من أجل هذه المرأة، وجميع نساء العالم ممن على شاكلتها اللائي تعرضن الى القهر والظلم والإهانات والضرب... أحببت بمناسبة عيد الحب التذكير بعذابات المرأة على يد الرجل والعائلة والمؤسسة الدينية والعشائرية وعموم المجتمع!

قبل أربعين عاما كانت جارتنا امرأة ليس لديها طموحات أو رغبات أو عوالم خاصة، ذاب كيانها في خدمة زوجها ومحاولة نيل رضاه امتثالا الى تلقين العائلة والمجتمع.. بأن المرأة الجيدة والمهذبة وبنت الاصول والشريفة... هي المرأة المطيعة لزوجها، ومعنى الطاعة هنا هو ان تصبح جارية وخادمة وعبدة طوال حياتها بلا نقاش أو اعتراض، والغريب اننا لانجد ضمن وصايا المجتمع والدين مايؤكد على طاعة الرجل لزوجته من باب العدالة والمساواة والمعاملة بالمثل!

جارتنا تلك كانت تعيش مع وحش جلاد يستمتع بإهانتها وضربها وتعذيبها، والمصيبة انها عندما تترك بيت زوجها وتذهب الى اهلها تستجير بهم، كانت تتعرض الى اللوم والتقريع وتحميلها مسؤولية فشلها في عدم نجاحها نيل رضا ومحبة زوجها، ومثل معظم العوائل العربية كانت عائلتها تعتبر ترك بنتها لبيت الزوجية عملا معيبا اخلاقيا ويدل على قلة تهذيب وتربية البنت وعدم احترامها لرابطة الزوجية.

المثير للغرابة ان العوائل العربية لاتنظر الى اهانة وضرب بناتها من قبل الأزواج على انه اعتداء على أحد افراد العائلة، بل تتقبل الأمر كما لو انه احد حقوق الرجل المشروعة على زوجته هو ضربها، بينما هذه العوائل اذا تعرض احد ابنائها الذكور الى الإهانة والضرب من قبل الآخرين نجدها تهتاج وترد بعنف دفاعا عن كرامتها وهي مستعدة الى الثأر الذي قد يصل الى القتل!

كان زوج جارتنا لايستعمل يده في الضرب، وانما عصا غليظة يجلدها بقسوة وبلا رحمة، فهو حينما يرجع من العمل منزعجا أو ان الطبخ لم يعجبه أو أي سبب تافه آخر.. يلجأ الى تفريغ شحناته العدوانية الهمجية فوق جسدها، ثم في الليل يقوم بممارسة الجنس معها.

يبدو ان الرجل العربي لاتكتمل رجولته إلا بإهانة المرأة حسب مقاييس الرجولة العدوانية القائمة على هوس التفوق الزائف ورغبة السيطرة والقهر، مقاييس همجية لاتفرق ما بين الاعتداء الجبان على المرأة والطفل والضعيف، وما بين قوة الارادة والمواقف في اتخاذ القرارات والسلوك الشهم الشجاع في الدعوة الى مباديء الحق والعدالة، والسيطرة على نوازع الشر داخل النفس البشرية، والسعي الى نشر الفرح والسعادة.

كنا احيانا نسمع صرخاتها، فنهرع الى بيتها ونجدها مرتمية في احضان زوجها والدماء تسيل منها، كانت تستجير به منه، وتحتمي من وحشيته به، طوال معرفتي به لم أسمع انه شعر بالشفقة عليها أو الذنب والندم، بل انا متأكد انه انه كان يشعر بالإنتشاء والزهو حينما يعتدي على زوجته وتعتريه مشاعر مريضة بتحقيق رجولته الجبانة.

الكثير من الرجال في المجتمعات العربية يتباهون ويفتخرون امام الناس بضربهم زوجاتهم، والكثير من الرجال عند زواجهم يسمعون نصائح متتالية من اهلهم واصدقائهم.. تؤكد على ضرورة الحزم والعنف مع المرأة والعمل على تطويعها وتركيعها وتحويلها الى جارية ممسوخة الشخصية والكرامة.

ولعل أزمة غياب احترام الذات أحد اسباب ظلم واضطهاد المرأة اضافة الى التخلف الفكري والحضاري... فالرجل الذي فقد الاحترام لنفسه يلجأ الى ارتكاب أقبح الأفعال والجرائم ضد الآخرين دون الشعور بالردع الداخلي والذنب، ورقي الفرد الى مستوى حضاري وانساني يوصله الى مرتبة الشعور بإحترام نفسه سيجعله يختار افضل القرارات والتصرفات والسلوك من باب الاعتزاز بذاته ورفعها الى أعلى المراتب السامية.

مات زوج جارتنا وذهب الى الجحيم، وظلت هي تعاني من جروح الحياة والمجتمع... تبعثر عمرها، لم تهنأ بحياتها الزوجية، ويوجد مثلها الآن ملايين النساء المعذبات في جميع انحاء العالم بسبب همجية الرجال.
رباه.. ماهذه الوحشية من بعض مخلوقاتك؟!

[email protected]