محطة quot;الجزيرةquot; القطرية والتي أهملت تماماً خبر الهبة الشعبية في سوق quot;الحريقةquot; الدمشقي في وجه أحد عناصر القمع، عندما همّ بممارسة عمله اليومي في الإعتداء على الناس وإذلالهم، لم تنس أن تنقل خطبة الشيخ يوسف القرضاوي من quot;ميدان التحريرquot; في القاهرة على الهواء مباشرة، وهو يتقدم المصلين في quot;جمعة النصرquot; ويلقي على الجيش مطالب ثورة الشباب في quot;الحكومة الجديدة وإطلاق سراح المعتقلينquot; ويحذره من quot;المماطلة والعودة إلى الوراءquot;!.

فعلها الإخوان المسلمون إذن. لعبوا بذكاء كبير. تداروا في عز المظاهرات والمواجهات خلف quot;الشباب المنتفضquot; وتقدموا حين تحقق النصر وخرج الرئيس حسني مبارك ونظامه من السياسة، لكي يقطفوا الثمار ويصادروا النجاح ويدمغوه بماركتهم المسجلة الشهيرة تلك. إنه تطبيق باهر لمبدأ quot;التقيّةquot; إياه. إعلان موقف والإشتغال بخلافه: حرفة إخوانية متقنة حقاً. نجح الإخوان بمعية فضائية quot;الجزيرةquot; التي أصبحت ناطقة غير معلنة بإسمهم.

القرضاوي تكلم بحرفيّة عالية هو الآخر. ركزّ على quot;الديمقراطيةquot; وquot;مطالب الشبابquot; وquot;البناء والعمرانquot;، ولم ينس المسيحيين وكيف إنهم quot;كانوا يحمون المصلين المسلمين في ميدان التحريرquot;. إنها الفرصة التي لاتأتي إلا كل 80 سنة. كيف يمكن إضاعتها إذن. الآن ينبغي أن يتمدد الإخوان في كل المفاصل والحركات لكي يضمنوا أن تكون كلمتهم هي العليا. عليهم أن يتمددوا داخل الحركات والأحزاب الشبابية الوليدة ويسيطروا عليها، كما تمددوا وسيطروا على النقابات المهنية ومختلف حركات المجتمع المدني. أما من يرفض سطوتهم فسيكون مصيره كمصير المدون الشهير وائل غنيم، والذي منعه رجال أمن القرضاوي من إعتلاء المنصة، ومخاطبة الشباب المحتفلين بالثورة بعد إنتصارها!.

البيان الأول الصادر عن (مجلس قيادة ثورة 25 يناير) بعد تخلي مبارك عن الرئاسة وتسليمه السلطات للمجلس العسكري، كٌتب بمعية شباب الإخوان المسلمين وبحضور محطة quot;الجزيرةquot; التي quot;إنفردت بالتغطيةquot;. وكانت التغطية الخاصة بالمحطة مؤثرة حقاً والمذيع الملتحي أحمد منصور في اللباس الميداني الكامل، يصول ويجول بين quot;قادة ثورة الشبابquot;!.

مصر أمام واقع جديدة ليس تماماً كما يصوره المتحمسون والتواقون إلى الديمقراطية وحكم الجماهير. تنظيم الإخوان المسلمين يعمل بشكل مذهل مستنداً إلى شبكة محطات التلفزة الضخمة والتي باتت الآن قادرة، لو شاءت، على أن تردي أنظمة عربية كبيرة، أو أن تساهم في تصدع بعضها في أحسن الحالات. الإخوان يسطون على ثورة quot;شباب الفايسبوكquot; الآن ولن يردعهم أحد. كل الحصون تتساقط أمام زحفهم الجديد، وسيبدؤون في تطبيق برامجهم حال توافر المناخات المناسبة: فتخرج مصر من ظلام الديكتاتورية والإستبداد لتدخل ظلام الدولة الدينية حيث الحكم والتشريع بإسم الله!.

فمن يحمي ثورة شباب مصر، والتي أذهلت العالم برقيّها وتحضرها وشفافيتها؟.

الكلمة للشعب المصري الآن. ولانرجو أن تكون الكلمة النهائية للجيش المصري، لكي لايعود الجميع إلى دوامة الضياع تلك...

[email protected]