لاأحد يختلف على شرعية الاحتجاجات والمظاهرات الجارية في العراق، فهي فعل وطني شريف واجب على جميع المواطنين المشاركة فيه تعبيرا عن إدانة الفساد والسرقات والمحاصصة والتخريب الشامل الذي قامت به عصابات الأحزاب التي أثبتت انها تعمل بالضد من مصالح الشعب والبلد.
ولكن هذا العمل الوطني النبيل للأسف لوثته بقايا البعث التي استطاعت التغلغل بين جموع المتظاهرين واستغلال حالة الغضب الجماهيري من الأوضاع السائدة، واللعب على أوتار تذمرها ورفضها للعملية السياسية، فالملاحظ ان الفضائيات والمواقع الألكترونية التي تحرض على التظاهرات أكثرها تابعة لعناصر بعثية مشبوهة بعضهم متهم بالإرهاب وتوجد ملفات قضائية ضده في المحاكم العراقية، وهذه الفضائيات والمواقع الالكترونية لم يصدر عنها من قبل أية إدانة لجرائم حزب البعث ونظام صدام، ولجرائم الإرهاب، وكذلك لم يصدر عنها إدانة للتدخل السوري في شؤون العراق ودعمه للإرهاب بالتعاون مع إيران مما يؤكد توجهاتها البعثية.
وتجدر الاشارة هنا الى استثناء التظاهرات التي تجري في أقليم كردستان من تغلغل البعث، فهذه الاحتجاجات كردية خالصة يقوم بها المواطنون الذين يرفضون الفساد واحتكار المناصب والنفوذ من قبل افراد الحزبين الحاكمين، وأننا ندين بشدة تعرضها الى القمع الوحشي واطلاق النار عليها مما أدى الى اصابة عدد من المتظاهرين بين قتيل وجريح، والغريب ان من أطلق النار على المتظاهرين هم أنفسهم كانوا يشكون من قمع نظام صدام للحريات واضطهاد الشعب الكردي!
ورغم ضرورة الدعوة الى الاصلاح والتغيير في العراق..إلا ان الواقع السياسي ميؤوس منه على صعيد قدرات الجماهير في احداث التغيير، وسوف تؤدي هذه الاحتجاجات الى المزيد من الفوضى والقتل، فالعراق يفتقر الى أهم شرط يحتاجه العمل السياسي الجماهيري وهو الوحدة الوطنية، فنحن شعب مقسم الى طوائف وقوميات، وعشائر، وايضا الى الى ولاءات حزبية وانتماءات الى مرجعيات دينية، وامام هذا التشتت والتوزع في الانتماءات.. حالة الغضب والهياج العاطفي لاتصنع وحدها التغيير، فالشعب ممزق وبإمكان أبسط جريمة إرهابية إعادته الى حالة الحرب الطائفية، واننا نحذر من قيام الأحزاب بإفتعال تفجير لأحد المراقد الدينية في النجف أو كربلاء من اجل اشغال الجماهير وتأجيج المشاعر الطائفية.
ثم ان الأحزاب أصبحت دويلات صغيرة داخل الدولة العراقية، فكل حزب لديه أجهزة أمنية وميليشيات مسلحة، وهو مرتبط بجهات خارجية توفر له الدعم والتوجيه، وهذه الأحزاب بعد ان تذوقت حلاوة السلطة وملايين الدولارات.. لايمكن ان تتنازل بسهولة عن مكاسبها، والشيء الخطير في العراق هو ان جرائم القتل الجماعي أصبحت مشهدا مألوفا جدا لذا فإن ميليشيات الأحزاب سوف لن تتأخر عن ارتكاب المجازر الجماعية ضد المتظاهرين اذا ماشعرت بالخطر الحقيقي عليها.
ان الحل الوحيد لإحداث التغيير في العراق وانقاذه من الجحيم الحالي هو حصول انقلاب عسكري مدعوم من الولايات المتحدة الأميركية يطيح بسلطة الأحزاب ويلغي العملية السياسية كلها.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات