صدر قرار مجلس الجامعة العربية بتأجيل قمة بغداد التي طال وعرض الحديث عنها اكثر بكثير مما تستحق، ولااعرف حقيقة ماهو مكان او مبرر الصدمة او خيبة الامل التي أصيب بها معظم عمال السياسة في العراق هل ذلك بسبب قلة الخبرة بالوضع العربي ام بالقراءات الخاطئة لما يجري حولهم ام بسبب جهل وتخلف المستشارين المعتمدين عند هذا المسؤول العراقي او ذاك ورغم كثرة المستشارين في عراق اليوم والتي وصلت لحدود التخمة التي تصيب بالحموضة والانزعاج!
هناك عوامل وظروف واقعية عراقية محلية وخارجية عربية تدعم قرار التأجيل وتضعه في خانة المنطق، ففي الناحية المحلية العراقية مازالت الطبقة السياسية في العراق تتكلم باكثر من لسان وتفكر باكثر من رأس وباجندات مختلفة حد التشعب والتقاطع التام، واذا كانت مثل هذه الامور هي سمات الديمقراطية الدستورية في ضمان حرية التعبير وتبني الافكار فان هذا الحق محدد ضمن الداخل العراقي ويسقط تماما عندما يكون خارج الحدود العراقية فيكون الموقف الخارجي الرسمي موحد وثابت وهذا مالم تصل له التجربة العراقية الجديدة والتي من الواضح انها تعاني من تخبط سياسي صارخ ومتناقض في التعامل مع الخارج والمواقف المختلفة جذريا للكتل السياسية العراقية من انعقاد القمة العربية في بغداد خير شاهد على هذا الخرق الدستوري وهذا التخبط السياسي الصارخ.
اما في الموقف الخارجي العربي فهناك الكثير من الاسباب السابقة واللاحقة التي تدعو ليس الى تأجيل القمة بل نقلها من بغداد!!والغريب ان الكثير من عمال السياسة لم ينتبهوا لذلك، واسجل هنا وقبل اندلاع ثورة تونس بحوالي شهرين كنت ضيف في احد برامج قناة العراقية الفضائية وقلت نصا quot; ان القمة سوف لن تعقد في بغداد في موعدها وسوف يسعى البعض الى الغائها وفي احسن الاحوال الى تأجيل متكرر لها.. لان الكثير من الرؤساء العرب وحسب اللغة التي يعملون بها لايريد ان يستوعب ان في العراق تنوع اجتماعي وانساني وسياسي فيه رئيس كوردي ورئيس وزراء شيعي ورئيس برلمان سني quot; وهذا كلام موثق رغم في حينها لم يتفق معي مقدم البرنامج العراقي و الضيف الاخر وهو اعلامي مصري كان يشارك من القاهرة مباشرة عبر الاقمار الصناعية ايام ذروة حكم حسني مبارك. و هذا واقع عربي مرير ومحزن لكن يجب عدم القفز عليه بل يجب التعامل معه بطرق اكثر عمق لاجل ايجاد سبل وأليات تقارب عربي عراقي لان في النهاية العراق بلد عربي ويعتز بعروبته كما يعتز بتنوعه القومي والمذهبي والديني وطرفي المعادلة هذه بحاجة الى طراز سياسي رفيع يجيد تجميع عناصرها. وحتى مبرر الموقف من احدث البحرين غير واقعي لتأجيل القمة بل هو جسر جاءت به الظروف البحرينية.
واليوم هناك مستجدات كبيرة وجوهرية في العالم العربي تدعوا الى تاجيل هذه القمة العتيدة الى أجل ليس قريب، وذلك بعد ان تلاشت عن الوجود أهم الرموز الديكتاتورية العربية مثل صنمي تونس ومصر وفي الطريق اصنام اخرى للتلاشي والاختفاء في اليمن وغيرها، وهذه ميزة يجب ان ترافق قمة بغداد المرتقبة لانه ليس من المعقول ان تمثل حكم دستوري منتخب بشكل ديمقراطي وتستقبل رموز ديكتاتورية، في ذلك ان حدث انتقاص كبير من حجم التجربة العراقية الفريدة في المنطقة والتي وقف لعرقلتها وتدميرها الكثير من هذه الديكتاتوريات الساقطة. ومن جانب اخر وهذا هو الاهم في الموضوع يجب ان تعرف كل الحكومات العربية ومعها الجامعة العربية الديكتاتورية وايضا كل عامل في السياسة العراقية ان عروبة العراق ليس استجداء من احد بل ان بوصلة العروبة في العراق نفسه قبل غيره، لذلك لاتفضل ولامنة من احد على حضوره لبغداد بل هو شرف رفيع يجب ان تسعى له الحكومات العربية، فبدون العراق لاتتشكل العروبة بل تبقى الامة منقوصة وحائرة ومتخبطة وتبقى كل الدول الاخرى بدون العراق تسمى نصف أمة ونصفها الاخر عروبة العراق. من يقبل بهذه المعادلة اهلا وسهلا به ومن لايقبل فالف لا.. للقمة العربية في بغداد.
التعليقات