إيران: ثورة تصادر و اخرى تولد من جديد

رمتني بدائها و انسلت!
إستندت وزارة الخارجية الامريکية في تقريرها الخاص الذي أعدته بخصوص منظمة مجاهدي خلق، على معطيات و أسس تستند في واقع أمرها على مصادر تعود الى رجال الدين في طهران و الى بقايا نظام الشاه خصوصا رجال الجهاز الامنيquot;السافاكquot;، الذين فروا الى خارج إيران، وقد تمکن الطرفان و بحکم تأثيراتهما المستمدة من عوامل مختلفة، التحکم بشکل غير مباشر في صياغة التقرير و إخراجه بشکله النهائي، وبقدر مالدى النظام الديني المتطرف في طهران من أسباب و دوافع متعددة لممارسة الضغوط المختلفة على واشنطن من أجل إلحاق أکبر الاضرار بمنظمة مجاهدي خلق و حصرها في أضيق زاوية ممکنة تمهيدا لإنهاء دورها المؤثر على الساحة الايرانية، فإن بقايا نظام الشاه المتواجدين في الولايات المتحدة بشکل خاص و في بقية دول العالم الاخرى بشکل عامquot;ولاسيما مصرquot;، لم ينسوا أبدا الدور البارز و الحاسم لمنظمة مجاهدي خلق في الاعداد و التمهيد لسقوط نظام الشاه خصوصا وان هذه المنظمة قد کانت من أبرز ألد أعداء الشاه و کان الصراع بينهما مريرا و عنيفا ولم يکن بالامکان أبدا أن يتناسى رجالات نظام الشاه کل ذلك بصدد عدوتهم اللدودة ولذلك فإنهم عملوا ومن خلال الطرق و الاساليب الملتوية التي ألفوها، من أجل لعب دور ملفت للنظر في عملية إعداد و صياغة القرار من خلال معلومات تمويهية و محرفة و مزورة و کاذبة بشأن المنظمة، ولم يکن غريبا أبدا أن تلتقي غايات و أهداف الطرفين في نقطة واحدة وهي العمل من أجل عزل و تحطيم المنظمة بکل الوسائل المشروعة و غير المشروعة، بل وان الاتهامات التي وجهت للمنظمة في تقرير وزارة الخارجية الامريکية، قد تمت صياغتها بتعاون بين ضباط متمرسين من السافاك التابع للشاه و بين ضباط من الحرس الثوري و وزارة الاستخبارات التابعة لرجال الدين، ومن المفيد هنا أن نلقي نظرة على بعض من الاتهامات التي وجهها تقرير وزارة الخارجية الامريکية للمنظمة ضمن السياقquot;وسنأتي لاحقا على التهم الاخرى و نناقشها تباعاquot;، وهي في خطها العام تحرص و باسلوب غريب و ملفت للنظر على إظهار المنظمة بطابع quot;غير ديمقراطيquot; کي نتمعن فيها بدقة و نناقشها بهدوء و روية:
ـ الشکل الدکتاتوري للقيادة.
ـ إمتلاك قائد مقدس.
ـ العلاقات التي بموجبها تأتي الاوامر من فوق و المسؤولية الاساسية للأعضاء تنفيذها بدون مناقشتها.
ـ هؤلاءquot;أي المجاهدينquot;،(الکتب و قوانين الرقابة، و الرؤية العامة، و تفسير التأريخ و الايديلوجيا، محددة بالفرد التابع لهم).
ـ الاعضاء الذين يريدون أن يترکوا صفوف المنظمة، يسجنونهم، وغير الراضين عنهم يحکمونهم بالاعدام، لکن تنفيذ حکم الاعدام يتم بعد إنتصارهم في إيران.
الغريب، أن منظمة مجاهدي خلق ومنذ إختلافها و مع النظام الديني و بدأ المواجهة بينهما، دأبت في أدبياتها و بياناتها و خطب و کلمات قادتها على الترکيز و بشکل مستمر على الطابع الدکتاتوري للنظام الديني، و على تزمت و تعنت و عجرفة النظام و قادته في تعاملهم مع الشعب الايراني و مختلف قواه الوطنية و الاجتماعية، وهي التي رفضت نظام ولاية الفقيه لأنه أساسا يضع quot;قائدا مقدساquot;، هو فوق کل شئ و مشيئته تعلو فوق کل الارادات الاخرى، وان نظام ولاية الفقيه قد تم وضعه اساسا وفق منطقquot;نفذ من دون أي سؤال او نقاشquot;، وهو الامر الذي طالما حذرت منه المنظمة و لفت قادة المنظمة بشکل عام و زعيم المنظمة مسعود رجوي بشکل خاص النظر إليه، وانه وفي الوقت الذي کان يجب على وزارة الخارجية الايرانية توجيه تلك التهم الى النظام الديني المتطرف في طهران لکنها و عوضا عن ذلك و في عملية مداهنة و مجاملةquot;مکشوفةquot;وquot;مفضوحةquot;الاهداف و الغايات، قامت بتوجيه تلك التهم جزافا و من دون طائل الى الجهة التي أساسا حاربت الدکتاتورية و الفاشية الدينية في إيران و وفضحت العمق الاستبدادي لنظرية ولاية الفقيه و القناع الدکتاتوري البشع الذي يتخفى تحته الولي الفقيه نفسه، والمرء حين يدقق في التهم الآنفة الموجهة من وزارة خارجية الدولة الاولى في العالم، له الحق تماما أن يجزم بأنها قد خرجت في واقع أمرها من أقبية نظامي الشاه و الخميني على حد سواء، وان النظام الديني المتطرف و بعد أن وضعته منظمة مجاهدي خلق في زاوية ضيقة جدا عندما وجهت لها تهم الاستبداد و الدکتاتورية و الاستئثار بالسلطة و لکي تقلل من شأن تلك التهم الدامغة و تشوهها و تحرف غاياتها و مقاصدها الاساسية، قامت وفي لعبة مفضوحة و هزيلة بتوجيه التهم نفسها للمنظمة، وهو سعي خائب و سفيه لم يصدقه الشعب الايراني، لکن وزارة الخارجية الامريکية قامت بإداء دورquot;تطوعيquot;خاص بهذا الصدد و وجهت تلك التهم و في تقرير مفصل ضد منظمة مجاهدي خلق، وهنا ينطبق المثل العربي المعروف(رمتني بدائها و انسلت)، على هذا الموقف تماما، ذلك أن هذا المثل يضرب لمن يعير صاحبه بعيب هو فيه، فيلقي عيبه على الناس و يتهمهم به، و يخرج نفسه عن الموضوع، وهذا بالضبط مايحدث فيما يتعلق بهذه التهم الکاذبة الموجهة للمنظمة و زعيمها، إذ أن النظام الديني المتطرف في طهران و الذي يزعم کذبا و زورا أنه ضد الاستبداد و الدکتاتورية، يجسد من خلال نظام ولاية الفقيه واحدا من أسوأ النظم الاستبدادية طغيانا و غطرسة في العالم کله وهوquot;ينهي عن خلق و يأتي مثلهquot;، لکنه هذه المرة و عن طريق وزارة الخارجية الامريکية تصور أنه قد نجح في تثبيت تهمة موجهة له على خصمه و غريمه العنيد المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، وهو تصور خائب يشبه في واقع أمره ذلك الظمآن الذي يتصور السراب مائا، وان هذه التهمة الخرقاء برمي منظمة مجاهدي خلق بمعاداة الديمقراطية و جنوحها للاستبداد، هي تهمة رفضتها الاوساط السياسية و البرلمانية و الاعلامية الامريکية نفسها و فضحتها بمختلف السبل حتى عادت الکرة المرمية من طهران مجددا الى سلة رجال الدين أنفسهم، وللموضوع صلة.