بدأ يثار نقاش واسع في العالم العربي حول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 لعام 2011 الخاص بفرض حظر جوي فوق جماهيرية الرعب القذّافية، وأعقبه قيام قوات التحالف الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا)، مدعومة من دول عربية (قطر، دولة الإمارات العربية)، بشنّ غارات من الجو والبحر على قواعد وقوات الطاغية، لوقف قصفه المدن الليبية الثائرة ضده، التي اكتوت فعلا بقصف طيرانه ومرتزقته الذين جلبهم من أقطار عربية وأفريقية. وقد وصل حدّ الرعب أن ناشد قادة الثورة في مدينة بنغازي مجلس الأمن بالإسراع للتحرك لوقف دموية هذا النظام، الذي لا أتذكر طاغية غيره في العصر الحديث، بدأ حربا ضد الشعب بهذه الطريقة. خاصة أنّ الشعب منذ أسابيع وهو يتخوف من المجازر التي يرتكبها هذا الطاغية، إذا تمت هزيمة الثوار، معلنين أنه سيرتكب جرائم ترق لحد الإبادة الجماعية، وستطال في غالبية المدن الليبية ما لا يقل عن نصف مليون مواطن.

قصف طاغية

لذلك تتواصل منذ أيام عمليات قوات التحالف الدولي المدعومة عربيا، ضد الأهداف الرئيسية لهذا الطاغية ومرتزقته والمضللين من الجيش الليبي الذين لم تهزهم جرائمه التي حتما طالت بعض أهلهم وأقاربهم. أصوات قليلة من مضللي العالم العربي يتناسون هذه الجرائم متذرعين بالتدخل الأجنبي في الشقيقة ليبيا، متناسين أنّ هذا القصف قد جاء لإنقاذ شعب بكامله من معتوه بجنون لا يمكن تسميته إن كان جنون عظمة بائسة أم جنون تخلف عقلي، لا يستوعب الخروج من السلطة بعد أن عاث فسادا في شعب وثروته طوال 42 عاما، مما جعله فعلا يستحق لقب (عميد الطغاة العرب).

عمرو موسى وحمد بن جاسم: موقف شجاع

ضمن هذه الرؤية، كان موقف الأمين العام للجامعة العربية شجاعا للغاية، عندما أعلن مساء الثلاثاء الحادي والعشرين من أبريل 2011، تأييده الصريح لعمليات قوات التحالف الدولي التي هدفها إنقاذ الشعب الليبي وحمايته. وكذلك موقف رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل خليفة، الذي أعلن صراحة على غير عادة العرب، مشاركة بلاده في عمليات التحالف الدولي، إذ صرّح لفضائية الجزيرة قائلاً:quot; ستشارك قطر في العملية العسكرية لأننا نؤمن أن هناك واجباً يحتم مشاركة الدول العربية في هذا العمل لإن الوضع هناك لا يطاقquot;. نعم إنه وضع لا يطاق ويجب إنقاذ الشعب الليبي وثورته من هذا الطاغية المعتوه.

وليد الحسيني موقف بائس يستحق الشجب

وعلى عكس هذه المواقف العربية الشجاعة، كان هناك موقف بائس كريه من الصحفي اللبناني وليد الحسيني، أحد مرتزقة ومطبلي عميد الطغاة العرب، عندما ظهر قبل أيام قليلة في تلفزيون الطاغية، معلنا تأييده لجرائمه وأنه جاء خصيصا من وطنه لبنان للتضامن مع الطاغية، غير مدرك أنه يتحدى الشعب الليبي بكامله في حين أن غالبية الوزراء والسفراء والضباط والمسؤولين الليبيين، انشقوا عن الطاغية، وأعلنوا صراحة انضمامهم للثورة والثوار. وهذا الصجفي اللبناني معروف عنه منذ الثمانينات الترزق والتكسب على أبواب الطاغية، منذ أن دفع له ليصدر مجلة أكثر بؤسا بإسم (الكفاح العربي)، فإذا هي وصاحبها كفاح ضد الشعب الليبي وقواه الثائرة. لذلك لا أعرف هل فكّر هذا الصحفي في مصيره وهو محاصر الآن ومختفي مع طغمة الطاغية؟.

تحالف دولي من أجل وقف إبادة شعب

هذا التدخل الدولي بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، هو من التحالفات التي لم تلق شجبا أو استنكارا في العالم العربي على غير العادة العربية، وهذا يدلّ على أن غالبية العرب يستوعبون أنّ هذا التحالف وعملياته العسكرية من أجل إنقاذ شعب، وليس من أجل السيطرة والتوسع والاحتلال.

لو كانت المصالح لوقفوا مع الطاغية

نعم، لو كانت هذه الدول العظمى الثلاث تبحث عن مصالحها الاقتصادية ومن ينفّذّ أوامرها وطلباتها، لوقفوا مع الطاغية، وأرسلوا قواتهم لدعمه ضد الثورة الليبية. إذ أنه لم ينفذ أحد في السنوات الأخيرة طلباتهم وأوامرهم كما نفّذها هذا الطاغية. فقد امتثل ذليلا لطلباتهم، فسّلم القائمين على عملية لوكربي الإرهابية، ودفع مليارت من الدولارات تعويضات لضحايا لوكربي وغيرها من عملياته الإرهابية، و أعطاهم كل ما لديه من معلومات عن المنظمات الإرهابية، واقفل مكاتب كافة التنظيمات الفلسطينية. ورغم هذا الذلّ وقفت هذه الدول العظمى مع إرادة شعب يريد التحرر من جماهيرية الخوف والرعب القذافية.

نعم، إنه تحالف من أجل إنقاذ شعب من طاغية، نتمنى تطبيقه قريبا لدعم ثورة الشعب السوري التي بدأت ضد الطاغية الأسدي. هذا الطاغية الذي سجّل له رقم مميز في تعداد السجون والمعتقلين، ويقوم إعلامه المبتذل بتصوير الثورة السورية التي بدأت في مدينة درعا، أنها أعمال تخريبية من متطرفين فلسطينيين وسلفيين مسلمين. وهو يعرف أنّ تخريجاته البهلوانية هذه لن تقنع أحدا، واقتلاعه أصبح قريبا بمشيئة وإرادة الشعب السوري أولا.

إنها ساعة الحرية والتحرر التي بدأت تقرع أجراسها في غالبية الأقطار العربية معلنّة: ولّى عصر الطغاة، وجاء عصر الحرية والديمقراطية، فليسرع بقية الطغاة بالرحيل طواعية قبل اقتلاعهم بقوة الجماهير التي سجّلت رقما قياسيا على طريق حريتها وكرامتها.
[email protected]