إذا كان الرئيس السوري quot;بشار الأسدquot; فقد السيطرة على مقاليد الأمور ولا يمارس السلطة في بلده، ويصف من يعطي الأوامر بقتل المحتجين من شعبه بالمجنون فمعنى ذلك انه إما انه يستخف بالعالم ويستحق هذا الوصف، وإما أن كبار قادة جيشه مجانين، ومن ثم لا يصح أن يحكم هؤلاء المجانين شعب سوريا صاحب واحدة من اعرق الحضارات في التاريخ الإنساني، هذا التصريحات أثارت هذا الشعب الأبي، فهب في جمعة الكرامة يدعو إلى quot;العصيان المدنيquot;، والسؤال الآن لماذا لا يعلن quot;الأسدquot; صراحة أنه مغرر به ويهرب بجلده قبل أن يقتل كالقذافي أو يحاكم كمبارك؟ لماذا يدفن رأسه مثل quot;النعامةquot;، ويغض الطرف عن الدماء التي تسيل يوميا في كل محافظات وبلدات وقرى سوريا؟.
ويبدو أن الكذب على العالم هو الوسيلة المفضلة لأركان النظام السوري، لكن الفضيحة لاحقت رأس النظام حين حاول في حديثه لشبكة أيه بي سي التليفزيونية الأمريكية، حاول أن ينأى بنفسه عن قمع حركة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، صب الرئيس المنزوع الصلاحيات quot;بشار الأسدquot; الزيت على النار وكانت ملامح وجهه وهو يتحدث مع quot;بربارا والترزquot; تكشف عدم صدقه، من يقتنع أن القوات التي ترتكب المجازر اليومية في سوريا ليست قواته، الكل يعرف أن أخيه quot;ماهر الأسدquot; وكبار قادة الجيش هم من أقاربه وطائفته العلوية وهؤلاء ما هم إلا حفنة من المجرمين والمنتفعين، ولا يصح أن ينتسبوا إلى الجيش العربي السوري إنما الوصف الدقيق لهم أنهم quot;عصابة الأسدquot;.
زاد الطين بله قيام وزير خارجيته quot;وليد المعلمquot; بتقديم عريضة من خمس صفحات أوضح فيها شروط دمشق للتوقيع على quot;بروتوكول المراقبينquot;، والغريب أن الجامعة العربية لا تزال تدلل نظام الأسد، وإلا ما معنى أن يقول أمينها quot;نبيل العربيquot; إن وزراء الخارجية والأمانة العامة بصدد دراسة المطالب السورية، وان الاجتماع المقبل سيكون نهاية الأسبوع الجاري في حين تستغيث مدينة حمص الباسلة من المجازر التي ترتكب بحق أبنائها.
من يقرأ هذه مطالب الحكومة السورية يشعر بالغثيان من هكذا نظام، فقد تضمنت أول صفحتين حديثا طويلا عن استعداد دمشق للتوقيع والشروط المطلوبة مقابل ذلك، بينما جاءت الصفحات الثلاث الأخرى في صورة جدول يتضمن التساؤلات السورية بشأن مشروع البروتوكول، وردود الأمين العام للجامعة العربية عليها، من خلال المراسلات المتبادلة بين الجانبين منذ الثاني عشر من نوفمبر الماضي، تبدأ رسالة المعلم بتأكيده أن سوريا تريد التوقيع علي مشروع البروتوكول في دمشق، ثم يوضح شروطه المتمثلة في اعتبار قرار تعليق عضوية سوريا والعقوبات المفروضة ضدها لاغيه بالكامل عند التوقيع، كما يطلب من الجامعة العربية إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة خطية بالاتفاق والنتائج الإيجابية التي تم التوصل إليها بعد التوقيع، وتوزيع الرسالة علي رئيس وأعضاء مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة كوثيقة رسمية.
وإذا كان رأس النظام السوري يعترف بأنه quot;مجنونquot;، والجامعة العربية تدلل quot;المجنونquot; على أساس أن المجنون ليس له عقل وضربه لا يفيدquot;، فكيف نفسر سلوك الولايات المتحدة وفرنسا، بعد أن قررت الدولتان إعادة سفيريهما إلى دمشق في وقت يقرر فيه الوزراء العرب سحب سفرائهم،وإغلاق سفاراتهم في العاصمة السورية هذا السلوك الأمريكي الفرنسي يتعارض تماما مع النغمة التي تتردد في وسائل الإعلام الغربية وهي أن النظام السوري فقد شرعيته وهذه حقيقة ارتوت بدم ألاف الشهداء من السوريين، فلماذا تقدم إدارة اوباما التي تطالب بشار بالرحيل وإدارة ساركوزي التي ترى أن أيامه باتت معدودة على إعادة السفراء؟
غني عن القول أن إعادة هذه الدول سفرائها إلى دمشق يعني أن هذه الدول لا تزال تقف إلى جانب نظام بشار الأسد وليس مع الشعب السوري، وربما تعتقد واشنطن وباريس أن هذا النظام quot;منزوع الصلاحياتquot; لا بديل له وبالتالي تريدان منحه الفرصة لقمع الاحتجاجات، وإنهاء انتفاضة مشروعة تطالب بالكرامة والحرية والعدالة، وهذا معناه أيضا أن العرب في واد، والعالم في واد أخ، ر فلا اعتقد أن تنسيقا غربيا جرى مع الجامعة العربية حيث كان وزراء الخارجية العرب في الدوحة يوم السبت والأحد أي الثالث والرابع من الشهر الجاري لمناقشة المطالب السورية وبجث فرض عقوبات اقتصادية جديدة، وهي عقوبات أزعجت الأردن، فتقدم بطلب إلى اللجنة العربية يستثني قطاعي التجارة والطيران المدني الأردنيين من العقوبات، فوافقت لجنة التنسيق العربية على طلب الأردن.
يبدو أن الدول الغربية تريد أن تترك الباب مواربا لحل سياسي في سوريا، أو ربما تريد الدول الغربية ألا تتدخل عسكريا في سوريا، مع قرب الانسحاب الأمريكي من العراق وترغب في إعطاء أولوية لشن عمل عسكري ضد إيران خاصة وان إسرائيل تتحفز للقيام بعمل عسكري يستهدف المواقع النووية الإيرانية، ربما هناك أمورا تحاك خلف الكواليس غيرت من المواقف الدولية بشأن سوريا والخاسر الأكبر هو الشعب السوري.
إعلامي مصري
- آخر تحديث :
التعليقات