واخيرا، وبعد إنتظار طويل و مخاض عسير و جدال و مناورات سياسية متباينة، من المزمع أن تخرج الحکومة العراقية المتشکلة بعد الانتخابات العراقية الاخيرة الى النور، وکما يبدو و يستشف من مختلف التقارير و التحليلات السياسية، فإن الحکومة العراقية الجديدة تکاد أن تکون حکومة توافق هش مبني على خيارات و إحتمالات أغلبها هزيلة في بنيانها الاساسي.
وعلى الرغم من أن هناك الکثير من الملاحظات و الانتقادات بخصوص هذه الحکومة، لکن الامر اللافت للنظر، أن اغلب حقائبها الوزارية بالوکالة کما أن توزير السيد صالح المطلك والذي کانت العديد من الاوساط السياسية العراقية و بدفع و تحريض من جهة إقليمية محددة، ترفضه جملة و تفصيلا و تدعو و بصراحة الى(إجتثاثه)بإعتباره بعثيا سابقا وفق ماکانت تٶکد تلك الاوساط(حزب الدعوة الذي يتزعمه السيد نوري المالکي من ضمن تلك الاوساط السياسية ان لم تکن على رأسها)، لکن توزير المطلك، کان في حد ذاته بمثابة رسالة من طابع خاص جدا حول مدى إصرار السيد المالکي على التشبث برئاسة الحکومة العراقية حتى ولو دفعه الامر الى تغيير القناعات و الرٶى و الافکار التي کان يطلقها بخصوص بعض من المسائل وان موقفه من المطلك يندرج في هذا السياق وان التمعن في شکل و مضمون الاختلاف الجوهري في الافکار و الرٶى السياسية للتيار الذي يقوده المطلك مع حزب الدعوة الذي يتزعمه المالکي، يٶکد بأن ولادة أي قرار سياسي مهم و حساس سوف لن يکون بالامر الهين وقد يقود الى إشتعال نار أزمة سياسية جديدة ليس من المستبعد أن تطيح بالحکومة ذاتها، ومن هنا فإننا ننظر للأساس التوافقي بتوجس و ريبة بالغين و لانتوسم فيه أملا ما يمنح الحکومة العراقية الجديدة القدرة على الاستمرار الامثل لتأدية مهامها.
ان التعثر و التخبط و التأخير الذي رافق تشکيل الحکومة العراقية منذ إنتهاء إنتخابات مارس/آذار المنصرمة و ماتمخضت عنها من فوز واضح للقائمة العراقية بزعامة الدکتور أياد علاوي، کانت علته الاساسية التدخلين الايراني و الامريکي بالشأن العراقي بشکل خاص و رغبة کل منهما جر البساط العراقي بالصورة التي تکفل و تحفظ له مصالحه في هذا البلد المثخن بالجراح البليغة، ومع إيماننا بسلبية الدور الامريکي في العراق من حيث تدخله المفرط في الشأن الداخلي العراقي، إلا أننا نميل الى ان تدخل النظام الايراني في الشأن الداخلي العراقي قد کان بصورة أکثر سلبية و خطورة و هو يهدد سلامة إستقلالية القرار السياسي العراقي مثلما يهدد المصالح و الامن الوطني للعراق و شعب العراق، واننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ندعو و نحث مختلف الاوساط و الاحزاب السياسية العراقية الى توخي الحيطة و الحذر و وضع المصالح الوطنية للعراق فوق کل إعتبار و السعي لتجاوز الخلافات الثنائية و التأکيد على نقاط الالتقاء على أمل أن يؤدي ذلك إلى نجاح الحکومة العراقية الجديدة في المهام الملقاة على عاتقها لأننا وعلى الرغم من ثقتنا برأينا بخصوص الاساس التوافقي الهش الذي قد بنيت عليه الحکومة، فإننا لسنا نرجو عودة الازمة و اللاإستقرار السياسي للعراق مجددا ويقينا فإن قطع دابر التدخلات الخارجية في العراق و لاسيما القادمة من بلاد ولاية الفقيه سيکون له أبلغ الاثر في إستباب الامن و الاستقرار في العراق و نجاح الحکومة الجديدة في تمشية أمورها على أفضل وجه.

*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.