كأن المرء يستمع الى قصة من قصص الف ليلة وليلة. في ليالي الشتاء الطويلة عندما كنا صغاراً كنا نستمع عادةً الى حكواتي القرية. في معظم تلك الحكايات كانت أحداث القصة تدور بين شاب (أو فتاة) ينتمي الى طبقة الملوك أو الأمراء وبين فتاة (أو شاب) فقيرة معدومة لا تملك من الدنيا سوى الجمال والذكاء والشجاعة. نهاية القصة كانت دائماً نهاية سعيدة تنتهي بالزواج وإنجاب البنين والبنات مع التضحية بالجاه والمال في سبيل الحب الحقيقي والسعادة.

النهاية السعيدة لقصة عام 2010 هي قصة حقيقية جرت أحداثها في مملكة السويد وذلك في يوم السبت التاسع عشر من حزيران الماضي.

ولية العهد فيكتوريا دخلت في ذلك التاريخ بيت الزوجية مع شاب سويدي عادي جداً يدعى دانييل.

دانييل قدم الى استوكهولم من قريةـ بلدة نائية تقع في وسط السويد. مستواه العلمي هو شهادة معالج فيزيائي. إفتتح محلاً خاصاً للتدريبات الرياضية في استوكهولم العاصمة. ولية العهد فيكتوريا بدأت تتردد على ذلك المحل بسبب وزنها الزائد الى حدٍ ما. هكذا بدأت قصة حبٍ ملكية بطلها شاب قروي من عامة الشعب.

قبل حوالي سنة تم الإعلان عن الخطبة. ظهر لاحقاً أن المعالج الفيزيائي دانييل كان مصاباً بمرض عصي في الكلية ثم أجريت له عملية زرع الكلية، ومع ذلك لم تطرأ أية تبدلات سواءً في المودة أو على برنامج الزواج.

الشعوب الحرة والأبية لها دائماً خصال وصفات خاصة بها دون غيرها. الشعب السويدي يأتي دائماً في مقدمة الشعوب التي تأتي بالجديد وخارج المألوفوف وتصيب الآخرين بالدهشة لاسيما نحن القادمين من العالم العاشر.

الملك الحالي للسويد ينتمي أجداده الى أسرةٍ فرنسية تمquot; إستيرادquot; أحد أفرادها من فرنسا ليتربع على
العرش السويدي الذي بقي دون صاحب حينها. أجداد الملك مستوردون من عائلة برنادوت الفرنسية. السويد قررت إلغاء الأعراف التقليدية المألوفة للحكم الملكي وذلك بأن قرر البرلمان السويدي قبل بضعة سنين تبديل المادة الدستورية التي تنص على إنتقال العرش الى الأبناء فقط ليصبح إنتقال التاج الى الوليد الأول بحيث لايكون هناك فرقاً بين الذكروالأنثى. لذلك أصبحت فيكتوريا ولية للعهد وحالياً زوجةً لسويدي من عامة الناس ومستقبلاً ستجلس على عرش والدها، إذا لم تتحول السويد الى النظام الجمهوري مستقبلاً، حيث يزداد عدد المواطنين المطالبين بذلك.

يحق لكل سويدي ممارسة السياسة إلا الملك حيث لا يملك حق النطق بجملةٍ واحدة في السياسة...

الثورجية الذين سرقوا السلطة في بلادنا على ظهر دبابة كالخفافيش في دجى الليل ينتمون الى الطبقة الكادحة كما كانوا يسمون أنفسهم. في سوريا نجد أن رئيس الجمهورية والوزراء وكبارالمسؤولين والضباط هم من نفس الطبقة الكادحة منذ أربعين عاماً وأكثر. ولكن ما أن تستتب الأمور ويتربعون على كرسي السلطة حتى يبدؤوا بسرقة أموال الشعب المسكين وبعدها لايتزوج لا هم ولا أولادهم إلا من الأثرياء حتى لو كانوا لصوصاً على شاكلتهم. لا داعي لذكر الأسماء وشخوصهم.الجميع يعرف تلك الزيجات التي منبعها العقد النفسية المتأصلة في جيناتهم الوراثية. إلا أن الشرفاء من أبناء تلك الطبقات الفقيرة والعادية يفتخرون بجذورهم دوماً مرفوعي الرأس بأياديهم البيضاء ومبادئهم السامية.

كان بإمكان فيكتوريا الزواج من أي ملك أو أمير اوروبي مزين بالنياشين والميداليات عدا الثراء الذي لا يحتاج الى الوصف. إلا أنها إختارت بدلاً من ذلك قلب قروي فقير ناصع. البياض الذي يمثل قلوب كل الشعب السويدي.

في الواقع حصلت ولية العهد على حب الشعب بخطوتها الذكية والجريئة هذه......شعوب حية تتطور بإسمرار، ونحن بالإذن من السيد فيصل القاسمـ سائرون في quot;الإتجاه المعاكسquot;...

هذه الخواطر راودتني وأنا أتابع أخبار العرس الملكي القروي في السويد.

طبيب كردي السويد
[email protected]