في محاولة لترسيخ التعاون الاقليمي بين الشمال والجنوب، جمع الاتحاد من أجل المتوسط 43 عضوا (27 دولة من الاتحاد الاوروبي و 16 دولة من البحر الأبيض المتوسط) بالإضافة إلى الجامعة العربية بصفة مراقب دائم. وقد تم إنشاء نظام الرئاسة المشتركة لمدة عامين - غير قابلة للتجديد - لرئاسة قمة الاتحاد من أجل المتوسط، لتكون برئاسة دولة متوسطية واحدة ومشتركة بين دولة مختارة من احدى دول الاتحاد الاوروبي و الدولة التي تترأس ا للاتحاد الاوروبي بواقع دورة ستة أشهر. على سبيل المثال، ومنذ إنطلاق الاتحاد من أجل المتوسط، ترأست القمة مصر من جانب البحر الأبيض المتوسط، وفرنسا - مع جمهورية التشيك والسويد واسبانيا وبلجيكا - من جانب الاتحاد الأوروبي. وقد تم اختيار برشلونة كأساس لأمانة الاتحاد من أجل المتوسط، على أن يقودها الأمين العام ونوابه. ويتم اختيار الأمين العام من بين مرشحين من البلدان المتوسطية الشريكة، في حين أن نواب الأمين العام الستة يتم اختيار ثلاثة منهم من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وثلاثة من الشركاء المتوسطيين، وكلاهما لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة لمدة أقصاها ثلاث سنوات أخرى. وسيتم تعيين نائب واحد للأمين العام من إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من قبل الأمين العام ليكون بمثابة النائب الأعلى له. في مارس 2010 عين السفير الأردني للاتحاد الاوروبي - احمد مسعدة - أول أمين عام للاتحاد من أجل المتوسط. وللفترة الأولى تم اختيار نواب الأمين العام الستة من : إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، وتركيا، واليونان، وايطاليا، ومالطا. ولكن على الرغم من نجاح القمة الأولى في الجمع بين رؤساء الحكومات من اسرائيل وسوريا والسلطة الفلسطينية، لم تحظى المحاولات اللحقة بهذا النجاح. فقد تم تأجيل قمة الاتحاد من أجل المتوسط الذي تم عقده في اسطنبول في نوفمبر 2009 بسبب التصريحات المثيرة للجدل من قبل وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، بخصوص مصر. وكان من المتوقع بعد ذلك أن يعقد مؤتمر القمة في يونيو 2010، تحت رعاية الرئاسة الاسبانية للاتحاد الاوروبي، ولكن هذا أيضا تأجل لأن الأطراف رأوا أن محادثات السلام في الشرق الاوسط المباشرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بحاجة الى مزيد من الوقت. ولكن محادثات السلام أخذت تصبح أكثر حدة حالى أن أخفقت في النهاية اعتبارا من أواخر سبتمبر بسبب تجديد بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، فهددت حكومات العرب بمقاطعة القمة في حال حضور اسرائيل، والتي كان حضورها من المؤكد. و هكذا في نهاية المطاف تم تأجيل القمة التي كانت مقررة أن تعقد في 21-22 نوفمبر في برشلونة إلى أجل غير مسمى للمرة الثالثة. لنفترض جدلا أن القمة انعقدت كما كان مقررا، ما هو التغيير الأساسي الذي يمكننا أن نتوقعه من هذا المؤتمرعندما لا يزال الاتحاد من أجل المتوسط يعاني منذ نشأته من عقبتين رئيسيتين : الأزمة الاقتصادية العالمية التي ما تزال في ذروتها، و الصراع العربي - الإسرائيلي المستمر في تقويض التقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط، وتهديد مستقبل قمة الاتحاد من أجل المتوسط. المشكلة الكامنة في تصميم الاتحاد من أجل المتوسط هو أنه كان يعول على تحقيق التقدم والتعاون بين اسرائيل والعالم العربي من خلال التعامل على مجموعة من المشاريع غير السياسية، في حين استبعاد جانبا المسألة الاسرائيلية ndash; الفلسطينية. لقد أثبتت هذه الآلية عدم فعاليتها وفشلا في هندسيتها. لذا بعد ثلاث محاولات فاشلة في غضون عامين لقد حان الوقت للاتحاد الأوروبي للعمل بجدية في عملية السلام في الشرق الأوسط في مسار مواز للاتحاد من أجل المتوسط، إذا كان يريد أن يوفر لهذه المبادرة فرصة أكثر نجاحا واستمرارا.
في يوليو 2008 تم إطلاق rsquo;عملية برشلونة :الاتحاد من أجل المتوسطُlsquo; رسميا في باريس، وذلك بهدف دعم الاستقرار والازدهار في المنطقة من خلال : رفع مستوى العلاقات المتعددة الأطراف بين الاتحاد الأوروبي و شركاء البحر الأبيض المتوسط، تعزيز الملكية المشتركة للعلاقات، وجعل هذه العلاقات أكثر وضوحا من خلال مجموعة من المشاريع الملموسة. في محاولة لتجاوز الصراع الفلسطينني - الإسرائيلي وحساسية مسألة حقوق الإنسان، صممت هذه المشاريع لتركز بشكل رئيسي على : إزالة التلوث من البحر الأبيض المتوسط، و بناء الطرق السريعة البحرية والبرية، و حماية المدنيين من تغير المناخ و الكوارث الطبيعية أو من صنع الانسان، وتحديد الطاقات البديلة مثل خطة الطاقة الشمسية للبحر الأبيض المتوسط، وتشجيع التعليم العالي والابحاث العلمية من خلال الجامعة الأورو- متوسطية في سلوفينيا، ودعم المبادرات التي تركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمكين المرأة في المجتمع والنهوض بها. ولكن كيف يتم تنظيم الاتحاد من أجل المتوسط و ما مدى فعاليته؟
*:عضو مؤسسة في المنتدى العربي-الأوروبي (منظمة غير حكومية مقرها بروكسل) ومرشحة دكتوراه في جامعة لوفين في بلجيكا
- آخر تحديث :
التعليقات