كنت أتمنى أن يبدأ العام الجديد 2011 بخبر سعيد، يعطي بصيص أمل في مستقبل جديد لمصر، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد بدأت الدقائق الأولى من العام بحادث تفجير مأساوي لكنيسة القديسين بسيدي بشر بالإسكندرية راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، قبيل أسبوع من احتفالات الإخوة الأرثوذكس بعيد الميلاد، وهو ما أصاب المسيحيين والمسلمين بالصدمة، واخشي أن تكون هذه بداية تنفيذ تنظيم القاعدة في العراق لتهديداته باستهداف الكنائس في مصر بهدف إشعال فتنة طائفية حينها قد تختلط الأمور ونحمل تنظيم القاعدة كل مشاكلنا والحقيقة أن جهاز الموساد الإسرائيلي، هو الذي ينفذ عمليات مشبوهة لضرب مصر، والقضاء على أي محاولة لكي تنهض وتقوم بدورها المأمول من جديد.

مصر المترهلة لم تأخذ تهديدات القاعدة العلنية، ومؤامرات إسرائيل الخفية على محمل الجد، فحكومتها في سكرة من نصر حزبها المؤزر في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة والرئيس quot;مباركquot; في رد فعله على العملية أشار إلى أنها تحمل في طياتها أيادي وأصابع خارجية تريد أن تجعل مصر ساحة للإرهاب، علما بأن هذه العمليات الإرهابية يمكن أن تحدث في أي مكان وزمان دون أي عوائق، وإسرائيل يا سادة لن يهدأ لها بال ما دامت مصر مستقرة، وما قضايا التجسس على مصر إلا حلقة من حلقات استهداف مصر، وأخر عملية تجسس تحدث فيها المتهم quot;طارق عبد الرازقquot; أمام نيابة امن الدول العليا عن أن إسرائيل وراء قطع كابلات الانترنت الخاصة بمصر في البحر المتوسط قرب السواحل الايطالية، والتي تربطها بالشبكة الدولية، كما أن إسرائيل تحرض إثيوبيا ضد مصر في حصتها من مياه النيل، وتبث معلومات مغلوطة في الفضاء الالكتروني عن الدين والتراث الإسلامي والمسيحي.

وبما إننا نتناول عملا عدائيا ضد مصر فعلينا أن نتوقف عن دلالات هذا العمل في هذا التوقيت.الدلالة الأولى: هي أن تنظيم القاعدة ربما يشكل غطاء لعمليات تفجير تقوم بها إسرائيل في العراق بمساندة أجهزة مخابرات غربية، وينشط رجال الموساد في كردستان للسيطرة على مجريات الأمور في العراق، وتوجيهها بما يخدم مصالح إسرائيل الدلالة الثانية: هي أن إسرائيل بأجهزتها الأمنية تقوم بأنشطة عدائية ضد كل الدول العربية لا تفرق بين من وقع معها معاهدات سلام ومن يتحدث معها في السر حيث يقوم مفهومها لأمنها القومي منذ احتلالها لفلسطين عام 48 على أنها في محيط عربي معاد، ومن ثم تريد أن تفتح ثغرات في جدران هذا المحيط العربي الهش بعمليات تجسس وتفجيرات وغسيل أموال ودعارة وإثارة الفتن والنعرة الطائفية وترويج مخدرات.

أثار هذه المخططات واضحة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، وفي جنوب وشرق السودان المقبل على استفتاء سيؤدي إلى انفصال الجنوب عن الشمال، وفي لبنان الخارج من حرب أهلية لم يتعافى منها ونذر الحرب تلوح مجددا في إعقاب الجدل المصاحب لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل quot;رفيق الحريريquot;، وستظل هذه المخططات مركزة على الشباب عبر مواقع الانترنيت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتوتير وغيرها، وكلها حرب نفسية تمارسها إسرائيل ضد العرب بعد اتفاقية السلام مع مصر، ومع ذلك لا نسمع لها صوتا حين يتم الإعلان عن كشف عملاء جدد لها، وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو من بعيد.

الصمت إذن عمل مخابراتي فإسرائيل تعمل في صمت، فمن بين خمس عشرة عملية تجسس على مصر، لم تؤكد إسرائيل أو تنفي علاقتها بهذه العمليات، فهي تترك المجال أمام الأجهزة الأمنية المصرية، للتأكد من إثبات التهمة على الجاسوس، الأخطر من ذلك هو صعوبة الكشف عن مدبري التفجيرات الانتحارية، ومعظمهم مصريون باعوا أنفسهم للشيطان، وتحت ضغط الفقر والحاجة يتعاونون مع الأعداء لتدمير بلادهم دون النظر إلى عواقب هذه الأمور، وهذا يحتم على مصر ضرورة تحويل الواقع المزري الذي تعيش فيه، فالفقر والبطالة وسوء الأوضاع المعيشية هي التي تدفع الشباب إلى التعاون مع إسرائيل وغيرها من اجل الدولار والثراء السريع.

أعود لعام 2011 الذي كان يمثل أملا لكثير من المصريين في التغيير، لكن هذا الأمل ذهب أدراج الرياح بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما دامت حالة الجمود مستمرة، فتوقعوا مزيدا من التفجيرات، وكثيرا من العملاء والجواسيس فهل يعي أولو الأمر الدرس قبل أن تنقلب الأوضاع بشكل لا يحمد عقباه.
إعلامي مصري