قد ينسب البعض ما يجري في العراق إلى تعقيدات بنيوية وإشكالات على مستوى البناء الوطني وبالتالي يبرأ مسؤوليه مما يجري فيه وفي المقابل قد نجد من ينفي وجود هذه التعقيدات البنيوية والأوضاع المعقدة ويحيل كل ما يحصل في البلد إلى أخطاء المسئولين وجشعهم.

وباعتقادي فان هؤلاء جميعا مخطئون لأنه لا يمكن لأحد أن ينكر مشاكل العراق البنيوية وظروفه السياسية المعقدة التي لم تسلم من تأثيراتها أي حكومة من حكومات العراق السابقة وكانت على الدوام مثار إشكالات كبيرة لكن في نفس الوقت كان العراق قادرا على مواجهة تلك التعقيدات والإشكالات والارتقاء بواقعه إلى الأفضل فرغم انه قد خضع للاحتلال أكثر من مرة وشهد العديد من فترات الفوضى والاضطراب إلا أنه كان على الدوام موجودا وحاضرا وفي أحيان كثيرة قويا ومزدهرا وقد لا أغالي إذا قلت أن التاريخ لم يشهد بلدا له مثل هذا التاريخ الطويل وهذه التعقيدات الكبيرة وهو مازال واقفا على قدميه بل ولديه القدرة على أن ينمو ويعيش.

كذلك لا يمكن أن نحمل المسؤولين تناقضات العراق البنيوية ومشاكله السياسية وعقده الثقافية وما إلى ذلك فالكثير مما يحصل للبلد هو نتاج هذه الأمور الكبيرة إلا أن هذا لا يعني أن نبرا المسؤولين كليا فهناك الكثير مما يمكن أن يلاموا عليه بل وأن يدانوا عليه كهذا المشروع السياسي المتعثر وهذا الجشع في اقتناص المكاسب والامتيازات ناهيك عن الفساد الذي بلغ صداه الأفاق وأصبح على كل لسان.

فقد يكون العراق بلدا معقدا ويحمل في طياته الكثير من الإشكالات إلا انه ليس فاشلا على الإطلاق بدليل ما اشرنا من بقاءه الطويل وازدهاره في غالب الأحيان ولسنا ننكر اثر هذه التعقيدات والإشكالات في واقع البلد لكن أين دور المسؤولين ؟ الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تأهيل البلد وإخراجه من الواقع الذي هو فيه فيجب أن يكون هؤلاء مدركين لواقع الحال وظروف المرحلة حتى يكونوا قادرين على مواجهة شتى التحديات التي تواجه البلد وهم بالتأكيد أكثر من يلاموا على ما جرى ويجري في البلد.