وانا أتابع المسلسل الکوميدي المصري(الکبير)، الذي يفاجئ فيه المرء بالاداء المتقن و الاستثنائي للفنان أحمد مکي، تذکرت مسلسلا مصريا کوميديا تم عرضه في بدايات العقد السابع من الالفية الماضية وهو مسلسل(الفنان و الهندسة)، من بطولة عادل امام و فاطمة مظهر، وقد فوجئ المشاهد العربي وقتها بفکرة المسلسل و الاسلوب المميز في الاداء لدى عادل امام، فکرة المسلسل کانت تدور حول شاب يحلم بأن يصبح فنانا لکنه يدرس الهندسة التي لايرغب او يميل إليها، وهو لذلك کان يعيش في صراع مرير بين عالمين، عالمه الخاص الفن، و العالم الذي يجده مفروضا عليه و هو أن يکمل دراسته و يصبح مهندسا. في الکبير، وجدت للمرة الاولى فنانا مصريا ومنذ إنتهاء عصر عمالقة الکوميديا المصرية من أمثال ماري منيب و زينات صدقي و فٶاد المهندس و عبدالمنعم مدبولي و عادل امام و سعيد صالح و يونس شلبي، يفاجئ المشاهد بأداء کوميدي تلقائي من دون إفتعال او تصنع او إسفاف و إبتذال فج کما هو الحال مع العديد من الوجوه الجديدة التي أدخلتquot;قسراquot; في عالم الکوميديا المصرية، أحمد مکي، يوفر لك جوا کوميديا ساخرا و يدفعك للضحك من أعماقك بأساليب و طرق غير ملتوية او مفتعلة و مصنعةquot;کما يفعل الکثيرون هذه الايامquot; کما ان ادائه المميز أيضا جاء هو الآخر کشهادة لإثبات شخصيته و طابعه و بصماته الخاصة في التمثيل الکوميدي.

الکبير، الذي تدور فکرته (التي هي للفنان أحمد مکي) بين عالمين متناقضين من خلال أخوين من أب مصري صعيديquot;قضى حياته و مات في احدى قرى الصعيدquot; وأم أمريکية مزواجة عاشت تجارب مع مختلف الرجال في العالمquot;تعيش في الولايات المتحدة الامريکية و قضت فترة قصيرة في کنف زوجها المصريquot;، والصراع يدور اساسا بين الاخوين التوأمين اللذين يحمل کل منهما فهمه و رٶيته الخاصة للواقع و من خلال التناقضات الصارخة و الفروق و التضاربات بين العقليتين، يديف الفنان أحمد مکي کوميديا ساخرة سلسة و خفيفة الى المشاهد ليمتعه بمواقف و مشاهد تنتزع الضحکة من المشاهد عن طيب خاطر، وليس بالامکان القول أن الفنانةquot;دنيا سمير غانمquot; التي کانت تقوم بدور(هدية) زوجة الکبير کانت مجرد ظل او تابع للکبير وانما رسمت من خلال ادائها الجميل جدا معالم شخصيتها الخاصة المطعمة بروح کوميدية سلسة أثبتت بحق انها ممثلة بارعة بإمکانها أن تنجح في تأدية مختلف الادوار وانها تضيف شيئا خاصا بها وليست تسحب من طرف رداء الکبير.

الکبير، ليس مجرد مسلسل کوميدي مصري عادي أتى و سيذهب کباقي المسلسلات الاخرى، وانما هو إضافة نوعية و تجديد في روح الکوميديا المصرية التي تعاني منذ فترة من تراجع مريب يتخلله إسفاف ملفت للنظر، مبروك لمصر فنانها المبدع أحمد مکي الکبير فعلا بفکرته و ادائه و روحه الخفيفة المرحة، ويقينا ان الجميع سينتظر مکي في نتاجاته المستقبلية التي نأمل أن تکون نحو الافضل و الاحسن.