نحن اليوم على اطلالة يوم عاشوراء الحسين. يوم نعتبره، نحن الشيعة، كنزاً لاينفد من المقاومة والصمود، مركز استلهام لكل من لايقبل الانظلام أمام الطغاة والمستبدين والدجّالين. لأن قائدنا التاريخي حسين بن علي واصحابه عليهم السلام قد أعطوا درساً بليغاً لجميع الاجيال والاعصار في التاريخ، بأن الانسان الحي الحرّ لاينبغي أن يستسلم لظروف الظلم والطغيان والديكتاتورية اياً كان حجمها وعمقها.

إن حركة مجاهدي خلق منذ نشوئها قد استلهمت من عاشوراء الحسين وكان بين اول الكتب المنهجّية التي يدرسها المجاهدون وكوادر التنظيم في العقود الاخيرة من القرن الماضي في أيام الشاه كتاب laquo;الامام الحسينraquo; الذي ألّفه السيد مسعود رجوي. ولم يكن من الصدف أن جميع قادة مجاهدي خلق انتهجوا طريق الحسين واستشهدوا بيد نظام الشاه في بداية السبعينات اقتداءاً بإمامهم وقائدهم التاريخي.

وبعد مجئ نظام الملالي إلى الحكم في ايران الذي يعتبر أشبه وأقرب نظام بالنظام اليزيدي فإن مجاهدي خلق اخذوا العهد للوفاء بالقيم الحسينية وانتهاج سبيل الحسين حيث قدّموا حتى الآن أكثر من مائة وعشرين ألف شهيد قرابين بهدف احياء المثل والقيم التي استشهد من أجلها إمامهم الحسين، الذي قال في هذا المجال خطاباً لأعدائه في ضراوة يوم عاشوراء laquo; يا شيعة آل ابي سفيان إن لم يكن لكم دين ولاتخافون المعاد فكونوا احراراً في دنياكمraquo;، وبذلك وضع قاسماً مشتركاً بين جميع من يعتقد بالدين ومن لايعتقد، ألا وهو الحرية. الحرية التي بدونه لم يعد الانسان انساناً.

واليوم نرى في مخيم أشرف المحاصر في العراق نموذجاً اشبه ما يكون بارض كربلاء، حيث أن مجاهدي خلق من نسائهم ورجالهم لايريدون أي شيئ سوى أنهم نذروا حياتهم من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية لشعبهم ووطنهم. وهذا هو السبب وراء جميع المضايقات المفروضة عليهم من الحصار والعدوان والضرب والقتل والجرح والتعذيب الجسدي والنفسي وغيرها.

والطرف الآخر لايقلّ عداوة وشقاءً عن آل زياد وآل يزيد حيث هاجموا سكّان أشرف العزّل والمجرّدين من السلاح في الثامن من نيسان من هذا العام بمختلف أنواع الاسلحة الثقيلة ودهسوهم بالمدرّعات واستهدفوهم بالقنّاصات وبعد ما قتلوا عشرات وجرحوا مئات منهم قاموا بنهب وسلب أموالهم. وقد أكملوا السيناريو بالمنع من دفن الشهداء في مقبرة المخيم حيث بقيت جثمامين الشهداء لاكثر من اربعين يوماً وبعد ذلك قام المجاهدون بدفنم في مكان آخر من ارض المخيم.

لاشكّ أنّ سكّان أشرف يعرفون أن الطرف الرئيس وراء جميع هذه المظالم هو النظام الحاكم في إيران الذي يرى في مجاهدي خلق نهاية حكمه ونهاية الدجل والدكتاتورية فلا يدّخر أي جهد إلّا ويستخدمها ضدهم لدفعهم للتركيع لولاية الفقيه والاستسلام له او القتل والمجزرة. ولاتردد لدى مجاهدي أشرف حيال هذا الظرف أن يقولوا ويكرروا خطاباً لخامنئي وللملالي ما قاله امامهم عشية عاشوراءlaquo;ألا و إن الدعي بن الدعي قد ركزني بين ثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلةraquo;.

وقد جعل سكّان أشرف منذ سنوات laquo;هيهات منا الذلةraquo; شعارهم الرئيسي أمام أي طرف يدعوهم إلى التراجع والاستسلام والخذلان والتنازل من حقوقهم وحقوق الشعب الايراني.
ولأنهم مؤمنين تماماً بأن من قتل من أجل القيم الدينية والانسانية ومن أجل حقوق الشعب سيكون مصداقاً للآية القرآنية الكريمة التي تقول laquo;و لاتحسبن الذين قتلوا في سبيلzwnj;الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقونraquo; (سورهٌ آلzwnj;عمران، آيهٌzwnj;169) فلا ترهق وجوهم قتر ولا ذلة.

وفي ظروف يعيشها سكّان أشرف هذا العام وهذا الوقت بالذات تحلّ عليهم عاشوراء الحسين كما هي في العام 60 من الهجرة، حيث أن حكومة المالكي ومنذ ثمانية اشهر تعلن ليل نهار على لسان مختلف الاشخاص التابعين له ولنظام الملالي أنها تريد إنهاء أشرف قبل نهاية هذا العام. وفي نظر هذه الحكومة التي تعمل من أجل تنفيذ اجندة النظام الايراني ضد معارضيه لاخيار أمام هؤلاء السكان إلّا التركيع أمام قتلتهم وقتلة شعبهم والتراجع عن القيم التي ناضلوا من أجل تحقيقها خلال ما يقارب اربعة عقود او الاستعداد للاستشهاد. وفي هذا اليوم يعلن مجاهدو خلق سكّان أشرف أمام هذا الخيار laquo;هيهات منّا الذلّةraquo;. ويقولون بأننا لايمكن نقبل بالاستسلام وسنصمد ونقاوم على مبادئنا أياً كان الثمن. لأننا نعتقد أن laquo;الحياة عقيدة وجهادraquo; وlaquo;أن الموت أولى من ركوب العارraquo;. وهذا ما تعملناه منهج إمامنا الحسين عليه السلام.

د. سنابرق زاهدي
رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية