لاشك ان قرار تأجيل عقد القمة العربية التي كان مزمعا انعقادها في العاصمة العراقية بغداد في العاشر من شهر ايار مقبل مثل رسالة سلبية من زوايا مختلفة تعكس في مجملها اختلال وضعف القراءات العربية الواقعية لمجريات الامور بأطارها العام في المشهد العربي، ونظرة غير واقعية مازالت محكومة بعقد من مخلفات الماضي، ومن عدم الرغبة وعدم الاستعداد للتعاطي مع الحاضر بمنطق صحيح وصائب.

ومن الطبيعي ان يخلق قرار جامعة الدول العربية بتأجيل عقد القمة في وقت تحتم الظروف الخطيرة والحساسة الراهنة في العالم العربي الاسراع بعقدها بطريقة تتجاوز التقليدية والرتابة التي عرفت بها القمم العربية السابقة، ردود فعل سلبية من العراقيين ومن غير العراقيين.

والوضع العربي اليوم يمتاز بكونه خطير للغاية ومفتوح على كل الخيارات والاحتمالات، لاسيما بعد انهيار وسقوط انظمة سياسية كانت تبدو متماسكة وبمنأى عن أية هزات سياسية عنيفة، ولاسيما بعد اشتعال الثورات والانتفاضات في عدة دول عربية اخرى جعلت الانظمة الحاكمة في مواقف حرجة لاتحسد عليها بالمرة.

ولاشك ان هذه الاحداث والوقائع تثبت بما لايقبل الجدل والنقاش ان بنى وهياكل النظام السياسية العربي هي في الواقع بنى وهياكل خاطئة وهشة وعرضة للانهيار بسبب عدم تحصنها من الهزات والزلازل السياسية لا الطبيعية!.

ولاشك انه اذا كانت هناك توجهات حقيقية وجادة للاصلاح ولمعالجة مايمكن معالجته واحتوئه، فأن ذلك يحتم فتح ابواب الحوار الواضح والصريح وعلى اعلى المستويات، بعيدا عن الخطب الرنانة والفارغة والسجالات والمناكفات العقيمة، والمنبر الحقيقي للحوار هو لقاء القمة بين الزعماء او من يمثلهم لا الهروب واللجوء الى الخيارات التي لاتزيد الامور الا اضطرابا وسوءا.

فضلا عن ذلك فأن اتجاه بعض الاطراف العربية الى تبني مواقف انفعالية متشنجة حيال العراق لانه اتخذ الموقف الصحيح والمعقول الذي ينبغي اتخاذه حيال مايجري في مختلف الدول العربية، بعيدا عن الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين، مثل خطأ كبيرا يضاف الى الاخطاء العربية المتلاحقة حيال العراق في عهد نظام البعث السابق وبعد سقوط ذلك النظام وحتى الان.

من غير الممكن ان توصل المواقف الخاطئة الى نتائج صحيحة وايجابية تتمناها كل الشعوب العربية بلا استثناء بعدما اصبحت التجربة العراقية نموذجا يضرب به المثل ويتطلع اليه الكثير من الاشقاء العرب من الشعوب وليس الحكام طبعا!.

[email protected]

*كاتب وصحافي عراقي