أتمنى من كل قلبي للحكومة العراقية النجاح، ليس لأجل عيون وزرائها بل من أجل عيون الشعب العراقي الذي مل الإنتظار. أكثر من أربعين وزارة ورؤساء متعددي النواب وفرق من المستشارين ومجلس لصياغة السياسات الإستراتيجية الذي لاتعرف ملامحه إلى الآن بمستشاريه، كل هؤلاء بإمتيازاتهم المادية والمعنوية بالتأكيد سيرهقون الدولة وكأن الحكومة كعملاق ثقيل لايكاد يحرك يداه حتى تتعطل قدماه. ليس هذا فحسب بل الحكومة لاتمثل إلا أقل من نصف الشعب العراقي! حيث لاوزارات هناك تقودها نساء، فبحركة فهلوية بسيطة لم يتفق عليها رؤساء الكتل، حيث عبرت عن نفسها وعن والوعي الذكوري الكامن عند رؤساء الكتل إختفت المرأة في قبعة الساحر ولم تظهر بعد. فلاغرابة إيضا ً إذا عرفنا أن المجتمع العراقي مجتمع ذكوري بإمتياز، حيث فاحت فحولته لتصل إلى سياسيين يريدون أن يثبتوا ولائهم لمجتمع ذكوري.

هل ستنجح الحكومة العراقية بالبقاء على قيد الحياة وهي تحمل كل هذه التناقضات؟ بالتأكيد هذا تحد كبير لكن التحدي الأكبر منه هو، إن نجحت تلك الحكومة بالبقاء على قيد الحياة فهل ستكون حكومة فاعلة تؤدي وضيفتها على أحسن وجه بخدمة المواطن العراقي؟

في البدء لابد أن نعترف أن تلك الحكومة هي حكومة شراكة وطنية حقيقية حيث مثلت كل أطياف الشعب العراقي. ولابد أن نعترف أيضا ً أن السياسيين العراقيين صاروا أكثر نضجا ً فيما يتعلق بحل الخلافات السياسية بالتوافق وكأنهم فهموا مفاتيح بعضهم البعض. لكن هل هذا يكفي لإنجاح تلك الحكومة؟ بالتأكيد لايكفي، فلربما ستبقى الحكومة على قيد الحياة لكنها سوف لن تعطي الشيء الكثير لهذا الشعب الذي مازال يعاني. لقد سمعنا الكثير عن تهافت الكتل السياسية على الوزارات الخدمية وذلك لخدمة المواطن العراقي لكن الحقيقة أثبتت غير ذلك. فالغالبية العظمى من الكتل تركت الوزارات الخدمية وبدئت تركض وراء الوزارات السيادية تغليبا ً للمصلحة الحزبية على الوطنية. والأدهى من ذلك أن الوزراء المنتخبين من قبل كتلهم لايمتون بصلة للوزارات التي سوف يستوزورونها حيث عسكري على وزارة الثقافية وعسكري آخر على المواصلات ومنظر حزبي على وزارة التعليم العالي، فأين التكنقراط الذي ناديتم به؟

المشكلة الحقيقية لاتكمن بالسيد المالكي الذي شكل حكومة آخر لحظة، أو حكومة الوقت الضائع، حيث تتبدل الأسماء بالأيام والساعات. المشكلة تكمن في الخطاب السائد والثقافة التي تتحكم بالوسط السياسي العراقي. فهو خطاب ذكوري عكس حالة ذكورية في تشكيل الحكومة وهو خطاب يحمل الكثير من الإستبدادية والتسلط وغياب الديمقراطية في طريقة إنتخاب الاشخاص المناسبين للوزارات. فلاتوجد ديمقراطية في داخل الاحزاب والمكونات السياسية ولاحتى طريقة واضحة لإنتخاب الأفضل والأحسن خدمة للشعب العراقي. فهل يعقل أن لايوجد شخص مؤهل لقيادة وزارة التعليم العالي أو وزارة الإتصالات من التكنقراط ليتم تعيين أشخاص ليس لهم ناقة ولاجمل في هذه المجالات، بل سيكونون أسيري مستشاريهم ونصحائهم الذين في الغالب سيغلبون المصلحة الحزبية على الوطنية.

أما لغم مجلس السياسات الإستراجية فهو سينفجر بالوقت المناسب الذي يراد به أن ينفجر ليبدء تعطيل كل شيء. فهو أشبه بقنبلة موقوتة صيغت بطريقة لايتكهن أحد كيف وأين سيتنفجر حتى على صانعيها. فهي أشبه بمن أراد أن يحل مشكلة بمشكلة أكبر. والمشكلة التي أتحدث عنها هي عندما تصبح هناك سلطتين للتنفيذ في جسد دولة واحدة. تخيل لو أن يدك تحركت لوحدها فبدئت تصفعك على خدك قبل أن تصفع الناس! فتعدد مراكز التنفيذ مشكلة لايمكن حلها إلا دستوريا ً. وأخيرا ً وليس آخرا ً، نتمنى من السياسيين العراقيين أكثر نضوجا ً في تجاوز أزمات يمكن أن يتم حلها بالحوار، ووعيا ً سياسيا ً يفرض على نوابه ووزارئه الحضور والتواجد وعدم السفر وعدم التغيب من مقاعدهم الوزارية والبرلمانية، حيث يوجد الكثير ممن لايحضر إلا بالمناسبات البروتوكولية وكأنه يمن على البرلمان وعلى الشعب الذي أختاره.

http://www.elaphblog.com/imadrasan