لاريب من أن الدعوات و الرٶيات الضيقة و المحدودة الافق بخصوص مناسبة عاشوراء الخالدة من جانب مختلف العلماء و الکتاب و المفکرين، قد ألحقت الکثير من الضرر و التفسير الخاطئ بالمعاني و القيم و المبادئ المتمخضة عنها، ولاسيما عندما حوصرت هذه المناسبة العظيمة في بوتقة مذهبية ضيقة و حجبت عنها الآفاق الرحبة الجامعة للأمة الاسلامية بسبب من ذلك.
مناسبة عاشوراء، التي توقف عندها الکثير من الکتاب و الشخصيات العالمية المعروفة و استلهموا منها الکثير من المعاني و الافکار النيرة، إعتبروها مناسبة انسانية أکبر من أن تحجم او تحدد في بعد ديني، لکننا وعندما ندير أبصارنا صوب العديد من العلماء و القراء و الکتاب المحسوبين على الشيعة، نجدهم يسعون بکل ماأوتوا من جهد لکي يحددونها في أطر مذهبية و يصرون على رفض إعتبارها مناسبة جامعة للأمة الاسلامية جمعاء، وهم بذلك يقفون ضد المفهوم الاساسي الذي إرتکزت عليها، خصوصا من حيث دعوة الاصلاح التي أطلقها الامام الحسين في هذا اليوم الخالد عندما قال:(انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي)، إذ ان الامر الواضح هو أن الدعوة عامة للأمة الاسلامية جمعاء وليست لطائفة او جماعة محددة کما يسعى البعض، وان العودة لهذا المعنى او المفهوم الاساسي للمناسبة، تعني فيما تعني إعادة المناسبة الى مضمونها و شکلها الحقيقيين و نزع الادران و الرواسب العالقة بها، واننا کمرجعية اسلامية نٶکد و بقوة على هذا الجانب و نعتبره الرکن الرکين في المناسبة وندعو و نحث أبناء أمتنا العربية من مختلف المذاهب الاسلامية على النظر و التعامل مع المناسبة وفق هذا الاعتبار، واننا نعتبر أيضا و في سياق متصل کل إخلال بهذا الاتجاهquot;الجامعquot;في المناسبة، إضرارا بالغا بها من حيث انها تعمل على شق وحدة الامة و تزرع أسباب النفور و الفرقة بينهم.
مناسبة عاشوراء، التي رأينا و نرى فيها مناسبة جامعة موحدة للأمة الاسلامية جمعاء من دون أي فرق بين مذهب او آخر، نٶکد کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، انه من الممکن جدا جعلها واحدة من أهم المقومات و الرکائز التي تجمع أبناء الامة العربية من مختلف المذاهب الاسلامية على طاولة واحدة و أن تجمع القلوب و تصفي الانفس و توجه الافکار و العقول بما يخدم آمال و تطلعات الامة و يحقق أهدافها الکبيرة، وان إستنباط العبر و المعاني القيمة منها لن يکون إلا بإرجاعها الى المحمل الاصيل الذي کانت عليه والذي للأسف البالغ قد تم تحريفه و تشويهه بصورة غير عادية بحيث خرجت عن السياق الاصيل الذي کانت عليه و باتت بصيغة و مضمون ليس بالامکان أبدا إعتباره مفيدا او في خدمة أهداف و طموحات الامتين العربية و الاسلامية.
اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ومن منطلق إهتمامنا و حرصنا البالغين على مصالح و آمال و تطلعات الامة العربية في مختلف أقطار الوطن العربي، وفي الوقت الذي نجد فيه هنالك الکثير من المخاطر و التهديدات المتباينة و المختلفة الجوانب تحيق بأمتنا و أوطاننا، فإننا نرى الحاجة ماسة للبحث عن کل الاسباب و المقومات التي تساعد و تعين مجتمعاتنا على التآلف و الوحدة و الانسجام وفي نفس الوقت، نبذ کل العوامل و المسببات التي تٶدي في نهاية المطاف الى بث بذور الفرقة و الشقاق و الاختلاف السلبي بين مختلف أبناء المذاهب الاسلامية وان الفرصة مواتية لإثبات ذلك من خلال إحياء مناسبة عاشوراء بالصورة السليمة و المتفقة مع مصالح و طموحات الامة وليس إستخدامه کوسيلة او منطلق من أجل أهداف مشبوهة و خبيثة ليست لها علاقة لا بالدين الاسلامي بشکل عام، ولا بمناسبة عاشوراء بشکل خاص، وان أملنا و ثقتنا کبيرة بالمخلصين الغيورين من أبناء أمتينا العربية و الاسلامية، quot;وقل اعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المٶمنونquot;.
*المرجع الاسلامي للشيعة العرب.
- آخر تحديث :
التعليقات