إشکالية إستغلال مسألة الاقليات العرقية و الدينية و الطائفية بإتجاهات تلحق أضرارا معينةquot;أو مطلوبةquot; بالامن القومي العربي، ماتزال تطرح نفسها بقوة على بساط البحث و تتخذ حيزا ملفتا للنظر من الاهتمام لدى الدوائر الامنية و الاستخباراتية العربية و الاقليمية، و يشکل الملف الشيعي العرب بشکل خاص لدى تلك الدول التي يتواجد فيها الشيعة حضورا بشکل او بآخر، واحدا من أهم الملفات الساخنة التي تثير قلق و توجس الدوائر و الاوساط الاستخباراتية العربية و الاقليمية.
الخلفية التأريخية التي تشغل مساحة مهمة و قابلة للملاحظة من تکوين و بلورة نظرة او موقف من الملف الشيعي العربي، والتي هي بنظرنا بأمس الحاجة لإعادة النظر و الرؤية فيها بما يخدم الحاضر و المستقبل، تعتبرquot;من وجهة نظر البعضquot;، حجر عثرة او عائق قوي لعامل الإطمئنان و الثقة بالشيعة العرب کشريك فعال في النسيج الاجتماعي للأمة العربية في مختلف الاقطار العربية، والذي ساهم و يساهم في ترسيخ و بقاء هذه الرؤية السلبية، هو السعي الحثيث و الدؤوب من جانب أطراف إقليمية و دولية لأدلجة و تسييس قضية الشيعة العرب بما يخدم مصالح و أجندة إقليمية و دولية معينة، وهذا الامر وبعد ثبوته بمختلف القرائن و الادلة، لفت نظر الکثير من المخلصين و الغيورين من الشيعة العرب من أولئك الذين يرفضون أن يکون هنالك حواجز او فواصل بين إنتمائهم المذهبي و الوطني و القومي و يحاولون بشتى الطرق و الوسائل و السبل لإثبات صدق و عمق إنتمائهم لأطانهم و شعوبهم.
وقطعا ليس بالامکان الاعتماد على الجهود و المشاعر و الاحاسيس الفردية او الجماعية غير الموجهة او المبرمجة لأنها لايمکن أن تشکل في النهاية حضورا ملموسا و مؤثرا على ارض الواقع، وان ضرورة وجود تيار او إتجاه فکري سياسي تنويري يغذي تلك الجهود او المشاعر و الاحاسيس الفردية او الجماعية قد بات من مسلمات و بديهيات صيانة الامن القومي للأمة العربية، ومن هنا فإننا وعند شروعنا بتأسيس المجلس الاسلامي العربي قد أخذنا على عاتقنا هذه الحقيقة و سعينا لتجسيدها و بلورتها على أرض الواقع و ترجمتها من مجرد أفکار و طروحات نظرية الى برامج عملية تطبيقية تؤکد نظرتنا هذه.
ومنذ الايام الاولى لتأسيس المجلس الاسلامي العربي، جابهتنا الکثير من المصاعب الجمة و واجهتنا مشاکل و ازمات متباينة عصفت بالمجلس بحيث أن بعضا منها قد هدد وجود المجلس بحد ذاته، لکننا وعلى الرغم من کل المصاعب و التحديات المذکورة، قد آلينا على أنفسنا الاستمرار في عملنا المضني و بقائنا برهن المسؤولية الکبيرة و الجسيمة التي ألقيناها على عاتقنا بصورة طوعية خدمة لمصالح و آمال و تطلعات امتنا العربية، وقد أثبتنا حضورنا و أدينا الدور المنوط بنا على الخارطة السياسية العربية و شکلنا تيارا فکريا سياسيا له ثقله و حضوره الذي لم يعد هينا او يسيرا تجاهله او التغاضي عنه، وان تعرضنا الى هجمات سياسية و تخرصات إعلامية متعددة الجوانب ناهيك عن حملات تخويننا او حتى تهميشنا، کان بحد ذاته شهادة قطعية على أننا قد بتنا نشکل رقما صعبا على طول الساحة و عرضها.
وبعد أن صار المجلس الاسلامي العربي يشکل المرجعية الإسلامية لشيعة العرب، فإن العمق العربي الذي أکتسبه و يکتسبه المجلس يوما بعد آخر في مختلف الاقطار العربية، قد أهلته لکي يصبح قوة فکرية سياسية بإمکانها مواجهة التحرکات المشبوهة المضادة لأدلجة و تسييس الملف الشيعي العربي و استخدامه لأغراض لاعلاقة لها من قريب او بعيد بالشيعة العرب او طموحاتهم بقدر کونها في خدمة الاهداف المضادة لآمال و طموحات امتنا العربية، وقد أوضحنا و نوضح مختلف الامور و القضايا التي تشکل للأعداء و المتربصين شرا بأمتنا مرتعا ينطلقون من خلاله لإلحاق الاضرار بها، خصوصا تلك الامور و القضايا التي تشکل تهديدا للأمن الاجتماعي العربي، وقد نجحنا بحمد الله و عونه و خفي ألطافه في مساعينا المخلصة وأثبتنا بأن قوة و عمق العلاقة التأريخية بين الشيعة العرب و اخوتهم من السنة أکبر بکثير من هکذا مخططات مشبوهة و محمومة وانه و بجهود مخلصة و مسؤولة يمکن دحض و إفشال تلك المخططات و کشف زيفها و وانها بزيادة الوعي الوطني و القومي و توضيح حقائق الامور و جوهرها، ستجعل من تلك المؤامرات و المخططات الخبيثة اوهن من خيط العنکبوت.
اننا وبعد ان طوى المجلس الاسلامي العربي سنينا صعبة و حساسة من عمره المديد و سجل دورا و حضورا مميزا على أرض الواقع، وبعد أن أصبحنا مرجعية اسلامية معروفة للشيعة العرب، وباتت مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية العربية تشير لنا بالبنان، مازلنا نعتبر الامن القومي للأمة العربية في مختلف أقطارها، من أهم أولوياتنا و خطنا الاحمر الذي لايمکن أن نتهاون او نتساهل فيه بأي وجه من الوجوه واننا لواثقون من أننا سنثبت للجميع أن الشيعة العرب لا ولن يفرطوا بإنتمائهم الوطني و القومي من أجل أجندة و مخططات مشبوهة، وقل اعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المؤمنون.
*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.
- آخر تحديث :
التعليقات