مصيبة المصائب عند الاعلام العربي انه مازال يتصرف بسطحية قل نظيرها وببدائية تثير الدهشة،ويتصور واهما ان المواطن العربي غبي الى حد السذاجة!! كما ان هذا الاعلام يتبع ويمثل و يحاكي واقع سياسي عربي.
ففي الوجبة الاولى من وثائق ويكيليكس الشهيرة زمر وصفق وهلل هذا الاعلام بشكل وصل عند البعض الى درجة الهذيان والصراخ النشاز، فنزلت في يوم واحد عشرات المقالات وخرجت مثلها من البرامج التلفزيونية العربية ولم يكن هم او غم هذه البدع الاعلامية سوى اهمال مايعادل نصف مليون ورقة وملايين الاسطر من اخبار ويكيليكس والتشبت فقط بخبر عابر من هذه quot; الوثائق quot; لسبب بسيط ان هذا الخبر يخص اشارة لاعتقالات مزعومة قام بها رئيس الحكومة العراقية المنتخب السيد نوري المالكي. والغريب ان يتجاهل هذا الاعلام اخبار ويكيليكس الاخرى والتي في معظمها امور جوهرية ومهمة ويتبشت هذا الاعلام الذي يستهلك سنويا مليارات الدولارات من ثروات المواطن العربي المغلوب على امره فقط بخبر يخص رئيس الحكومة العراقية، وحتى لو اردنا جزافا اعتماد هذا الخبر فانه يشير الى حالات اعتقال لعدد من الضباط ليس الا...!!
وكأن هذا الاعلام هو وليد أنظمة شرعية وديمقراطية ودستورية منتخبة لذلك مثل هذه الاعتقالات quot; أن صدقت quot; ستكون حالة من الصدمة لدى مجتمع يتمتع أبنائه بكامل حقوقهم الانسانية التي تنص على توزيع الثروات بشكل عادل وانتخاب الحكومات عن طريق الاقتراع مع ضمان اجتماعي وصحي وتعليمي وقانوني وقضائي غاية بالتطور والتقدم!! لكن ان تصدر هذه الضجة النشاز من وسائل الاعلام تابعة لحكومات توريث وحكومات انقلاب ورموز ديكتاتورية معروفة فتلك ستكون نوع من النكات المسخة والمعيبة، لسبب بسيط جدا انها محاولة اضافية لاستغفال المواطن العربي المغلوب على امره. لقد اتخذت بعض وسائل الاعلام العربية من موقع ويكليكس وصاحبه المطارد بقضايا اغتصاب جنسي.. أمام لاتلوحه شائبه واقواله من صحائح العرب التي لاتقبل النقاش و التي ابتلينا بها شر ابتلاء، ولكن التغير المفاجيء الذي حول أمامهم الى شيطان كان مع انطلاق الوجبة الثانية من التسريبات حيث فضحت هنا وهناك في الدول العربية تصريحات واجتماعات وامنيات وسلوك غاية في الخطورة وفي جانب اخر ما يصلح ان يكون في خانة العيب المخجل المشين، هنا تغير حال الاعلام العربي وتذكر بصورة سريعة ودون سابق انذار ان صاحب التسريبات هو انسان غير سوي وهو مطارد في السويد بتهم اعتداء جنسي لذلك كل ماسربه لايعتد ان تكون اما مؤامرة امريكية على الدول العربية!! او انها تصدر من أنسان مطارد قضائيا وغير مؤهل للامانة والصدق به!!
لقد كان موقف الاعلام العربي من التسريبات الاولى موقف طائفي بكل معنى الكلمة لان الامور كانت تخص العراق ورئيس حكومته الذي ينتمي الى الغالبية السكانية من أهل العراق ولاينتمي الى مذهب وطائفة الحكومات العربية، ومثل هذه quot; المفارقة quot; الديمقراطية في عراق اليوم تصلح ان تكون جريمة كبرى في حسابات الاعلام العربي ومن وراءه اصحاب السلطة والقرار والتمويل. اما شيطنة ويكليكيس تمت لانه فضح ماهو اكبر بكثير مما تم كشفه من وثائق بحق رئيس الحكومة العراقية المنتخب السيد المالكي.
لذلك على هذا الاعلام والذي فقد مصداقيته منذ عدة سنوات ان يعي حقائق كبرى تجري على ارض العراق اليوم وان يعي ايضا ان كل طبوله الفارغة غير قادرة على التاثير في الواقع العراقي على الارض لانها تاتي باساليب مستهلكة ولانها quot; كسيحة quot; من خلال طائفيتها المقيته. والدليل الواضح على هذه الحقائق الكبرى ان المالكي وبعد الاعلان عن وثائق ويكليكيس تقلد الامور مرة اخرى في ولاية جديدة لرئاسة الحكومة العراقية لدورة دستورية جديدة، وذهب كل صراخ الاعلام العربي التلفزيوني واخبار صحفه واحبار مقالاته الطائفية هباء منثور. ولاابالغ اذا قلت ان اي سياسي عراقي يتعرض لحملة الاعلامية عربية يتعاظم رصيده بين ابناء الشعب العراقي، لان العراقيين يعرفون جيدا كيف تجري الامور مع هذا الاعلام المغرض والمسيء لتجربتهم الدميقراطية المميزة وسط صحراء سياسية قاحلة من الديكتاتوريات العربية. فتحية لويكليكس لانه بقصد او دونه فضح غالبية الاعلام العربي مع مفارقة غريبة ان هذا الاعلام لايشعر بالخجل والهوان.
التعليقات