التفجيران اللذان شهدهما حي كفر سوسة الأمني المحصن يوم الجمعة الثالث والعشرين من ديسمبر الحالي، هما تفجيران إرهابيان بامتياز مخزي ومشين أيا كانت الجهة التي قامت بهما. وفي مقالتي السابقة (من قام بتفجيرات دمشق الإرهابية؟)، عرضت وجهات نظر مختلفة متبنيا من جهتي الرأي المتهم للنظام السوري بتدبير التفجيرين، موردا العديد من الأدلة على ذلك، و خلال الأيام التالية استجدت معلومات ووقائع تدين النظام بصورة أكثر وضوحا. أما تعليقات السادة القراء على المقالة السابقة التي بلغت 44 تعليقا، فقد قدّمت أيضا معلومات دقيقة يشكرون عليها، كما شكّلت هذه التعليقات ما يشبه استفتاءا حول هوية القائم بهذه التفجيرات الإرهابية، وكانت الغالبية العظمى تدين النظام ليس بمجرد اتهامات لفظية ولكن في الغالب بمعلومات تدعم إدانة النظام، ويستشف من التعليقات أنّ أغلبها لمواطنين سوريين (وأهل سورية أدرى بشعابها). والملاحظ أيضا في هذا السياق أنّ التعليقات القليلة جدا التي برأت النظام جاءت تبرئتها بألفاظ مسيئة لمن خالف وجهة نظرهم وللكاتب أيضا، فصاحب التعليق رقم 23 (سلوم) كمثال خاطبني قائلا: (ومين طلب رأيك يا أخي. رأيك لا بيقدم ولا بيأخر). دون أن يناقش أية معلومة وردت في المقالة لا نفيا ولا تأييدا. وبعض هؤلاء السادة المعلقين اعتبر أنّ كلّ من يتهم النظام فهو مضلل من وسائل الإعلام، وهذا اتهام غير منطقي لأنّه يعني أنّ صاحب هذا الاتهام هو الوحيد المحصّن بمناعة ضد تضليل الإعلام، أمّا الآخرون فقد فقدوا قدرتهم على التمييز بين الكذب و الحقيقة. لذلك سأعرض في هذه المقالة للحيثيات الجديدة التي تدين النظام وسأقدّم أيضا العديد من المعلومات المهمة التي قدّمها القراء في تعليقاتهم، وهذا يفسر سبب اهتمامي بتعليقات القراء والتفاعل والنقاش معهم، كما أقول دوما: لا أحد يستطيع الإدعاء أنّه يملك الحقيقة المطلقة، وكلنا كتابا وقراءا ومعلقين يمكن أن نستفيد من تفاعلنا الموضوعي وصولا لمساحة أكبر من القناعات المشتركة.

وقائع إدانة جديدة للنظام
1 . فبركة موقع باسم جماعة الإخوان المسلمين يتبنى التفجيرين

موقع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على الانترنت معروف ومشهور منذ ما يزيد على خمسة سنوات على الرابط التالي:
اضغط هنا
وكنا وما زلنا نتابع مواقف وبيانات الجماعة التي نتفق أو نختلف معها على هذا الموقع المعترف به رسميا من الجماعة أنّه موقعهم الوحيد على شبكة الانترنت. وفجأة قبل شهر تقريبا بدأ موقع جديد على الرابط التالي:اضغط هنا

وبدأ هذا الموقع يقدّم نفسه على أنّه تابع وناطق باسم جماعة الإخوان السورية، ولأن عمر الكذب قصير، فقد نسيّ مفبركو هذا الموقع أنّ الموقع الرسمي المعترف به لجماعة الإخوان المسلمين السورية ممنوع داخل سوريا وعليه حظر من الصعب دخوله باستعمال أي بروكسي، بينما هذا الموقع الجديد المفبرك مفتوح للقراء السوريين. هل هناك سذاجة واستهبال للقراء أكثر من هذه الخديعة؟. وفجأة فور وقوع الحدثين الإرهابيين في دمشق، قام الموقع المفبرك المذكور بنشر بيان باسم جماعة الإخوان المسلمين السورية، يتبنى العملية أيضا وبإسلوب تحريض طائفي إذ أطلق على المجموعة المنفذة اسم (جماعة السنّة الغالبون). وفور نفي جماعة الإخوان المسلمين السورية لهذا الموقع و البيان المفبرك من قبل أجهزة النظام، بدأ الشباب السوريون المتخصصون في عالم الكومبيوتر وتصميم المواقع بالبحث والتحري لكشف الحقيقة، فتم العثور على المعلومات الدقيقة لمن قام باختراع هذا الموقع لخدمة النظام قبل شهر تقريبا، وسرعته في نشر البيان المنسوب زورا لجماعة الإخوان السمليمين، مما يعني أنّ النظام السوري كان يخطط لهذه العملية الإرهابية منذ أسابيع، وقرّر توقيتها مع وصول بعثة المراقبين العرب، ومن أهم هذه المعلومات الفنية،

ما نشره المعلق إياد الشربجي
وهو يبدو كما قلت متخصصا أو ملما بعلوم الكومبيوتر وتصميم المواقع، فقد ذكر في تعليقه رقم 25 على مقالتي السابقة ما يلي، و أنشر تعليقه كاملا لأهمية ما فيه من معلومات دقيقة وموثقة:

25.من هو الذي اخترع موقع الاخوان المسلمين
اياد الشربجي-GMT 20:26:18 2011 السبت 24 ديسمبر
(تناقلت وسائل إعلام النظام البارحة واليوم بياناً قالت إنه صادر عن جماعة الأخوان المسلمين في سورية عبر من سمتها (كتائب السنة الغالبون) تتنبى فيه تفجيرات دمشق التي وقعت الجمعة 23 كانون الأول 2011، وقد أعادت مرجعية هذا البيان إلى ما سمته موقع جماعة الإخوان المسلمين على الانترنت، السؤال الذي برز بداية هو لماذا يصدر الأخوان المسلمون بياناً خطيراً بهذه الأهمية عبر موقع جديد على الانترنت عمره أقل من 23 يوماً (تحديداً في 30 تشرين الثاني الفائت)، بينما يوجد للجماعة موقع رسمي على الانترنت وعمرهذا الموقع خمس سنوات (حجز تحديداً في 23 يناير 2007)،ناهيكم عن أن الموقع الرسمي للأخوان محجوب في سوريا ويحتاج لكسره بروكسي، بينما الموقع المزور(الذي أصدر البيان) مفتوح ويمكن تصفحه بسهولة من سورية دون بروكسي، السؤال البديهي هنا كيف لم تحجب المخابرات السورية موقعاً خطيراً كهذا، بينما هي تحجب حتى مواقع لبعض الصحف العربية الشهيرة....!!!وبعد البحث عن صاحب الموقع وقمنا بإرسال معلومات الحجز والتجديد وغيرها، لذلك ذكر أن بريده الالكتروني، قام أحد شباب الثورة بالبحث بالفيسبوك عن صاحب الإيميل الذي تم حجز الدومين المزور من خلاله، لعله يجد له حساباً على الفيسبوك، تبين أن صاحب الايميل هو شاب سوري من حلب .................قام صديقنا المتقصّي بطلب صداقة هذا الشاب، فوافق، فدخل على صفحته وبحث بين معلوماته، فتبينت المفاجأة الأكبر، وهي أنه نجل السيد (باسل قس نصر الله) بتصفح معلومات السيد الوالد، تبين (ويا للمفاجأة) إنه مستشار لمفتي الجمهورية محمد بدر حسون . إن من قام بفبركة كل هذا السيناريو القذر هو نجل مستشار مفتي الجمهورية حسون، والذي سبق وأن هدّد ذات مرة بتفجيرات استشهادية في اوروبا). والمثير فعلا والمؤيد لتحليل ومعلومات إياد الشربجي أنّ القراء الذين أيدوا معلوماته حسب مؤشر إيلاف بلغ عددهم 203 حتى الانتهاء من كتابة هذا المقال.

وتأكيد فني تقني آخر من محمد خير
الذي يبدو أيضا أنه تقني متخصص فقد أورد تفاصيل مذهلة لا يمكن أن يصل إليها إلا فنّي في علوم الكومبيوتر والانترنت وتصميم المواقع، فما قام بالوصول إليه من معلومات تقنية تؤكد تعليق إياد الشربجي وتصل لنفس النتيجة وهي أنّ من أسّس الموقع المفبرك هو إيميل قس نصر الله أي نجل باسل قس نصر الله. ولمن تهمه هذا المعلومات الفنية التقنية عن دومين الموقع المفبرك وتاريخ تأسيسه وكافة التفاصيل الفنية التكنولوجية الدقيقة خاصة للملمين بعلوم هندسة تصميم المواقع واستضافتها، فليتفضل بزيارة الرابط التالي ليرى ما يدهش ذوي الألباب الباحثين عن الحقيقة:اضغط هنا
لذلك بعد اكتشاف هذه الفضيحة التي تضاف لفبركات وليد المعلم المضحكة، قامت أجهزة النظام بحجب الموقع المفبرك وفجأة أصبح مغلقا بعد أن ظلّ مفتوحا ويعمل طوال شهر تقريبا. فلماذا تمّ افتتاح هذا الموقع، و ينشر البيان المنسوب زورا لجماعة الإخوان المسلمين، ثم يتم خلال ساعات إغلاقه وحجبه؟. أليس هذه الفبركات دليل قوي على تورط النظام في العمليتين الإرهابيتين المذكورتين؟.

2 . أين هو الشخص الذي تمّ إلقاء القبض عليه حيّا من الإرهابيين المنفذين للعملية كما أعلن إعلام النظام؟. وتمّ الإعلان عن ذلك ثاني يوم تنفيذ العملية، فهل يصدق عاقل أنّ تفجيرات تقتل ما يزيد على 44 وتجرح حوالي 150 شخصا، ويبقى واحد من هؤلاء الإرهابيين حيّا؟. لذلك توقعوا شريط الفيديو التالي الذي سيقوم وليد المعلم أو بثينة شعبان أو جهاد مقدسي بعرضه، وهو لقاء مع شخص ملثم غالبا يعترف أنّه أحد الإرهابيين الذين نفذوا العملية، وربما يعترف شاهد الزور هذا (شاهد ما عملش حاجة) بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين السورية ؟. وكيف تمّ العثور على صور لإبن لادن في السيارتين المفخختين؟ هل يعقل أن سيارتين تنفجران ويدمران جوانب بعض المباني، وتبقى أوراق عليها صور لإبن لادن سليمة غير محترقة؟.

3 . غباء اللعب على الوتر الطائفي
وهو الأمر الذي لفت الانتباه إليه السيد القارىء صاحب التعليق رقم 33 (العميد محمد خلوف) حول أنّ النظام لم يعلن من أسماء قتلى التفجيرين الإرهابيين سوى اسم الضابط المسيحي المتقاعد نعيم موراني (فليرحمه الله واللعنة للإرهابيين)، فلماذا إعلان اسم الضحية متلازما مع ديانته؟ هل إذا أعلن النظام أسماء جديدة للضحايا سيضع ديانة كل واحد أمام اسمه؟ وماذا يفيد ذكر ديانة الضحية سوى قصد طائفي خبيث من صاحب الإعلان وهو النظام؟.

4 . لغة الأرقام ودلالتها
حسب لغة الأرقام المصاحبة لكل تعليق من تعليقات القراء التي أوردها مؤشر إيلاف، فإنّ المؤيدين لوجهة نظري في المقالة السابقة التي تتهم النظام بتدبير التفجيرين الإرهابيين، أو المضيفين لمعلومات جديدة تدعم إتهام النظام، أو الموردين لأسماء القتلة والمجرمين من عناصر ورموز النظام فقد بلغ عددهم 1963، أمّا الذين رفضوا تعليقات القراء المدافعة عن النظام أو المقدمين لتحليلات عامة يشتم منها بشكل غير مباشر رفض اتهام النظام أو القائلين أنّ مواقع أجهزة الأمن في كفر سوسة مفتوحة وسهل دخولها وكأنها أماكن سياحية، فقد بلغ عددهم 1172، وبالتالي كنتيجة ميدانية من دلالات لغة الأرقام هذه لقراء ومعلقي إيلاف، نستطيع القول أنّ ما يزيد على 3000 قارىء يؤيدون وجهة النظر القائلة بأنّ نظام بشار الأسد هو من قام بتنفيذ هذين التفجيرين الإرهابيين، وخطط لهما ليتما ساعات قبل وصول بعثة المراقبين العرب، لحرف الأنظار عن قتله اليومي نحو عدو وهمي مرة هو القاعدة وأخرى هو الإخوان المسلمون الذين نفّوا ذلك بشدة، وأثبتت الوقائع التي ذكرتها أنّ البيان والموقع المنسوب للجماعة مفبرك.
وهاهو قمع النظام وقتله الوحشي مستمر بعد وصول بدايات فريق المراقبين العرب خاصة في مدينة حمص، التي تتواصل النداءات من داخلها لفريق المراقبين والعالم أجمع بالتدخل لوقف هذه المجازر الوحشية، ولن يصلها أي مراقب عربي لأنّها في عرف النظام مناطق عسكرية حسب البروتوكول الذي وافق عليه النظام. كما أنّ بعض شروط بعثة المراقبين العرب فعلا ستجعلهم مجرد (شهود زور) خاصة من بين هذه الشروط أنّ تقارير البعثة يجب أن ترفع لوليد المعلم ونبيل العربي أولا ليتناقشا فيها ويتفقا على مضمونها قبل نشرها..هل هناك مهزلة أكثر بؤسا من هذه؟. ويجب عدم نسيان أنّ هناك دول عربية رفضت في اجتماعات الجامعة العربية إدانة انتهاكات ومجازر نظام بشار الأسد طوال الشهور الماضية، ولهذه الدول أعضاء مشاركون في بعثة المراقبين العرب، فهل سيشذّ هولاء عن سياسة حكوماتهم المؤيدة للنظام القمعي في سوريا؟. وهناك معلومات تمّ تداولها بشكل واسع تحتاج لتأكيد وهي أنّ السوداني الذي تم اختياره لرئاسة البعثة الجنرال محمد أحمد الدابي مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية مع رئيسه عمر حسن البشير، فإذا صحت هذه المعلومات عن الجنرال أم لم تثبت صحتها، فلا يمكن الاطمئنان لحياديته لأنّه ممثل لرئيس مطلوب فعلا منذ سنوات لمحكمة الجنايات الدولية. لذلك فعلت حكومة لبنان خيرا برفضها المشاركة في هذه البعثة الوهمية، وهذا ما دعا العديد ممن تم ترشيحهم للمشاركة كمستقلين في البعثة رفض المشاركة. كما تأكدت معلومات مصدرها من داخل دمشق أنّ المراقبين العرب الذين وصلوا، لم يسمح لهم حتى الآن بمغادرة الفندق والتنقل إلى المناطق التي يريدونها لذلك غادر بعضهم دمشق عائدا للقاهرة احتجاجا. فهل بعد كل هذه الوقائع هناك من يستطيع تبرئة النظام من هذين التفجيرين الإرهابيين؟. من يستطيع فليتفضل بمعلومات وحقائق نقيضة لما ورد، ففي النهاية لا يصحّ إلا الصحيح وعمر الكذب قصير.
[email protected]