فكرة الوطن البديل ليست جديدة حيث تم الترويج لهذه الفكرة البغيضة مجددا في مؤتمر عقد مؤخرا في القدس برعاية اسرائيلية في الخامس من ديسمبر 2010. المتحدث النجم في المؤتمر كان غيرت فيلدرز النائب الهولندي اليميني المتطرف وزعيم حزب الحرية المناهض للاسلام والمعروف بعنصريته. غيرت فيلدرز الذي أثار فيلمه quot;فتنةquot; ضجة كبيرة والذي اعتبر مسيئا للاسلام هو معجب قديم في اليمين الاسرائيلي المتطرف وزائر منتظم لاسرائيل منذ اوائل التسعينات. وقد وصفته صحيفة ايديعوت احرونوث الاسرائيلية بتاريخ 30 نوفمبر تشرين الثاني بالعنصري الفاشي المتطرف.

وطرح غيرت فيلدرز في المؤتمر مشروع quot;الأردن كالوطن البديل للفلسطينيينquot; ولقيت كلمته الترحيب والتصفيق من افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي المعروف بعنصريته وكرهه للفلسطينيين والعرب وطموحاته بترحيل الفلسطينيين الى الأردن والاستيلاء الكامل على الأرض من النهر الى البحر أما المصفق الآخر هو آريه ايلداد عضو الكنيست اليميني المتطرف من حزب هاتكفاه الاسرائيلي والذي استضاف غيرت فيلدرز لالقاء كلمة في المؤتمر.

هذه الفكرة الخطيرة والمرفوضة تعني في الحقيقية تصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني والتطهير العرقي الكامل للسكان العرب في الضفة الغربية والقدس وطردهم عبر النهر شرقا للأردن ليحل المستوطنون محلهم. وستعني نهاية المملكة الأردنية الهاشمية كما نعرفها بدولة مستقلة ذات سيادة وبهذا سنواجه كارثة جديدة أكثر فظاعة من نكبة عام 1948.

المروجون لهذه الفكرة لا يأبهوا لحقوق الانسان ومعاهدات جنيفا ومباديء العدالة والحرية والقانون الدولي ولا يهمهم قرارات الأمم المتحدة والمرجعيات الدولية ولا يهمهم اتفاق اوسلو وخارطة الطريق والرباعية وهذه الفكرة تنسف كليا مشروع حل الدولتين الذي يحظى بدعم عربي ودولي. ان طرح هذا المشروع وامثاله هو صفعة للرئيس الأميركي أوباما ولطوني بلير الناطق باسم الرباعية (الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي روسيا والولايات المتحدة) واهانة للمجتمع الدولي.

في طرحهم لهذا المشروع الغبي لم يشاوروا الاطراف المعنية. لم يستشيروا الفلسطينيين ولم يستشيروا الأردن بل تبرعوا بأفكارهم العنصرية الحاقدة على الملأ بكل وقاحة دون التفكير بالعواقب الوخيمة الكارثية.

علينا ان نتذكر ان حزب الحرية العنصري والمعادي للاسلام والمسلمين لذي يتزعمه غيرت فيلدرز متورط في مستنقع من الوحل في مسائل فساد وبلطجة واحتيال وادانات بجرائم اخرى. وسبق ان حوكم زعيم الحزب بتهمة التحريض والكراهية العرقية والتمييز ضد المسلمين.

الآردن رفض هذه الافكار مرارا ومسبقا حيث قال العاهل الأردني للصحافة والاعلام بتاريخ 16 مايو ايار 2009 quot;لا يوجد في قاموسنا مصطلح اسمه الوطن البديلquot;. كنت قد كتبت عن هذا الموضوع قبل عام ووجدت نفسي مضطر للعودة اليه على ضؤ التطورات الأخيرة والتصريحات التي اطلقت جزافا من مؤتمر الحقد والعنصرية الذي عقد اوائل هذا الشهر في القدس.

ومن الجدير بالتذكير انه في عام 2009 طرح 53 عضو في البرلمان الاسرائيلي الكنيست مسودة مشروع يطالب فيه أن تكون الأردن الوطن الرسمي البديل للفلسطينيين وتم رفض وادانة الفكرة اردنيا وفلسطينيا. ولتخفيف حدة الغضب الأردني اعلن ناطق باسم الخارجية الاسرائيلية ان هذا المشروع لا يعكس موقف الحكومة الاسرائيلية هذا عام 2009.

والآن بعد انعقاد مؤتمر الفاشيين والعنصريين مؤخرا سمعنا تنصلات مشابهة.

حيث قالت سفيرة هولندا في عمان قبل ايام ن ما يقوله غيرت فيلدرز لا يمثل موقف الحكومة الهولندية وقال السفير الاسرائيلي في عمان يوم 7 ديسمبر كانون اول أن هذه التصريحات لا تمثل الحكومة ثم اعلن وزير الخارجية الهولندي يوري روسينثال بالقول ان التصريحات لا علاقة لها بسياسية ومواقف الحكومة الهولندية.

باختصار بقاء واستمرار الأردن كالمملكة الأردنية الهاشمية المستقلة وذات السيادة وتحت قيادة هاشمية فذة وحكيمة هو الخيار الأفضل للشعب الأردني برمته وخير ضمان للاستقرار والأمن في الأردن والمنطقة. الأردن سيواصل الدعم للشعب الفلسطيني بتحقيق دولته المستقلة على أرضه وليس على أرض الأردن.

وفكرة الوطن البديل رفضت سابقا وترفض الآن وسترفض في المستقبل.

اعلامي عربي - لندن