إلى الذين يحرمون تهنئة المسيحيين بعيد الكريسماس.. كفى أيها الشيوخ تضليلا ً للبسطاء وغير العارفين... اتقوا الله ليجعل لكم مخرجا مما انتم فيه منحشرون ومنغمسون... أفهموا المقاصد الإلهية العليا من نزول الأديان وخلق الإنسان وأتبعوها وابتعدوا عن المقاصد الدنيوية الفانية. فكروا بعقولكم يا أولي الألباب!! واسعوا في الأرض خيرا لأنفسكم وللبسطاء وعامة الناس ولا تمنعوهم أو تصدوهم عن فعل الخير حتى يعم الأمن والسلام ربوع العالم الذي نعيش فيه.
كيف تسمح ضمائركم إن كانت لا تزال حية بتحريم ما حلل الله سبحانه؟ وهل الله أمرنا ألا نقسط المودة والحب للآخرين؟ أو طلب منا سبحانه ألا نبرهم؟. وهل يطلب منا الله الرحمن الرحيم أن ننشر الكراهية والبغضاء تجاه الذين هم معنا يختلفون؟ وهل توجد آية واحدة في القرآن الكريم تحث المسلمين على عدم تهنئة المسيحيين ومشاركتهم أفراحهم كما يشارك المسيحيون أخوتهم المسلمين أفراحهم وأعيادهم؟ فعلى أي أساس إذن تحرمون؟
أيها الشيوخ.. ما هو الخطأ الذي يرتكبه المسلم بتهنئة أخيه المسيحي وما هي الخطيئة إذا وضع المسلم شجرة عيد الميلاد المفرحة في بيته واحتفل مع أصدقائه وجيرانه بعيد ميلاد المسيح عليه السلام.. ألا يعترف الإسلام أن المسيح ولد بالفعل وعاش بين الناس على الأرض أم أنكم تعتقدون أنه لم يأتي بعد كما يعتقد اليهود؟ وبالتالي فلا يجوز الاحتفال بعيد ميلاد من لم يولد بعد. أنظروا ما أعذب القول العزيز quot; السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْت quot; ألا يعني هذا أن يوم مولد المسيح عليه السلام أو حتى ذكرى مولده للذين لا يعرفون التاريخ هي ذكرى للسلام والوئام والمحبة ونحن جميعا مطالبون بإلقاء السلام والمحبة على بعضنا البعض في هذا اليوم الرائع الذي يحمل معاني طيبة من المحبة والسلام.
هل بعد هذا القول العذب حرام أن يحتفل المسلم بذكري ميلاد المسيح؟ وقد قال عنه القرآن الكريم... وجيهاً في الدنيا والآخرة... وأيدناه بروح القدس.. كلمة الله ألقاه إلى مريم وروح منه.. وإذا كان اعتراف المسلم بالمسيح الذي هو كلمة الله وروح منه يمنحه الدرجة الأعلى فيصبح فوق الذين كفروا به أفلا يعطيه هذا الاعتراف الحق في أن يحافظ على موقعه ويفرح بميلاد المسيح ويفرح الآخرين أيضا حتى لا يفقد موضعه الفوقاني!!!
ثم ما هو الضرر الذي يلحق بالمسلم إذا فرح وقدم التهاني للمسيحيين بعيد الميلاد المجيد؟ ألا يشتري المسيحيون حلوى المولد النبوي الشريف وينتظرها أطفالهم كل عام؟ أسالوا الناس أو أصحاب المحلات التجارية إن كنتم لا تعرفون. وهل أنتم لا تعلمون كيف يشارك المسيحيون أخوتهم المسلمين بالاحتفال بالشهر الفضيل ويضعون كل أشكال الزينة والأنوار على منازلهم ويشترون لأبنائهم الفوانيس عملً بقول المسيح عليه السلامquot; فرحاً مع الفرحينquot; إذن لا ضرر ولا ضرار من المشاركة المتبادلة بفرحة الأعياد وليسكت ويصمت كل الحاقدين والجهلاء.
إلى أولئك الذين يقولون أن تهنئة المسلم بعيد الكريسماس تعني موافقته على الاعتقاد المسيحي الذي يعتبره بعض الشيوخ محرفا.. أقول وهل تهنئة المسيحي للمسلم بعيد الأضحى يعني موافقته على أن أبن الموعد هو إسماعيل وليس أسحق؟ بالطبع لا فالمسيحي يؤمن أن أبن الموعد هو مولود الزوجة أي أسحق ومع ذلك لم يمنعه هذا من تهنئة المسلم بالعيد.. ذلك لأن الإنسان العاقل في عصر الكوكب الواحد والانترنت يعرف أن الاعتقاد من الأمور الخاصة جداً بكل إنسان والفرح أمور عامة للجميع من كل الأجناس وكل الأديان وهذه هي غاية الله وقصده في التنوع والاختلاف.
فتاوى شيوخ التطرف إذا سمع لها البسطاء وغير العارفين سيحولون الأرض التي تعب الإنسان على مر العصور والأزمنة في تعميرها إلى جبال طورا بورا أو جبال كندهار أو إلى جحيم الصومال وغيرها.. وعندها سوف يجد المسلم نفسه في خصومة ليس فقط مع من يختلف معه في الدين بل ومع من يختلف معه في المذهب أو الفكر.. إذا استمر هذا الوضع السيئ فسوف يجد المسلمون أنفسهم في عزلة حقيقية عن العالم كله فيصبح العالم المسيحي واللاديني على جانب والمسلمون على الجانب الآخر.. لأن لا أحداً في العالم قاطبة حتى ولو كان ملحداً أو لاديني من الممكن أن يقتنع ولو بمثقال ذرة بفتاوى الشيوخ التي تحرم تهنئة المسلم لغيره أيا كان دينه أو جنسه بأعياده ويفرح معه ويفرحه.
بعيدا عن فقه المتعصبين.. الأعياد والاحتفالات دينية أو وطنية أو غيرها ببساطة الإنسان العادي هي تعبير عن الفرحة بذكرى طيبة وفرصة لتبادل المشاعر النبيلة بين الناس ما يرفع من مستويات التعايش بالمحبة والأخوة بين جميع الأديان والأجناس.
ولذلك فالمسئولية ملقاة على عاتق عقلاء هذه الأمة لكي يكسروا حواجز الخوف والصمت ويعلنوا للناس أجمعين أن المسلم إنسان على خلق عظيم بالفعل قبل القول وأنه لن يتخلى عن أخلاقه وقيمه الدينية النبيلة مهما اقترفتها سيول فتاوى شيوخ التطرف... على المؤسسات الدينية الوطنية الأصيلة أن تتبني خطط تنويرية طموحة متعددة الجوانب والاتجاهات لمحاربة الفكر المتطرف وأن تجد التفسيرات الصحيحة وتقدم الفقه الأصيل للشعوب الإسلامية حتى يعم الخير والسلام العالم أجمع.
إلى أخوتي المسلمين الأحباء.. حافظوا على عقيدتكم السمحاء وأيمانكم الراسخ بعيدا عن عبث المتطرفين ولا تحرموا أنفسكم والآخرين من فرحة الاحتفال بذكرى ميلاد المسيح عليه السلام مرددين القول العذب quot; السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتquot; وكذلك الترنيمة الخالدة لنشيد الملائكة في السماء quot;المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرةquot; كل عام والجميع بخير.
[email protected]
التعليقات