انتهت انتخابات مجلس الشعب وفاز من فاز وخسر من خسر، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء, ونجحت الحكومة في الوصول إلى برلمان تريده على هواها، برلمان بلا معارضة، ولو شكلية وتخلصت من كل المشاغبين الذين كانوا يسببون لها صداعا مرة بكشف فضائح الفساد الذي وصل للرؤوس في كل قطاعات الدولة, ولا صوت يعلو إذن فوق صوت الأغلبية الساحقة, كل مقاعد البرلمان لمصلحة الحزب الوطني إلا قليلا حتى المستقلين سينضمون معظمهم غالى الحزب الوطني.

حتى الأقباط الذين ترشحوا في الانتخابات لم ينجح منهم احد، وربما يفسر ذلك قرار الرئيس مبارك تعيين سبعة من الأقباط من بين عشرة يحق للرئيس تعيينهم بمقتضى الدستور، وهو ما أثار جدلا كبيرا في أوساط الأقباط، باعتبار أنهم يمثلون تيارا ضد الكنيسة على الرغم من أن ساسة بارزين مثل الدكتورة quot;منى مكرم عبيدquot; كان يشرف بها البرلمان لم يحالفها الحظ هذه المرة، فسقطت لمصلحة مرشحة مغمورة ووصفت الانتخابات بأنها الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، وكذلك جورجيت قلليني وكأن الأقباط ليس من حقهم أن يخوضوا الانتخابات إلا من خلال الحزب الوطني على الرغم من أنهم شركاء في الوطن.

وعلى ما يبدو أصبحنا أمام منظومة مشوهة في كل شيء،rlm; فليس ما حدث في انتخابات مجلس الشعب المصري يمت للديمقراطيةrlm; بصلة, فلا توجد ديمقراطية في العالم كله بلا معارضةrlm;rlm; ولو مستأنسة, ولا توجد حكومية بدون أي رقابة،rlm; فالبرلمان مجرد ديكور لتجميل وجه النظام القبيح, ولا توجد دولة محترمة لا تنفذ أحكام القضاء، وقبل هذا وبعده لا يمكن لدولة تعيش في القرن الحادي والعشرين ولها امتداد وثقل حضاري كبيرين أن تطرح رؤيتها فقط، وتعصف بالرأي الأخر كما يحدث في مصر الآنrlm;.

rlm;لقد تفاءلنا خيرا حين فتح الرئيس حسني مبارك أمام المصريين الباب للتعبير، وإبداء الرأي والتعبير عن ذلك بكل أشكال التعبير من اعتصام وتظاهر،rlm; ولا أدري علي أي أساس اقنع البعض الرئيس ليغض الطرف عن هذا الانجاز الذي كانت له يحظى بتقدير وامتنان في نفوس المصريينrlm;.rlm;

rlm; وعلى من صوروا لقيادة الحزب أن الحصول علي الأغلبية الكاسحة والهيمنة على مجلس انجاز كبير، كان عليهم أن يبينوا لهم الحقيقة، وهي أن مجلسا نيابيا بدون معارضة وصمة عار في جبين قادة الحزب الوطني، ولا يتصور عاقل أن تخسر أحزاب المعارضة، حتى ولو كانت هذه الأحزاب لا تحظى بتواجد في الشارع, أو يخسر المستقلون ويخسر مرشحون من الأخوان ويكسب الحزب الوطني الديمقراطي كل شيء وتغيب رموز كبيرة كان يمكن أن تثري التجربة البرلمانية.rlm;

وإذا غابت هذه الرموز، فمن يحاسب الوزراء ؟، ومن يقدم الاستجوابات ؟، ومن يسأل الحكومة؟ ومن يقدم طلبات الإحاطة أو يطرح قضايا المواطنين؟, أم أن قضايا البيزنس هي الأهم, وان هذا المجلس جاء لينجز عددا من قوانين تخدم هذا البيزنس ومن بينها مشروع قانون زراعة الأعضاء، ومشروع قانون التأمين الصحي الذي يحول الخدمة الصحية إلى سلعة يستفيد منها القادر على أن يدفع، ومشروع قانون الوظيفة العامة الذي يتيح المجال لتسريح الموظفين والعمال، وواضح أن الفرصة مهيأة لتمرير هذه القوانين وغيرها في مجلس الشعب الجديد.

rlm;وإذا كانت الحكومة تضري بأحكام القضاء عرض الحائط خاصة الأحكام الخاصة بالانتخابات وعمليات التزوير، وتخصيص الأراضي، وبيع أصول الدولة وأحيانا أخرى تتحايل عليها rlm;ما يفقد القضاء هيبته، ماذا بوسع المواطن الفقير أن يفعل حين يبحث عن حق أو يطالب بالعدل ويرى في القضاء ملاذه الأخير وهو سلطة فوق سلطة الحكومة؟ حتى الجهاز المركزي للمحاسبات الذي تؤكد تقاريره فساد سياسات الحكومة لم نعد نسمع له صوتا في هذا الجدل الدائر الأمر الذي يؤكد عدم رضا الحكومة عن أي دور رقابي للجهاز حتى لا يفتضح أمرها أمام الشعب، وهذا كله منافي لقواعد العمل السياسي والتشريعي، والتضييق على وسائل الإعلام قبيل الانتخابات دليل واضح على نوايا الحكومة تزوير إرادة الشعب ليخرج لنا برلمان مشوه من رأسه إلى قدميه وهو ما يطرح التساؤل عن كيفية نجاح حكومة تطيح بكل معارضيها، لأنها ضاقت بالنقد وعجزت عن تسويق برامجها ولا اعتقد أن بعد خطاب الرئيس مبارك أمام مجلسي الشعب والشورى ستنتعش الآمال في إصلاح ما أفسدته الانتخابات، لقد جاء مجلس الشعب الجديد ليبقى، وعلينا أن نتكيف مع الوضع الجديد لأنه باختصار لا آمل في الإصلاح.

إعلامي مصري