إنها قصة واقعية كتبها أب مكلوم فقد ابنته الطفلة ساراي وزوجته معاً في يوم واحد... قصة طفلة بريئة لا تعرف سوى الحب وأم محبة مؤمنة بإله المحبة والتسامح، قصة تفصل بين إيمان وإيمان إيمان متعطش للقتل والذبح والنحر بإسم الدين وإيمان مسالم محب، إيمان ماحي للرحمة وللمشاعر الإنسانية الراقية يحول الشاب الوديع إلى قاتل ولص وذابح وناحر بإسم الدين إنها قصة رحلة الطفلة (ساراي) من كنيسة سيدة النجاة إلى ملكوت ألله حيث الخلود والحياة كتبها الأب نبيل مقدسي فاستطاع بمشاعر الأبوة أن يجعل دموعي تنساب كأنني أمام فيلم حقيقي ولكنه فيلم من النوع التراجيدى الإنساني سوف تنساب دموع كل أب وكل أم لقرائة هذه القصة، قصة براءة الطفلة وغدر وخسة وانعدام المشاعر لدى الشاب، شاب اختزل الايمان بالله الواحد الاحد للنحر والقتل، قصة طفلة برئية لا تعرف سوى الحب والصدق والمشاعر الراقية قصة طفلة تحتض داخل قفصها الصدرى قلب نابض الحب والبراءة... إليك القصة كما رواها الأب.

أخذتُ إبنتي يوم الأحد إلى كنيسة النجاة كالعادة لكي نُصلي ونُسبح، ونعيش فترات عشق ومحبة مع منْ فدانا... في هذه المرة لم تأت زوجتي معنا لظروف عملها، لكنها سوف تلحق بنا بعد ما تنتهي من عملها...
كانت إبنتي بجواري في إحدى المقاعد الخلفية... وبينما نحن في صمت العبادة إذ أنهض من خِلوتي على سماع صوت إبنتي وهي تقول: بفرحة وسرور حتي ظننتُ أنها لمحت أمها وهي تدخل من باب الكنيسة.
لكنها أخَذَتْ بعضها وهرعت إلى واحد من مجموعة دَخَلتْ فجأة الكنيسة رافعين أسلحتهم ويهتفون الله أكبر... الله أكبر... الموت والقتل للكفار... لكنها كانت تصر على قولهاquot; بابا.. بابا.. عمو هيثم جه يصلي معانا !quot; كان كلامها تائهاً وسط أصوات.

هذه المجموعات quot;الله أكبر... الله اكبر... quot;! وهرعت إبنتي إلى شاب كان مدججاً بسلاح ناري،
وعندما نظرتُ إليه عرفته إنه هيثم جارنا في العمارة ابن الحاج رمضان عبد الكريم... تذكرتُ شكوة والديه أن هيثم ترك الجامعة وإنضم إلي مجموعة دينية، ويترك البيت بالأيام... وأصبح إبن عاق لا يطيع والديه ولا يتخذ من وصاياهم أي إعتبار. أصبح بالنسبة لهم مشكلة في حياتهم.

كان قبل ما ينضم إلى هذه المجموعات دائما يشاكس إبنتي quot;ساراي quot;ويأتي لها ببعض الحلويات. كان زهرة الشباب في وسطنا... كان دائماً يلقي علينا بآخر النكات... وخصوصاً النكات التي كانت تدور حول الأمور السياسية بعد عهد صدام... كان شهماً... كان يحب كل الشباب أمثاله ويجالسهم ويتسامر معهم... لكن بعد ما دخل الجامعة كل شيء تغير... بدأ يختفي عن الأنظار... أصبح له شلة من الأصدقاء تختلف تماماً عن شباب جيرانه.

شريط سينمائي خطر على بالي في لحظة... أنتشلتُ إبنتي قبل ما تلقي بجسدها الطفولي على أكتافه، كما كانت تفعل معه من قبل، فأسرعت أشدها منه، ثم نظرتُ إلى عينيه وأطلتُ النظرَ إليهما... لكنه أخذ بعضه وإبتعد عنا وهو يهتف... القتل للكفرة... إنقلبتْ الكنيسة في لحظة... بدأتْ أصوات الصلوات تعلو على ضجيج هؤلاء المجموعة الإرهابية... كانت أفراد المجموعة تجري هنا وهناك مهددين إيانا أن نلتزم الصمت وننبطح أرضا... لكن كنا نزيد من الترانيم والتسابيح... حتي بدأوا يلبسون أحزمة الدمار الناسفة... أما نحن بدأنا نلبس على رؤوسنا أكاليل الشوك الذي تذوقه السيد عند صلبه... تشجعنا بهذه التيجان... فإزدادت صلواتنا لكي يخطفنا الرب على السحاب... فقد كنا مستعدين أن نقابل الرب في مجده... كان لنا رجاء في ملكوت السماوات حيث الطهارة والتحرر من الجسد، ونصبح أجساما روحانية نورانية مقدسة... وها هم هذه المجموعة تصرخ وتهدد وتقتل في سبيل الله... وكأن الله ضعيف إستعان بهؤلاء الأوباش لكي يدافعوا عنه... ويحموه... كانوا ينادون بإطلاق حرية إخوتهم في الإسلام كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين حسب ما يعتقدون بالإضافة إلى بعض زملائهم المحبوسين في السجون... رفعوا أعلام الجهاد بجانب الصلبان. وشتان الفرق بينهما... أعلام للقتل والشر... وصلبان للتضحية والبر.!

تحسرتُ على هذا الشاب هيثم، ذهبت إليه زاحفاً لكي اُجَنِبَهُ القيام بهذا العمل الشنيع... إنفزع مني وإندهش لأنني لم أخشاه... قال لي : ألست خائفا مني؟؟ قلت له أنا لا أخاف من الموت الجسدي... فأنا سوف أنتقل فقط من حال إلى حال أفضل... حيث الراحة والتمتع بنور الرب. وبعصبية شديدة صرخ في وجهي quot;يعني إنت مش خايف تموتquot; !.. فلمح راعي الكنيسة وتعجب أنه يتقدم إليه غير مهتم بما يحمله من سلاح وإذ به يطلق عليه شحنة نارية من السلاح الذي يحمله وأرداه قتيلا... صرخت إبنتي بصوت عالي... وإذ به يقول لها إخرسي.!! ولم تسكت عن الصراخ... وبدون رحمة وبدلا من أن يعطيها قطعة من الحلوي كما كان يفعل من قبل صَوّبْ إليها فجأة رصاصة لكي تصبح إبنتي أول مَنْ فتحتْ لهُ أبواب جنات الحوريات والخمر والعسل والغلمان، وفي لحظة وجدتُ إبنتي في حضني جثة هامدة.
وأفاجيء بزوجتي تصرخ فقد أتت قبل حدوث هذا الهجوم الغاشم بلحظات وكانت من ضمن مجموعة السيدات حيث أنهم فصلوا السيدات عن الرجال، ولا أعرف سبباً لهذا، إرتمت زوجتي على إبنتي وهي تبكيها دماً... فوقفتْ وكادتْ تفترس هذا الشاب الذي لم يعرف الرحمة ولا حتي الإنسانية... نسي كم من المرات وقفت زوجتي بجانبه لكي تدافع عنه أمام والديه... فجأة تغلبت قوى الشر على الخير وإذ به يُفجر نفسه في لحظة هجوم زوجتي عليه... وضاعت زوجتي في لحظة ولحقت بإبنتي... أخذت أصرخ لكن صوتي كان تائهاً بين صراخ الآخرين... الذعر ملأ المكان... التسابيح إزدادت علوا... الإنفجارات إزدادت قوة... الصلوات إزدادت حرارة... الرصاص اظهر غدره... لكن شتان بين التسابيح والصلوات وبين الإنفجارات والرصاص. إهتز المكان... نظرنا إلي السماء، إمتلأنا بالروح القدس، فرأينا مجد الله ويسوع واقفا عن يمينه quot;هتفنا جميعنا : نراك يا إبن الإنسان واقفا عن يمين الله... فإنزعج من تبقي منهم... فصاحوا صياحا شديداً quot;إخرسواquot;، وسدوا آذانهم، وأصيبوا بهستيريا... وبدأوا يطلقون علينا الرصاص ويفجرون أنفسهم بطريقة عشوائية لا إنسانية.

وذهبت أبنتي وزوجتي في أحضان الرب... وفازتا بأكاليل الحياة...
ما زالت إبنتي على سجيتها، فهرعت إلى رب الأرباب لكي يحقق لها طلباً... فقد رأت هيثم يتعذب في الهاوية... ينادي عليها وهو يتألم ويصرخ quot;ساراي.. سارايquot; أطلبي من يسوعك لكي يرحمني ويرسلك لي لتغمسي طرف أصبعك في الماء لكي يبرد لساني....!!!!!

ترى من المسؤول عن إيمان الذبح والنحر؟ هل الله؟ حاشا، من المسؤول عن شهوة حب الذبح والنحر باسم الله؟ المسئول ليسوا الجناة فقط بل رجال الدين الصامتين الذين تربى بينهم هؤلاء الذئاب حتى شبت على السرقة والحرق باسم الله، المسؤول رجال السياسة الصامتين ورجال القانون المتواطئين...
من المسئول عن انحراف فهم الدين لدى هؤلاء؟ هل الدين؟ حاشا..

من المسؤول عن دموع وآهات الآخر؟ من المسؤول عن الحرق والسلب والنهب باسم الدين؟ من المسؤول عقيدة الاستحلال؟ هل الشيخ عمر عبد الرحمن فقط؟!! هل أسامة بن لادن فقط؟!! الجميع مسئولون والمسئولية الكبرى تقع على عاتق علماء المسلمين.
ترى كم عدد نماذج لهيثم بين شباب مصر..

[email protected]