في مشهد تاريخي أدى رئيس وزراء مصر الجديد الدكتور عصام شرف اليمين الدستورية أمام الشعب في ميدان التحرير، وهذه أول خطوة في تلاحم الشعب المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مع رئيس حكومة عاش مع الثوار في الميدان وتبنى مطالبهم قبل أن يصبح رئيسا للوزراء، ولابد أن يفعل رئيس مصر المقبل ما فعله الدكتور شرف، فتكون شرعيته مستمدة من أعظم ثورة عرفتها البشرية، ما يعطيه فرصة للإبداع وتحويل أحلام المصريين في وطن حر وكريم وفعال إلى واقع، لا نريد حاكما يعيش في عالم من صنع الحاشية، يكسر كل ستار حديدي يريد أن يفرضه عليه المقربون.

المصريون بحاجة إلى حاكم يحترمهم ويعرف أن وصوله إلى كرسي الحكم جاء بإرادة الشعب، وانه إذا فشل في مهمته سيخرج أيضا بإرادة الشعب،لا يحتاج إلى حراسة مشددة، ولا يحتاج إلى وسيط بينه وبين شعبه، ينزل إلى الناس ويعيش عالمهم، يعمل على حل مشاكلهم، ويدافع عن كرامتهم، يكون موظف بدرجة رئيس عند الشعب، وليس سيدا يستهزأ بهم ويحتقرهم في الداخل، فيشعرون بإلاهانة في الخارج، يخضع للمحاسبة والمسائلة في كل شأن يحدث فيه تقصير.

وعني عن القول أن الفساد الذي تفوح رائحته الآن من رئيس النظام السابق ورموزه يحتم علينا البحث والتدقيق في ملفات كل من يريد أن يرشح نفسه للمنصب الرفيع، وأول الشروط الواجب توافرها النزاهة ونظافة اليد ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين ودفع الاجهزه الرقابية والقضائية إلى مواجهة الفساد أولا بأول، وإعادة المليارات المسروقة، وقبل ذلك أن يملك شجاعة الاعتذار عن الأخطاء، ويكون لديه حس وطني عال، يدافع عن مصر ويعمل على الاعلاء من شأنها في كل المحافل الدولية، يعمل على إحداث ثورة في التعليم والاقتصاد والتنمية والتكنولوجيا، ويضع مصر في مصاف الدول النووية، يدفع دول العالم إلى احترام بلده، لا يحترف التسول من الآخرين.

نريد حاكما يعرف انه يحكم بلدا عريقا علم العالم، بلد يمتلك تراثا حضاريا يمتد إلى سبعة ألاف عام، يبعد أفراد أسرته عن أي منصب عام، ألا تكون هناك سرية في مصروفات مؤسسة الرئاسة، أو غيرها من الوزارات بل تكون معلنة وخاضعة للرقابة، نريد حاكما يقرب أهل الخبرة لا أهل الثقة، يأتي بشرفاء يساعدونه على قيادة التحول الديمقراطي وإنقاذ مصر من السقوط في الهاوية التي كادت أن تقترب منها، لولا وعي شباب وشعب مصر بمختلف فئاته الذي يقود ثورة 25 من يناير المستمرة حتى تحقيق كافة مطالبها.

عامل الوقت مهم للغاية الآن، لا نريد أن يلجأ فلول النظام البائد إلى حرق الوثائق التي تدينهم في مقرات امن الدولة في عدة محافظات كما فعلوا في مقر الحزب الوطني بالقاهرة، ومؤخرا في الجهاز المركزي للمحاسبات، بعد تجميع ملفات تدين مسئولين بارزين في جميع وزارت وأجهزة الدولة،بل نريد أن تبادر الداخلية بتقديم كل ملفات الفساد إلى الحكومة، نريد لمصر أن تجتاز في فترة النقاهة، وصولا إلى الديمقراطية والتقدم، نريد إزالة السحب الملبدة في سماء مصر، اعتقد أن الشهداء الذين روت دمائهم هذه الثورة والشعب الذي قدم روحه فداء للوطن مستعد لمساعدة الحكومة الانتقالية الجديدة وصولا إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية حتى يأتي رئيس جديد يستمد شرعيته من ميدان التحرير، وهذه ستكون خطوة أيضا في وضع مصر على طريق الألف ميل.

إعلامي مصري