تتشابك مصالح العراق وأولويات التسليح مع مصالح أيران وتركيا ودول الخليج واسرائيل.
الصفقة المقترحة على الكونجرس الأمريكي في 13 سبتمبر أيلول من هذه السنة، تتضمن الطلب العراقي لشراء 18 طائرة مقاتلة من طراز F-16 IQ Falconsالتي تنتجها مصانع لوكهيد مارتن، كما تتضمن قائمة المشتريات معدات وأجهزة ألكترونية وأنظمة تعرف وتمييزالعدو أو خصم APX-113 ومجموعة رادارات وقطع غيار و200 صاروخ جو- جو من طراز سايد وايندر و150 صاروخ جو- جو مُحسن من طراز سبَيروSparrow Aأ و50 صاروخ المستخدم ضد الدروع وقنابل موجهة بالليزر من أوزان مختلفة منها 2000 باوند و4 طائرات أستطلاع. ويبدو أن الأوساط العسكرية والدبلوماسية الأمريكية تتجه الى تحقيق شبه توازن أقليمي بتزويدها العراق بطائرات متطورة من هذا الطراز التي سبق وأن وافقت على بيعها الى كل من تركيا والأردن. وليس خفياً أن لجان الكونغرس الأمريكي تدرس بحذر مبيعات السلاح الى دول الشرق الأوسط وخاصةً الطائرات الحربية وفق موازين سياسية وطبيعة تحالفها العسكري وتعطي فيه أسرائيل تفوقاً نوعياً في الأداء والطراز يتجاوز في تكنولوجيته مايباع الى دول المنطقة، كما تُقيّم حاجات تركيا الأسلامية كحليف في الناتو بمعايير جيوبوليتيكية مختلفة لموقعها الأستراتيجي جنوب روسيا وشمال العراق وتحكّمها بمضائق مرور السفن بين البحر الأسود والمتوسط.


وتقوم وزارة الخارجية الأمريكية والدفاع بعملية مراجعة لكيفية أستخدام السلاح ومناطق أستخدامه والتصرف فيه والتأكد من ملائمته مع خطط الأستراتيجية العامة للولايات المتحدة خاصةً بعد بيعها في سبعينيات القرن الماضي أكثر من 6 أسراب جوية من طائرات ف -14 توم كات البحرية الى أيران في عهد الرئيس كارتر وعلاقة أِيران الحليفة للولايات المتحدة في عهد الشاه. ومما هو جدير بالذكر أن طائرات ف -14 البحرية لم تباع أِلا الى أيران، فقد أمتنعت الولايات المتحدة من أِمداد دول الناتو الحليفة لهذا النوع من الطائرات. وقد دُمِرَ معظمها ولم يعد مايصلح منها للعمل أِلا سرب واحد وقد تم تفكيك و تهريب بعضها الى الأتحاد السوفيتي، كما هبطتْ أِحداها في العراق خلال الحرب العراقية الأيرانية.


F-16 Fighting Falcon

A USAF F-16C over Iraq in 2008
Wikipedia


وفي الوقت الذي تترقب القوات الجوية العراقية بلهفة وصول الطائرات وأتمام تسليمها قبل أو بحلول عام 2013، تنتقد أوساط أخرى مايجري داخل المؤسسة العسكرية والمدنية العراقية من أضطراب أداري وفني. ويبدو من جملة الملاحظات أن اللجان الفنية العراقية لاترسل خبيراً متمرساً يفحص ويدقق قدرة الطائرة فنياً وعملياتياً كما تفعل أسرائيل مثلاً، التي تقوم بأرسال طيار وفنين ومهندسين يقومون بأختبار الطائرة قبل عقود الشراء. وقد وقعت أسرائيل فعلاً على عقد لشراء مجموعة من طائرات F-35 وهي ألاحدث في الترسانة الأمريكية وآخر ماأنتجته مصانع الطائرات بعد أن أختبرت لجان فنية الطائرة وصلاحيتها على أن يتم تسليمها بحلول عام 2015. ومع أن أسرائيل لم تكشف الستار عن الصفقة الموقعة وثمنها وأعدادها وتاريخ التسليم أِلا أن المراقبين يعتقدون بأنها في حدود 20 طائرة وبثمن يقدر ب 2.75 بليون دولار.

وقد نشرت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; تقريراً، نقلت فيه ما كشفه تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية quot;البنتاغونquot;، فقد كشف التقرير أن الجيش العراقي ووحدات
الشرطة التي تدعمهما القوات الأمريكية تفتقر إلى الضبط والنظم التي تحافظ على استعداد قوات الأمن، بل إن وزارة الداخلية طالبت بشراء مروحيات قيمتها 200 مليون دولار من دون أن تستعد لشراء قطع غيار أو أدوات لصيانتها وذلك بعد مصاريف هائلة تُقدر بنحو 24 مليار دولار خلال ثماني سنوات من تدريب ومراقبة الأسلحة والمعدات.
وتقرير الوزارة يبعث على الإحباط، وذلك بعد وصفه وزارة الدفاع الحالية بأنها عاجزة بشكل عام عن التخطيط والبرمجة ووضع الميزانيات وتنفيذ العمليات،!!. كما أن بعض المراقبين يهمسون في الأسماع أحتمالات هروب طيار عراقي بطائرة ف-16 الى أيران، أو كما حدث في حرب الخليج عام 91 عندما أمر الرئيس صدام بتهريب أسراب من الطائرات الروسية والفرنسية أليها.

وسيكون العراق بحاجة إلى 600 مليون دولار سنوياً لصيانة المعدات العسكرية لديه التي يقدر ثمنها بـ10 مليارات دولار بداية من العام القادم 2011، وخاصة في عمليات صيانة الطائرات والمحافظة عليها. والحقيقة التي سنراها مستقبلاً تتبلور حول تشابك مصالح العراق مع دول المنطقة وطبيعة النظام القائم فيه وعدم الثبات على أستراتيجية واضحة، حيث سيكون ذلك، الأثر الأول في دوام العلاقة العسكرية مع الولايات المتحدة أو تعثرها.

باحث سياسي وأستاذ جامعي

* مصادر عسكرية مختلفة