لا يمكن تخيل أو تصور طبيعة النظام الأسدي المهيمن والمسيطر على رقاب الشعب السوري منذ 41 عاما، إذ رغم الفارق الزمني بين هيمنة وغطرسة قرينه نظام عميد الطغاة العرب قذّاف الدم هو عام واحد فقط، إلا أنّ ما يختلف به عنه نظام القذافي، هو أنّ عميد هذا النظام لا يخفي جنونه وهلوسته، بدءا من كتاب الحيض الأخضر، ومرورا بإسراطين، وليس انتهاء بالنهر الصناعي اللاعظيم صناعة ملك ملوك أفريقيا. هذا بينما نظام الأسود في سوريا المنكوبة به منذ عام 1970 يتماهي دوما بصفتين لا أعتقد أنّ نظاما استبداديا عربيا ينافسه بها وعليها، فهي صناعة أسدية بامتياز مخجل ومعيب. هاتان الصفتان الأسديتان هما:
الأولى: الاعتقالات التعسفية اليومة
لا أعتقد أنّ يوما سوريا يمرّ دون ارتكاب هذا النظام جريمة الاعتقال التعسفي لنشطاء حرية الرأي وحقوق الإنسان ومعارضي الاستبداد والتوريث المخزي الذي أوصل الأسد الإبن للسلطة بعد تنسيق الأسد الأب مع مجلس المصفقين والمطبلين الذين انتحلوا منذ عام 1970 زورا إسم (مجلس الشعب)، ويصفقون لرئيسهم الأب والإبن بطرق يخجل منها لاعبو السيركات والبهلونات. فهل يتصور عقل بشري أن يقف واحد من هؤلاء المصفقين ليقول للأسد الإبن في خضم القتل الدموي في مدينة درعا (أنّ سوريا صغيرة عليك، وتستحق أن تكون رئيسا للعالم كله)!!!. هذه الاعتقالات اليومية التعسفية لم تتوقف رغم إدعاءات الإصلاح والديمقراطية، فمنذ اندلاع ثورة الشعب السوري من مدينة درعا، يستحيل أن يمرّ يوم بدون اعتقالات لشباب من المتظاهرين أو لشخصيات من الكتاب ونشطاء حرية الرأي، ولن يكون آخرهم الأستاذ القدير فايز سارة، الذي اشتهر بهدوئه وموضوعيته الأكاديمية، ودعواته الدائمة للتغيير بوسائل سلمية منضبطة لا تعكر صفو الأمن العام للبلاد.
الثانية: مسلسل الأكاذيب الغبية
أثبت هذا النظام عبر 41 عاما من دمويته وقمعه، أنه يعتقد أن الشعب السوري والعالم أجمع يصدّق السيناريوهات التي يفبركها كمسببات لما يشهده الواقع السوري وأحيانا ما يرتكبه هذا النظام في الجوار اللبناني، مع أنّ طالب المرحلة الإبتدائية يستنتج فورا أنها سيناريوهات من صنع أغبياء النظام الذين أستاذهم هو وزير الدعاية النازي الهتلري صاحب مقولة (أكذب..أكذب..حتى تصدّق نفسك، فيصدّقك الناس)، لكنّ هذه الأكاذيب لايصدقها حتى من أطلقوها إرضاء لفهلوة طاغيتهم الأسد إسما فقط.
نماذج من سيناريوهات وأكاذيب الغباء
أولا: عندما قام النظام وعملاؤه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، أذاعوا شريطا مفبركا للفلسطيني المدعو أحمد ابو عدس الذي لم يسمع به أحد قبل ذلك مطلقا في أي تنظيم جهادي أو إرهابي، يعلن في الشريط مسؤوليته عن قتل رفيق الحريري. والمثير لهذا السيناريو الساذج أنّ إذاعة الشريط تمت بعد خمسة ساعات من عملية الإغتيال، ثم تؤكد عائلة أبو عدس أنه اختفى منذ أيام قبل الإغتيال ولا تعرف عنه أية معلومة. وبعد ذلك أثبت سير التحقيق انّه شريط مفبرك تمّ عبر اختطاف هذا المواطن، وإجباره على تصوير هذا الشريط، وهذا ما أكدّه شقيقه (خالد) المقيم في ألمانيا، ثم ظهرت معلومات موثقة تفيد وفاته في سجن صيدنايا.
ثانيا: بعد بداية ثورة الشعب السوري في مدينة درعا في منتصف مارس 2011 ، وسقوط قتلى وجرحى برصاص النظام الدموي، أعلنت بثينة الصحاف، جوبلز النظام، أنّ المسؤولين عن المظاهرات هم مخربون فلسطينيون متحالفون مع إرهابيين سلفيين إسلاميين. من يصدّق هذه الأكاذيب؟.
ثالثا: أذاع تلفزيون جوبلز الأسدي في منتصف أبريل 2011 اعترافات لثلاثة شباب، قال إنها laquo;اعترافات خلية إرهابية زودت بالمال والسلاح من جهات خارجية لتنفيذ مخططات وأعمال تخريبية في سوريةraquo; وعرض صورا لأسلحة متنوعة قال إنها laquo;ضبطت مع الخلية الإرهابيةraquo;. ولم يذكر التلفزيون السوري أية معلومات عن كيفية القبض على هذه الخلية، ولا في أي منطقة. وظهر شريط تحدث فيه 3 أشخاص بعد التعريف عن أنفسهم، عن حصولهم laquo;على تمويل وتسليح ودعم من لبنانraquo; عن طريق النائب اللبناني جمال الجراح، وهو عضو في تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري، laquo;من أجل تأجيج المظاهرات والقيام بعمليات تخريبquot;.
وقد نفى النائب الجراح هذه الفبركات والأكاذيب، ومن شاهد هذا الشريط المسخرة لا يحتاج لسماع نفي النائب الجراح، فأي غبي يلاحظ كيف أنّ احد هولاء المشاركين في هذه المسخرة، يتحدث وهو جالس على كنبة فخمة، وبشكل هادىء، لا يوحي أنّه متهم ومعتقل ويتحدث من سجون الأسد المعروفة بقذارتها وعفونتها. والمهم هو ملاحظة ربط تيار المستقبل بهذه الفبركة، وهنا نتذكر المثل (يكاد المريب أن يقول خذوني).
هل الطائفة العلوية مسؤولة عن جرائم النظام؟
الوحش حافظ وشقيقه رفعت وإبنه بشار والعديد من رموز النظام القاتل خاصة في قيادة الجيش وأجهزة المخابرات القمعية وأخوالهم من آل مخلوف، ينتمون للطائفة العلوية، ورغم هذا الانتماء الوراثي، فهل تتحمل الطائفة العلوية مسؤولية جرائم هؤلاء القتلة وسرقاتهم ونهبهم لغالبية ثروة الشعب السوري؟ إنه سؤال مهم خاصة في ضوء ربط بعض الكتابات هذه الجرائم بالطائفة العلوية ككتلة بشرية مجتمعة. وهذا ربط لا ينسجم مع المنطق والموضوعية، ولا مع معرفة واقع هذه الطائفة المعاش في سورية. أنا عشت في سوريا بين عامي 1983 و 1991 ، وكانت لي علاقات وصداقات متينة مع أصدقاء ينتمون لهذه الطائفة الكريمة، وعشت معهم وبينهم أياما وليال في قرية القرداحة ومدينة اللاذقية، وما سمعته منهم عن جرائم وسرقات رموز النظام لا يجرؤ على قوله أي سوري من أية طائفة أخرى. وللعلم فغالبية هذه الطائفة في شمال سوريا من الطبقات الفقيرة للغاية، وليس كلهم على شاكلة من ينتمي للطائفة بالوراثة كعائلة الأسد وأخواله من عائلة محفوظ. لذلك فإنصافا لهذه الطائفة التي هي جزء أساسي من نسيج المجتمع السوري، أقول صراحة وعن معرفة ميدانية بواقعها: إخوتنا وأشقاؤنا السوريون من أبناء الطائفة العلوية الكريمة، مخطء من يحملكم مسؤولية جرائم وسرقات هذا النظام، فأنتم وكافة الشعب السوري في القمع والقتل والنهب سواء. وكنت أتمنى لو الوضع الأمني يسمح لي بذكر أسماء كتاب وسياسيين سوريين ينتمون لهذه الطائفة الكريمة، وما يكتبوه لي عن رموز هذا النظام الذي أساء لهم وللشعب السوري جميعا.
هل صحيح أنّ الأسد ملك إسرائيل؟
هل هذا إدعاء من الكاتب الزميل سلمان مصالحة كما ورد في مقالته بعنوان (الأسد ملك إسرائيل) المنشورة في إيلاف بتاريخ الثاني عشر من أبريل 2011 ؟. نعم إنّ هذا الأسد هو أهم حماة الأمن الإسرائيلي، بدليل كل الشواهد التي أوردها الزميل سلمان مصالحة في مقالته، وأهمها أن الأسدين الأب والإبن لم يطلقا رصاصة على إسرائيل من الحدود السورية منذ عام 1973 ، ومن المهم تذكر ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل أيام قليلة من أن إسرائيل طلبت من موسكو وقف تزويد النظام السوري بالأسلحة مخافة وقوع هذه الأسلحة في يد إسلاميين متطرفين في حالة سقوط النظام. تخيلوا من وجهة النظر الإسرائيلية لا خوف من اي أسلحة بيد هذا النظام الممانع، ولكن الخوف من وقوعها في يد إسلاميين متطرفين في حالة سقوطه.
تثبت كل الوقائع أنه نظام قاتل وحام لحدود إسرائيل، وله إعلام غبي بامتياز، لذلك يجب أن يزول فيكفي الشعب السوري 41 عاما من قمعه وقتله وفساده وسرقاته. وإنّ غدا لناظره لقريب.
[email protected]
التعليقات