لستُ ممن يروا ان الظرف مناسب لطرح امر المادة الثانية من الدستور والخاصة من الشريعة الاسلامية في هذه الايام سواء بالتعديل او الالغاء او الابقاء عليها كما هي في وقت الامر غير مطروح لأبداء الرأي اساساً. واثق ان طرح هذا الامر يصب في صالح quot;الثورة المضادةquot; التي تحدث دائماً بعد كل الثورات. فاتباع الثورة المضادة في مصر من انصار الرئيس المخلوع حسني مبارك مازالوا يعملون في الظلام مثل الخفافيش من خلال ادوات اولها النعرات الطائفية من خلال حوادث دموية لأقباط او اثارة ما يثير الأختلاف بين الاقباط والمسلمين.

ولم يكن غريباً ان تطرح جريدة quot;الاهرام القاهريةquot; والتي تتبع الرئيس المخلوع حتي الان استفتاء اليكتروني عن المادة الثانية من الدستور في هذا الوقت الحساس. ولكننا هنا نؤكد علي مبدأ نومن به لا يتوقف علي رأي اغلبية او اقلية، كما لا ينبغي للمبادئ ان تكون موضع مجاملات، وهي بحكم اننا شعب متدين بمسلميه واقباطه ونحب الله ونحترم رجال الدين فنرفض حكم الشرائع سواء الااسلامية او المسيحية. نرفض دولة الملالي سواء دولة الملا عمر او دولة الملا جرجس، نشفق علي الازهر والكنيسة من دخول هذه المنطقة، نرفض تشريع اسلامي او مسيحي يفسد الوطن والحياة السياسية ويفسد العقائد نرفض هذا الخلط العبثي للامور. فمن يخطأ في حق الله ووصاياه يحاسبه الله ومن يخطئ في حق المجتمع يحاسبه القانون. النهاية المأساوية هي نهاية حتمية لدخول المقدس في ما هو غير المقدس. الكنيسة في اوربا في القرون الوسطي مارست العمل السياسي واختزل الكتاب المقدس في بضع ايات فقط بتفسيرات معينة تنبذ اي روح مقاومة للحاكم الظالم وطاعة الحكام وكانت النتيجة رفض الناس لهذا الحكم الديني بل رفضوا المؤسسة الكنسية ذاتها.

وورث جيلاً بعد جيل في الغرب العداء لهذه المؤسسة ربما حتي الان بسبب اخطاء الماضي البعيد. ويمكن القول انه لم ينجح الاضطهاد او البدع الايمانية او التقسيم الطائفي من النيل من العقيدة المسيحية مثلما فعل دخول الكنيسة في العمل السياسي. وعلي الجانب الاسلامي لم يكن الامر افضل حالاً برغم ان انتشار الاسلام نتج عن بحث الاسلاميين الاوائل عن كرسي الحكم في كل البلاد التي غزوها، الا ان الارقام في العصر الحديث تشير الي ان نسبة الحضور بالمساجد في دولة تحكم بالشريعة مثل ايران لم تعد تتجاوز السبعة بالمائة. الدولة الدينية خطراً علي الجميع ففي الاسبوع الماضي وفي البرنامج التلفزيوني quot;ضوء علي الاحداثquot; علي قناة الرجاء الفضائية توجه مقدم البرنامج بسؤال الي الضيف الاستاذ quot;عبد الرحيم عليquot; الباحث في الحركات الاسلامية ومؤسس صفحة لا لدولة دينية علي quot;الفيس بوكquot; قال له quot; انت عبد الرحيم علي فماذا يضيرك لو حكم الاسلاميون مصر فقط عليك احضار سجادة صلاة وتصلي خلفهمquot; فقال الاستاذ عبد الرحيم علي quot;لا....فحكم الشريعة سيجعل المسلم الليبرالي والمسلم الذي ليس من هؤلاء المتشددون هدفاً لهم قبل القبطي فبحسب تعبير د. عبد الرحيم الحكم الديني سيقضي علينا وعلي الدين وعلي الوطن والجميع خاسر.

كذلك جائتني رسالة من الفنان خالد الصاوي يدعو للانضمام لحزب التحالف الشعبي يقول فيها quot;إذا كنت تعارض الدولة العسكرية لأنها دولة استبداد ومحسوبية، وتعارض الدولة الدينية لأنها دولة تمييز وقمع وتخلف، وتعارض سلطة رأس المال وحكومات رجال الأعمال والمستثمرين لأنها دولة استغلال وفساد وظلم اجتماعي.. إذن أنت معنا في حزب التحالف الشعبيquot;. يبدو ان هناك في الافق ممن يحلمون مثلنا بوطن ليبرالي يأخذ الدين فيه مكانه الطبيعي داخل المسجد والكنيسة. افعلوا ما يحلو لكم فالفشل هو نصيب الحكم الديكتاتوري الشمولي والديني ولم يستمر كما نري الان سوي الحكم المدني العلماني، وشئتم ام ابيتم فالحكم في دولة معظم سكانها لا دين لهم مثل اليابان اكثر كرامة ونزاهة وتقدم من مثيلتها في ايران ودول عربية دينية. نرجوكم اتركوا للدين قدسيته واتركوا للسياسية حرفيتها واذا كان السياسة تمثل الحاضر والدين يمثل المستقبل فلا تدمروا حاضرنا ومستقبلنا وارفعوا ايديكم عن الاديان وعن مصر.