المناورات و الألاعيب السياسية التي حفلت بها الساحة العراقية منذ نهاية الإنتخابات العراقية ألأخيرة في مارس/ آذار الماضي أفرزت كما هائلا من عمليات الخداع السياسي ومحاولات الفذلكة وأساليب المناورة الطويلة المدى من أجل تحقيق هيمنة سلطوية ترسخ برنامج عمل مرحلي وستراتيجي لقيادة حزب الدعوة خصوصا للسيطرة على مسارات التحرك السياسي المستقبلي في العراق وبناء المشروع الديني الذي يخطط له دهاقنة هذا الحزب من خلال إستثمار المناخ الديمقراطي و محاولة تجيير الأوضاع لصالح المشروع الأصولي الديني بنسخته الشيعية وهو أمر شبيه في بعض محاوره بما فعله النازيون بعد إنتخابات عام 1932 التي أوصلتهم للسلطة والتي لم تكن هدفا بحد ذاتها بل كانت خطوة أساسية ومهمة لإقامة ( الرايخ الثالث ) او الإمبراطورية الآرية التي ستستمر لألف عام قادم وفقا للتوجهات الفكرية لحزب العمال القومي الألماني ( نازي )!، كما أن مشروع حزب الدعوة وشركاه لايختلف بالمرة عن المشروع الفاشي البعثي السابق الذي توسل بمختلف الوسائل للوثوب على السلطة ولو من خلال التحالف مع أعدائهم الآيديولوجيين وهو ماحصل في صيف 1968 ليتم تنفيذ مشروع الهيمنة الكاملة على السلطة تدريجيا بعد ( صرع ) المخالفين و المتحالفين وحتى الرفاق البعثيين ذاتهم إن تطلعت رؤوسهم لأبعد مما هو مسموح به! لذلك كان صدام حسين مشغولا للغاية بما سيقول التاريخ عنه بعد 500 عام!! وهو ما أعلنه أكثر من مرة... لقد لجأ حزب المالكي الدعوي أمام هزيمته الإنتخابية النسبية أمام قائمة ( العراقية ) لمختلف صنوف الدفاع عن النفس وحرك كل الخطط البديلة و أستعان بآراء الخبراء و المستشارين في ملف إدارة الصراع السياسي وحرك مختلف الواجهات السرية والعلنية لإفشال نصر العراقية الإنتخابي من خلال الأساليب ( الأموية ) المعروفة في الترغيب و الترهيب وإستعمال العصا و الجزرة.. ( فأمير المؤمنين هذا ( نوري المالكي )! و من إعترض أو أبى فبهذا ( سيف القوانين و الملفات الجاهزة )!!..)! وكان حرص إئتلاف دولة القانون قويا على إختراق العراقية وشق صفوفها و تمزيقها من الداخل و إبعادها عن تأكيد إستحقاقها الإنتخابي وهو رئاسة الحكومة فلما أعيته الحيلة و تيقن من فشل لعبته لجأ لسلاح المناورة من خلال إستحضار ملف حزب البعث و الإنتماءات البعثية لبعض قيادات العراقية..! وهو كلام حق أريد به باطل.. فجميع العراقيين يعلمون علم اليقين بأن أي عراقي كان يعيش تحت ظل نظام بعث صدام حسين كان لابد أن يكون بعثيا رغم أنفه..! ولو طبقنا مبدأ إجتثاث البعث بشكل عادل لتم إجتثاث ( جيش المهدي ) برمته لأن جميع عناصره بما فيها عمائمهم الثقيلة كانت ضمن تصنيفات ( الجيش الشعبي ) و كانت بعثية الولاء و الإنتماء، كما أن العديد من ركاب قطار حزب الدعوة في محطته العراقية بعد الإحتلال كانت إنتماءاتهم بعثية، كما أن العديد العديد من الأسماء القيادية العراقية الكبرى اليوم من العرب و الكرد كانوا متحالفين مع نظام صدام و يقيم بعضهم أرفع العلاقات معه ومع مؤسساته حتى وقت قريب جدا..؟ لماذا مثلا لم يتم إجتثاث الرئيس الكردي مسعود بارزاني الذي إستعان في صيف 1996 بقوات حرس صدام الجمهوري لإستعادة السيطرة على أربيل من قوات غريمه الرئيس الحالي جلال طالباني؟ مع ما أتبع ذلك من مجازر حقيقية لقوات المؤتمر الوطني العراقي و المعارضة العراقية في كردستان!! (وهو الملف الأسود المسكوت عنه بإفعوانية إنتهازية رهيبة )! تؤكد بأن أهل الأحزاب الدينية ليسوا أنقياء بل ميكافيلية و مخادعون من طراز متميز و العقائدية المفترضة مجرد واجهة إستعراضية مزيفة..؟ لماذا لم يجتث الرئيس العراقي جلال طالباني نفسه الذي ركل أواخر عام 1983 المعارضة العراقية في جبهني ( جود وجوقد ) في الشام وركض ليتحالف مع نظام صدام حسين قبل أن ينقلب على عقبيه و يلوذ بالنظام الإيراني!!؟.. وهنالك العشرات بل المئات من الأمثلة.. و طبعا العملية السياسية العراقية حافلة بالبعثيين لأنهم ببساطة هم من يتواجد على الساحة، فنائب الرئيس العراقي مثلا وهو السيد طارق الهاشمي الذي كان ذات يوم في ثمانينيات القرن الماضي رئيسا لشركة الملاحة العربية في الكويت كان بعثيا لأنه ببساطة لا يمكن لأي شخص أن يستلم رئاسة مؤسسات إقليمية كبرى دون أن يكون بعثيا و لو كان ( آينشتاين ) ذاته.. كما أن احد زعامات العراقية وهو السيد ( هاني عاشور ) كان من الكتاب الناشطين و من مراسلي صحيفة (القدس العربي) قدس سرها و كانت تقاريره الصحفية أي تقارير هاني عاشور تدعم نظام صدام بشكل واضح لالبس فيه.. وعودوا للإرشيف لكي تتاكدوا رجاءا...!، أما الرفيق المناضل ( ظافر العاني ) مدرس الثقافة القومية و الإشتراكية و العلوم السياسية السابق في جامعة بغداد فكان بعثيا حتى الثمالة و راجعوا إرشيف ( قناة الجزيرة ) خلال الأعوام القليلة التي سبقت الإحتلال للتأكد كما سبق للعاني أن شارك في برنامج ( الإتجاه المعاكس ) على نفس القناة ليدافع علنا عن نظام صدام حسين!!.. أما القائد الأول لحزب الفضيلة الشيعي وهو الدكتور ( نديم الجابري ) زميل العاني في التدريس فقد كان بعثيا وفقا لشهادة ظافر العاني نفسه! النفاق في العراق مدرسة تاريخية عظمى.. و البعثيون موجودون في كل مفاصل الحياة العراقية بحكم طبائع الأمور وكثير من أعضاء و كوادر المجلس الأعلى نفسه هم ذوي إنتماءات بعثية وبعضهم عمل في مؤسسات النظام الأمنية كما أن كثيرا من الوزراء السابقين و الحاليين و اللاحقين ايضا كانوا بعثيين وكوادر حزبية متقدمة أيضا، كما أن ضباط الأمن والجيش ووزارتي الداخلية والدفاع كانوا من البعثيين، البعث في العراق كان حالة إجبارية فلا مكان ولا إمكانية حقيقية للعيش بسلام خارج إطاره ومؤسساته، وإحتجاج المالكي ببعثية البعض يعلم هو تماما بإنه إحتجاج واهي ولاقيمة حقيقية له، لقد تمت الصفقة المؤهلة لحكومة مالكية وتم التغاضي عن بعثية العاني و المطلق وغيرهم كثمن للتحكم في السلطة وهو أمر وتصرف إنتهازي محض لاعلاقة له بالمبدأ و العقيدة، كما أن السيد إياد علاوي تنازل كثيرا من أجل مصلحة بعضا من ركاب قطار العراقية ركبوه في محطته الأخيرة فصرف النظر عن قيادات شعبية حقيقية و مناضلة من أجل مصالح قلة من المتلونين و المنافقين وراكبي الموجة وأصحاب المشاريع المستقبلية الخفية!! خلايا البعث السرية والنائمة لم تزل حية تسعى وتنتظر فرصة الإنقضاض المناسبة، فالمشروع السياسي العراقي المستقبلي ترسم من أجله خطط و سيناريوهات متناقضة و متصارعة.. ولكن عيون الذئب البعثية تظل عن الثأر و الإنتقام تستفهم..!.. تلك هي الحقيقة فقط لاغير...؟
- آخر تحديث :
التعليقات