في الكنيست الإسرائيلي بكثير!