حصل ماهو متوقع و أنفض السامر و شهدت بغداد موت قمتها الموعودة التي دفنها أهل الأحزاب الطائفية الإيرانية الذين لم يستطيعون الصبر أو إلتزام التقية السياسية بل باحوا بما في صدورهم و أعلنوها مواقفا متضامنة مع مواقف النظام الإيراني بشأن الوضع في البحرين وهو الوضع الذي تطور من إحتجاجات شعبية كان من الممكن التعاطي معها وطنيا وهو ما سعى إليه ملك البلاد وولي عهده قبل أن تعلن المؤامرة الإيرانية عن وجهها البشع و تؤكد عدوانيتها و تقرر طروحاتها التي ضربت في الصميم كل معاني العمل الوطني الملتزم و ليعلن أتباع النظام الإيراني في العراق وهم حكام العراق الحاليون بأحزابهم الرثة و بتجمعاتهم الطائفية المريضة عن مواقفهم اعدوانية التي حولت العراق و لأول مرة في تاريخه السياسي الحديث ليكون خنجرا في خاصرة الخليج العربي و عونا للنظام الإيراني المتغطرس في مخططاته العدوانية و في تسهيل طروحاته التبشيرية و العمالة و التخريب.

موت قمة بغداد العربية كانت امرا متوقعا لدبلوماسية بلد لا يقاد بإحتراف بل بأسلوب بدائي متخلف من حكومة تعبانة هي أشبه بحسينية أو تكية دينية يترأسها شخص لا علاقة له بالعمل القومي و لا بالفعل السياسي المحترف، بل أنه شخص آيديولوجي متعصب و مؤمن بطروحات مريضة متشابهة لحد ما في النتائج مع الطروحات البعثية البائدة و مساوية لها في التخلف و العدوانية، فحزب الدعوة لا يمكن أن يقود العمل القومي العربي وهو الذي فشل في إدارة محاور السلطة العراقية و أسس لحالة خراب عراقية لانظير لها، وتزعم دولة الفشل العراقية الراهنة التي أجبرت الجماهير العراقية على الخروج للشوارع مطالبة برحيل تلك الحكومة و رحيل رئيسها الذي لا يزال يقود البلاد بعقلية رجل المعارضة المقيم في السيدة زينب في دمشق! مثل أولئك النماذج لايمكن أن ترتقي بالعمل السياسي بل أنها كانت فضيحة على السياسة العراقية التي تحولت لمستنقع آسن يخوض في أوحالة عصابات من المزورين و العيار و الشطارين .

لقد أفرزت الأزمة البحرينية عن حقيقة معدن الذين يتخبطون في دائرة السياسة العراقية و أكدت على أن أهل الإنتماء الطائفي المريض لا يمكن أن يرتقوا لبناء حالة وطنية جامعة مانعة، المهم أن الدبلوماسية العراقية قد أصيبت في مقتل و أن الفشل قد رسم ملامحه على تلك الدبلوماسية التي كانت و لازالت تدور في الفراغ و أكاد أشفق على منظر مندوب العراق في الجامعة العربية وهو الدكتور السفير قيس العزاوي وهو يعلن عن إحتمال تحديد موعد جديد للقمة العربية القادمة في بغداد لأنه يعلم علم اليقين وهو الأكاديمي المقفف و القومي الفكر و الإنتماء و السلوك بأن بغداد في ظل حكامها الطائفيين لا يمكن أن تكون حضنا للعرب لكونها لم تختضن أبناءها فكيف بها وهي تعد العدة لعمل قومي لا يتناسب أبدا مع طموحات و مشاعر و توجهات عملاء إيران المعروفين و التاريخيين.

لقد عملت الدبلوماسية العراقية بقيادة الوزير هوشيار زيباري كثيرا و عولت على إنعقاد تلك القمة بل و بالغت في التأكيد على حتمية إنعقادها مهما كانت الظروف رغم أن وكيل الخارجية العراقية السيد لبيد عباوي كان واضحا وصريحا في إطلاقه لجرس الأنذار من مغبة السياسات الطائفية التي أوردت البلد مورد الهلاك بعد أن تحول موضوع الفتنة في البحرين لقضية مصيرية عند أحزاب الدعوة و المجلس الأعلى والصدر والجلبي ثم جاء نوري المالكي رجل منظمة الدعوة ليكحلها و يعميها و يجعل وزارة الخارجية العراقية في حالة شلل وفشل.

اعتقد أن على وزير الخارجية السيد زيباري تقديم إستقالته بعد أن لم يستطع حماية الدبلوماسية العراقية وبعد أن فشلت جهوده بسبب اللعبة الطائفية السائدة وبيما يجعل أي محاولة إنفتاح دبلوماسي عراقي بمثابة عملية إنتحار، فمن المؤكد أن كل الجهود المبذولة سابقا قد تلاشت وذهبت سدى و إن القمة لن تعقد أبدا في بغداد مادام هنالك مواقف طائفية عدوانية ظل أصحابها هم المتحكمين في توجهات السياسة العراقية.

رحيل حكومة المالكي الفاشلة أمر لا بد منه وهي عملية حتمية سيحققها الشعب العراقي بنفسه، بل أن الأمر لا يقتصر على الرحيل بل يجب تقديم المالكي و أركان حكومته و شلة الفاسدين و المزورين و القتلة في مكتبه الرئاسي و العسكري للمحاكمة العادلة بعد فتح كل الملفات المسكوت عنها بدءا من التزوير الشامل مرورا بالصفقات الغذائية الفاسدة و التلاعب بحياة وصحة و أرواح المواطنين و ليس إنتهاءا بقضية المعتقلات و السجون السرية وعمليات التعذيب ثم التآمر على الأمن القومي العربي و الخليجي، وجميعها ملفات جاهزة العناصر..

لا سبيل لهوشيار زيباري لو أراد الإحتفاظ بذكرى مشرفة لتاريخ الدبلوماسية العراقية سوى الإستقالة قبل أن تتكفل الجماهير العراقية بتنفيذ المطلوب... وهو ما سيحصل في نهاية المطاف.. وإن بدت الظواهر عكس ذلك.. غضب العراقيين قادم لامحالة..

[email protected]