مرت في هذه الايام ذكرى quot; الغزو الصدامي quot; للكويت هذا السلوك الصنمي الذي ينتمي الى خانة الغدر والخيانة وبجدارة لاتقبل الشك، خاصة اذا ترافق هذا الموقف مع موقف الكويت الداعم للصنم في حربه العبثية مع ايران طيلة ثماني سنوات. وتاتي الذكرى العشرون للغزو الصنمي وقد تغير الكثير في الجانب العراقي الرسمي والشعبي تغير جوهري المفروض انه يصب في الخانة الايجابية الكويتية. ورغم ان الكويت ساهمت بشكل كبير في صنع هذا التغير الايجابي والجوهري في عراق اليوم لكن المفارقة وبعد مرور اكثر من سبعة اعوام على التغير ان الكويت مازالت تتعامل مع العراق وكأنه عراق ماقبل نيسان 2003.!!

كان من المتوقع بعد سقوط نظام الصنم ان الكويت الدولة والكويت الثقافية والفنية والشعبية تمد أواصر الصداقة والتفهم الواضح والحقيقي quot; بعيدا عن بوس اللحى او الشعارات القومية الفارغة quot; على أسس جديدة ومستقلة تضمن حقوق الجميع دون لبس او تأويل على اعتبار ان الخاسر الاكبر من استمرار الحكم الصنمي الطائفي في العراق الذي أمتد الى اكثر من ثلاث عقود كان الشعب العراقي قبل غيره، هذا الشعب الذي دفع دماء خيرة شبابه بسبب السياسات الطائفية للنظام في الداخل العراقي او في حروبه الخاسرة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هذا العبث الصنمي الدموي كان مدعوم بشكل واضح وصريح من معظم الدول العربية قبل غيرها.

ومن جانب اخر لايمكن لاي منصف ان ينكر حجم المعاناة والصدمة الكويتية من الغزو الصنمي ولااعتقد من الحكمة مطالبة الكويتيين بنسيان هذه الكارثة التي حلت بهم دون سابق انذار ولكن في المقابل ايضا لاوجود للحكمة عندما يتم مطالبة العراقيين بدفع تكاليف هذا الغزو وفي جوانب مختلفة ليس أولها التعويضات المالية وليس أخرها طريقة ترسيم الحدود التي حرمت العراق وبشكل يكاد يكون كامل من الاطلال على الخليج العربي اضافة الى مصادرة واستغلال ابار نفط عراقية. ان الكويت بحاجة الى نظرة شاملة وتغير جوهري لنوعية العلاقة التي تربطها بالعراق، لان الامور مازالت تسير بين الاثنين على خلفية الجانب النفسي والمعنوي لهذا الغزو الصدامي وايضا على خلفية بعض القرارات الدولية الغير منصفة التي صدرت أنذاك بحق العراق كبلد تحت وطأئة حكم الصنم ورضوخه لكل ماكان يعتقد انه يحفظ له كرسي الحكم قبل كل شيء. لااحد على الاطلاق يعتقد بان الكويت بحاجة الى هذا الميناء العراقي او ذاك من الارض العراقية ولا الى هذا البئر النفطي او ذاك كما ان التعويضات الكويتية اصبحت خنجر يطعن في الخاصرة العراقية ويزيد هذا الطعن ضراوة مع كل نسبة فوائد تضاف على هذه التعويضات.

وهنا الحكمة المتوقعة من القيادة الكويتية لاطلاق مبادرة اتجاه العراق تلغي هذه التعويضات وفوائدها المبالغ فيها وايضا اعادة بعض الامور الحدودية الى نصابها الحقيقي، ستكون هذه الحكمة وهذه المبادرة ذات وقع كبير لدى غالبية العراقيين وايضا ستكون بمثابة جدار حديد قوي بوجه المتطفلين والانتهازيين في كلا الجانبين والذين ترتفع اصواتهم بين حين واخر لاثارة المشاعر والمخاوف والتهديدات والعداوة بين الشعبين.

ان قدر العراق والكويت بالجوار مما يستوجب تجاوز الكثير من الاخطاء التاريخية والتعامل بروح التسامح واعطاء الفرصة لانطلاقة جديدة. فالعراق بلد كبير في تاريخه وفي جغرافيته وفي ديمغرافيته السكانية اضافة الى امكانياته الاقتصادية التي ترافقها كل عوامل الامكانية العلمية. لذلك التعامل مع العراق الاستثنائي quot; الضعيف quot; والبناء على هذا الاساس هي الكارثة بعينها لان العراق يملك خاصية وسمه نادرة حيث التاثير في محيطه وهو قوي مقتدر او ضعيف مشغول ببناء نفسه.

لذلك ليس من الحكمة ان يستمر ثلم الرغيف العراقي واقتسام كل quot; لقمة quot; عراقية عن طريق التعويضات مع الكارثة التي ترافقها والتي تسمى فوائد التعويضات. فالكويت تطالب بالامن والامان وهذا حق مشروع وأنساني، لكن ذلك لاياتي عن طريق مطاردة الخطوط الجوية العراقية في مطارات العالم ولاياتي عن طريق التعويضات التي فاقت كل تصور ولاياتي عن طريق ثلم ميناء ام قصر العراقي او ابار النفط العراقي، بل ياتي عن طريق التسامح المتبادل والعفو المتبادل والاقبال المشترك على فتح صفحة جديدة، بعيدا عن الاصرار على الفصل السابع او التصريحات quot; المرتبة مسبقا quot; للامين العام للامم المتحدة فهذا الاخير لايجاور الكويت و لان استمرار هذا الوضع الحالي قد يكون في نظر غالبية العراقيين بمثابة غزو متبادل مما يترتب عليه شعور بالغبن ومطالبة بالثار وهذه دوامة لن تنتهي وايضا ستكون أرض خصبة لكل متربص انتهازي لايسره العلاقة الطبيعية بين البلدين الشقيقين او المتجاورين.

[email protected]