الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، على أعتاب إنعقاد مؤتمره العام الثالث، الذي لوقيَ بدعم جماهيري من أنصاره، وتنبأ أعداؤه بفشل إنعقاده، على الرغم من التحضيرات التي أجريت والإنتخابات التمهدية له والبلينوم quot;المؤتمر المصغرquot; الذي إنعقد في منتصف العام الماضي تمهيداً لإنعقاد المؤتمر العام.

ثقل هذا الحزب داخلياً وإقليمياً وعالمياً جعل من وسائل الإعلام منحه حصة الاسد في مسألة عقد مؤتمره العام الثالث، وترددت آراء وهمية حول عدم إنعقاده أو نجاحه في منصات إعلامية مختلفة وبالأخص في الداخل، وفي اول رد على ما قيل إنعقد البلينوم quot;المؤتمر المصغرquot; بمشاركة 2500 عضو، والآن استكملت التحضيرات والإستعدادات لعقد المؤتمر العام.

ومن المعلوم ان كل حزب في العالم له برنامج شامل يوضح أعماله ومهامه ويجمع شمل أعضائه، كما هناك نظام داخلي لكل حزب وبالأخص الأحزاب الإشتراكية ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة على شاكلة الإتحاد الوطني الكردستاني.


النظام الداخلي يعبر عن فلسفة الاتحاد الوطني الكردستاني السياسية وينصب على تنظيم العلاقات الداخلية، وتكمن اهمية النظام الداخلي الذي يعتمد عليه في تأمين الاستقرار داخل الخلايا، وكلما كان الالتزام بتنفيذ بنود هذا النظام رفيع المستوى كان الاستقرار اقوى وأمتن، يضمن هذا النظام العمل على شكل مؤسساتي ويعتمد في هذا المجال على ركيزتين اساسيتين في عمل المؤسسات احداهما التوزيع المناسب للسلطة على الخلايا، والاخرى، تأمين آلية عمل ضرورية لحسن ادارة عمل الخلايا اضافة الى تأمين الضمانة الكافية ضمانا للالتزام بهذا النظام.


ما يخطر ببالي وأود أن أوضحه للقارئ الكريم، هو جانب من مشروع النظام الداخلي وبرنامجه الشامل المصوغ من اعضاء القيادة والمكتب السياسي، وبالطبع الأمين العام للحزب..

فمن خلال عملية ترجمتي للبرنامج والنظام الداخلي للحزب من اللغة الكردية الى العربية، مع الزميل عبدالله علي سعيد، تبين لي جملة من التطورات الكبيرة المخطط لها، رغم ان ما ترجم هو ليس السعفة الذهبية النهائية، كون البرنامج والنظام الداخلي سيعرض على الكوادر التي ستشارك في المؤتمر المقرر إنعقاده في الأول من حزيران القادم، المصادف الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الاتحاد والذكرى الرابعة والثلاثين لإنطلاق شرارة ثورة شعب كردستان الجديدة بقيادة الاتحاد الوطني، وبالتأكيد الكثير من الجوانب والفقرات ستتعرض لتغييرات او إضافات او حذف.

الإتحاد الوطني الكردستاني هو حزب إشتراكي ديقراطي لشعب كردستان، يهدف الى إستكمال المهام التحررية الوطنية وتحقيق العدالة الإجتماعية وبناء مجتمع مزدهر منسجم مع الظروف الراهنة في العالم، ومتوافق مع اسس تعايش سلمي مشترك ومتوازن، يتمثل في توفير الرفاهية وحماية حقوق الإنسان وحقوق الأفراد والمساواة أمام القانون، وفي الوقت نفسه يعتبر توفير المساواة في فرص العمل، والتطور المستقل للأفراد والقضاء على الإضطهاد، والتمييز الجنسي والطبقي والقومي، كجزء أساسي من هذه العدالة الإجتماعية، من صلب واجباته، ويرى أنه بهذه الطريقة يمكن ضمان السلم الإجتماعي في كردستان والعراق.

ويناضل الإتحاد من أجل: السلم، الديمقراطية، الحرية، المساواة، ترسيخ اسس إقتصاد السوق، العدالة الإجتماعية، الرفاه، سيادة القانون، حق المواطنة، المجتمع المدني، حق تقرير المصير، التعاون والتعايش السلمي المشترك بين الشعوب بأمان، على أساس إحترام حقوق وإرادة الآخر، الإلتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع الإتفاقات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.النضال الديمقراطي في سبيل تحقيق حق تقرير المصير لشعب كردستان. وهو ضد الدكتاتورية، الحرب، الإحتلال، الإضطهاد، التمييز العرقي، الطبقي، الجنسي، الديني والمذهبي، إنتهاك حقوق الإنسان، الشوفينية، الرجعية، الإرهاب.
بشكل مختصر هذا ما نص عليه في برنامج الإتحاد من تعريف ومن أهداف مختصرة ذكرتها في مقالي.

حدد المشروع الداخلي شروطا للعضوية في الحزب على ان لايقل عمر العضو عن (16) سنة، وان يلتزم بالنظام والكفاح من اجل تنفيذ البرنامج، وان يتمتع بسمعة حسنة و يكون له وعي سياسي ووطني.

وشمولية برنامج الإتحاد الوطني الكوردستاني تضاهي برامج الحكومات الناجحة في مجرى عملها، وهناك مسؤوليات جسيمة في كل مجال، حيث تبين لي بان عملية التغيير والتجديد والإصلاح والقضاء على الفساد، ترسخت جذورها فعلاً في برناج عمل الحزب ونظامه الداخلي.
إجراء حملة وطنية شاملة للتوعية ومحاربة الفساد على جميع المستويات والصعد، وخاصة (الحزبية، الحكومية، القطاع الخاص، منظمات المجتمع المدني..الخ) عن طريق إتباع الاساليب القانونية إزاء هذه المشكلة وبذل الجهود لإلزام الحكومة بإتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، وبالمقابل إتباع الشفافية في جميع هذه المجالات والمستويات، بحيث تصبح السمة البارزة للحكومة والمجتمع الكردي وذلك عن طريق تنشيط وتوحيد مؤسسات الرقابة المالية وتأسيس هيئة النزاهة في كردستان.

المؤتمر الأول للإتحاد الوطني الكردستاني

عقد الإتحاد الوطني الكردستاني مؤتمره الأول في 27/1/1992، وفي هذا المؤتمر توفي عمر دبابه عضو المكتب السياسي للحزب، لذلك تم تأجيل المؤتمر عدة أيام، وشارك في المؤتمر 793 عضواً، و72 مشاركاً بصفة مراقب، وعدد كبير من الضيوف من أحزاب عالمية ومحلية وخبراء، وخلال المؤتمر تم ترشيح 36 شخصاً للقيادة، اختير منهم 15 عضواً للمكتب السياسي.
وكان شعار المؤتمر الاول quot;لنصن وحدة صفوفنا ونقوي الجبهة الكردستانية، نناضل من أجل تقرير المصير للشعب الكردي والمساواة وإحترام حقوق الإنسان في عراق ديمقراطيquot;. وخرج المؤتمر ببيان ختامي يحمل توصيات مهمة ومصيرية للحزب وللشعب الكردي والعراق بشكل عام، وتكلل بنجاح كبير بحسب آراء المطلعين.

المؤتمر الثاني للإتحاد الوطني الكردستاني

عقد المؤتمر الثاني للإتحاد الوطني الكردستاني في 30/1/2001، إستمر الى يوم 5/2/2001 بحضور 1247 عضوا، وإنتخب المؤتمر مجدداً مام جلال أميناً عاماً للحزب، وإختار المؤتمر أيضاً 37 شخصاً للقيادة، كان 10 منهم أعضاء إحتياط، اختير منهم 16 شخصاً كأعضاء للمكتب السياسي، خمسة منهم إحتياط.

المؤتمران quot;الأول والثانيquot;، مقارنة بالمؤتمر الثالث، كانت قاعدتهما أقل إتساعا، وفق برنامج المؤتمر الثالث ونظامه الداخلي القابل للتعديل، ويتحمل الإتحاد مسؤولية كبيرة تتعدى المصالح الخاصة للحزب التي كانت في المؤتمرين الاول والثاني نوعاً ما أكثر إبرازاً، وفي المؤتمر الثالث يتبين لي أن المصالح العامة كانت حيّة بوضوح في جميع فقرات وبنود برامج ونظام الإتحاد، فبعد أن رسخ الإتحاد أقدامه عالمياً وأصبح عضواً اساسياً في الإشتراكية الدولية وأمين عام الإتحاد انتخب نائباً لرئيس الإشتراكية الدولية، أصبح في مقدور الإتحاد ان يعمل على أساس المصالح العامة في الاقليم والعراق والمنطقة بشكل عام.

تقع على عاتق المؤتمر الثالث واجبات ألا وهي، انتخاب رئيس الحزب، تقييم تقارير رئيس الحزب ومجلس الرئاسة والمالية والمكاتب، اعداد وتعديل وتغيير البرنامج والنظام الداخلي،اتخاذ القرار بالابقاء على النشيد والعلم وشعارات الاتحاد الوطني الكردستاني او تغييرها، تقييم سياسة الاتحاد الوطني الكردستاني مابين مؤتمرين، مناقشة المسائل التي يعتبرها المؤتمر ضرورية لاتخاذ قرارات بشأنها، اتخاذ القرار بشان الشكاوى والمقترحات المقدمة، انتخاب اعضاء المجلس الرئاسي، انتخاب نصف اعضاء المجلس المركزي.
ويختار المؤتمر الثالث مجلسا رئاسيا يتألف من: رئيس الحزب، نائب الرئيس، امين عام مجلس الرئاسة، الهيئة التنفيذية، هيئة الرئاسة. ويختيار المؤتمر 34 شخصاً للهيئة القيادية. و119 عضواً للهيئة التنفيذية.

ومن هذا المنطلق أعتقد ان المؤتمر الثالث للإتحاد الوطني الكردستاني سيتكلل بنجاح، بالرغم من أنه نمت في داخل صفوفه خلايا نائمة تعمل على إفشال الحزب من جميع الجوانب وذلك في فترة ما بعد المؤتمر الثاني خصوصاً، ونشوء خلايا وأجنحة داخل صفوف الإتحاد دليل على حرية التعبير والإنفتاح الداخلي، والأخذ بنظر الإعتبار، والديمقراطية، التي يمنحها الحزب لأعضائه.

كلنا بإنتظار إنعقاد المؤتمر وخروجه بتوصيات لازمة وما يطرأ على الإتحاد من تغييرات تتلاءم مع الأوضاع الآنية..

* كاتب وصحفي من كردستان العراق
[email protected]