أكدت الشواهد التاريخية على مر العصور وخلال المراحل المتعاقبة الى ان العقائد كلها سماوية كانت ام غير سماوية مرّت بمراحل تغيّر متعددة ان لم نقل quot;تطورquot; مستمر وشهدت الحضارات معارك طاحنة كان محورها الاساس quot;العقائدquot; والاديان والصراعات المذهبية، ويعود السبب الرئيس والمشترك الأساس في هذا الموضوع، إلى تجزأ وجهات النظر المبدئية الى عدد لا متناهي من وجهات نظر متنافرة. لذلك نجد اليوم العديد من التيارات الوليدة التي هي في أساسها نابعة من مدرسة فكرية معينة واضحة المعالم، فquot;الاسلامquot; على سبيل المثال لا الحصر، تحول الى عدد لا يحصر من الطوائف والمذاهب التي بدورها انقسمت الى تيارات ومن ثم الى جماعات وفيما بعد الى فصائل وكل حزبٍ بما لديهم من quot;عقيدة quot; فرحون.
المشهد نفسه يتكرر ونجده عند مختلف التيارات العقائدية السائدة والسياسية بطبيعة الحال، ولما كان العنف لا ينحصر quot; بدينٍ quot; ولا quot;عقيدة quot; ولا ينتمي quot;لمذهبquot; فإن اتباع العنف يذهبون مذاهب شتى ومشاربهم العقائدية متنوعة تتناسب مع مستوى ادراكهم المتدني بحيث ادى quot;الانقسام العقدي إلى خلافات تجاوزت كل حدود الاختلاف.
ان تسارع ايقاع الحياة المنفلت وانفتاح البلاد على بعضها يجعلنا نتسائل بجدية عن سبيل يجعل بين البشر quot;كلمة سواءquot; يكون محورها quot;الانسان quot; عبر التخلي عن كلّ الايديولوجيات وتنقيةquot; العقائدquot; من كل جمود، مما يحقق احتراما متبادلا بين كل الفئات والشعوب والأديان.

وبما ان الحاجة لوجود quot;معتقد quot; تكاد تكون ضرورة quot;ملحة quot; عند بني البشر فإن الوقوف بانفتاح إزاء كل الأديان والأساطير والميتولوجيا والحكمة القديمة واحترامها يعد شأنا ضروريا، وانمن حق كل انسان حرية اختيار ما يشاء من الأديان واعتناقها و له الحق في التعبير والتفكير، على ان لا يؤدي ذلك الى إطلاق الأحكام على الاخرين او اعتماد المعتقد الديني كمسوغ للاعتداء على انسانية الغير، او تسويغ العنف تحت اي ذريعة لاهوتية، إذ ما من مكان ثقافي او ديني متميز يمكن من خلاله اطلاق الحكم على الثقافات والديانات الأخرى.

هو موقف يسمح بالتعرّف على خصوصيات وتقدير جميع المنقولات الدينية وغير الدينية، بما يحقق أفضل إدراك للبنيات التأسيسية المشتركة للانسانية.

إنه موقف ليس ديني أو لاديني، بل هو خبرة فطرية تعترف بحضور القدسي عبر حضورنا في الكون، إنه فضاء الوحدة المنفتح في وجوه التعددية، المتمثل بضرورة التوازن بين داخلية الانسان وسرانيّتهquot; الجوانيّةquot; و بين خارجيته quot;البرانيّةquot;، لتحقيق الكينونة الكامنة فيه، مما يتيح الحوار بين كل البشر على اختلاف ألوانهم وصورهم ومللهم ونحلهم دون ان يجانسهم او يختزلهم.

http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com/

-----

للتوسع الاطلاع على الموضوع في كتاب استراتيجيات الامل في عصر العنف للكاتبة