هل فعلا يريدون اصلاحات ام الاطاحة بالنظام الملكي وتأسيس دولة طالبانية؟
رجال ملتحون يرتدون دشاديش قصيرة يلوحون بالسيوف وقضبان حديد وبلطات وعصى خشبية ومواسير يهددون ويتوعدون. وصفتهم الصحف الأردنية بالتيار التكفيري ورأيت صورهم في موقع عمون الاخباري وظننت انني انظر الى صور التقطت في قندهار وليس في الزرقاء. تعامل الأمن الرسمي معهم بطريقة حضارية وضبط نفس ونعومة مفرطة.
عندما ترى هؤلاء هل يتبادر الى ذهنك كلمة الاصلاح أم العنفية والظلامية والغوغائية التي تستعمل الدين كغطاء لخدمة اجندات غريبة وعجيبة. هل يتبادر الى الذهن ان ولاء هؤلاء للأردن ام لحركات متخلفة تمتد من افغانستان للصومال.

اسئلة بحاجة لاجابة
وبهذه المناسبة أود أن اطرح عليهم وعلى اخوان الأردن بعض الاسئلة واتحداهم ان يجيبوا عليها بصراحة وبدون لف ودوران؟
هل فعلا تؤمنون بالحرية ومباديء الديمقراطية؟
هل تؤمنون بالتعددية السياسية والحزبية؟
هل تؤمنون بالديمقراطية وهل تمارسوها؟
هل ستسمحون بتداول السلطة من خلال انتخابات تشريعية منتظمة؟
هل تقبلون بالآخر والرأي الآخر؟
هل لديكم برامج لتحقيق المزيد من الحريات الفردية والعامة وبرامج لاعطاء المرأة حقها في العمل والمشاركة السياسية؟
ما هي برامجكم الاقتصادية للقضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة ومعالجة العجز في الميزانية؟
هل ستضمنوا حرية التعبير والاعلام الحر المنفتح؟
هل تسمحوا بالاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات السلمية؟

نعرف وندرك كل هذه الأمور غير متوفرة في المناطق التي يسيطر عليها الطالبان في افغانستان والشباب في الصومال وغير متوفرة في غزة والسودان.
أم أنكم تريدون دولة طالبانية التركيب وحمساوية الهوى او خلافة اسلامية حيث يجلس خليفة في الزرقاء او اسطنبول يقرر من يجلد في العقبة ومن يتم رجمها في السلط ومن تقطع يده في عجلون؟

الاخوان وجبهة العمل الاسلامي
وفرت الأردن لتلك الجماعات بيئة ومناخ ومساحة للعمل واحتضنتهم منذ الخمسينات بينما تعرض زملاءهم في دول عربية اخرى للاضطهاد والتعذيب والاعدامات. وهم يدركون ذلك ولكن الولاءات الخارجية تمنعهم من الاعتراف بالجميل ولذلك يناكفون ويجحدون ويعرقلون.

ولاحظنا كيف انهم رفضوا المشاركة في الانتخابات ثم رفضوا المشاركة في الحوار الوطني من اجل الاصلاح ورفضوا مناصب وزارية ليلعبوا دورا فاعلا في الحكومة. يرفضون ويناكفون ويعتمدون خطابات حماسية وحمساوية ثم يعلنون انهم فقط من يمتلك الحقيقة والشرف والنزاهة والصدق والمعرفة في الأمور الدينية والدنيوية والخبرة والحنكة السياسية والعبقرية الفذة والقدرة على حل المعضلات بفتاوي جاهزة للاطلاق بالدعس على زر وتحقيق المعجزات ويمتلكون ثروة هائلة من التبريرات للجرائم ضد الابرياء في افغانستان والعراق والعلمانيين في غزة ويلجأوا للآيات القراءنية والاحاديث الشريفة لاسكات الآخر وترهيبه واجباره واخضاعه لرأيهم ولكن اين برامجهم العملية لحل مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية.

الأحزاب السياسية في الغرب الكافر تضع امام الناخب قبيل الانتخابات برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقول للناخبين هذا ما سنفعله اذا نجحنا في الانتخابات. المواطن يقرأ البرامج ويقرر من ينتخب ومما يخدم مصلحته. فأين برامج الاحزاب الدينية التي تشرح وتوضح للمواطن لكي يتمكن من الاختيار الصحيح. الشعارات والخطب والفتاوي لا تقنع الا البسطاء والساذجين.

أخطاء وتناقضات الانتهازيين الجدد
يؤيدون انتفاضة الشعب المصري والشعب الليبي ولكنهم يصمتون صمتا مريبا على انتفاضة الشعب السوري ضد النظام البعثي القائم ولماذا. يقال ان السبب هو الدعم الشفهي اللفظي الذي تقدمه دمشق لحماس. وثمة فشل آخر هو انهم لم يلاحظوا ان اخوان مصر توصلوا الى قناعة أن الاساليب القديمة والتسميات الدينية لا مكان لها في العصر الحاضر.
اخطاءهم تتراكم وتزداد فقد خذلوا انصارهم ومؤيديهم عندما قاطعوا الانتخابات ورفضوا الممارسة الديمقراطية. لذا ليس عجبا ان شعبيتهم تتقلص بعد نزع ورقة التوت عن ادعائتهم ومصداقيتهم.

في الثمانينات سمحوا لأنفسهم ان يحملوا السلاح الأميركي في افغانستان لمحاربة روسيا ثم ينددوا ويستنكروا تعاون الأردن مع الدول الغربية في مكافحة الارهاب؟ اليس هذا نفاقا معيبا.

ثم في اوسط التسعينات اعتنقوا الارهاب وتحصنوا في كهوف افغانستان لنشر الرعب والقتل في مختلف انحاء العالم من مدريد الى شرم الشيخ ومن نيويورك الى فنادق عمان. خلطوا الجهاد مع الارهاب وشوهوا سمعة الاسلام والمسلمين وقدموا خدمة جليلة لاسرائيل. وعبرت شخصيات يهودية نافذة في الولايات المتحدة عن ارتياحها الكبير لأن المسلمين يقدموا شهادة حسن سلوك لاسرائيل بانتظام.

وهاهم يحتجون في الأردن مطالبين بالاصلاح. اي اصلاح يريدون؟ الاسلاميون لا يريدون حلولا اصلاحية بل يريدون السلطة بأي ثمن ولذا نالوا لقب الانتهازيون الجدد.

الاصلاح ضروري وعاجل
الحكومة الأردنية والبرلمان والملك يدركون المتغيرات على الساحة العربية واقتنعوا ان الحاجة للاصلاح باتت امرا هاما عاجلا وحيويا ولا يمكن تأجيله او تجاهله. فلماذا يرفض الاسلاميون المشاركة في الحوار القائم من اجل الاصلاح ووضع رؤيتهم على الطاولة ويقولوا بصراحة ماذا يريدون.

استنبط واستنتج من متابعتي للملف الأردني ان هدفهم هو اسقاط النظام الملكي المتنور والتقدمي البراغماتي المتسامح المعتدل واستبداله بنظام ظلامي سلفي على غرار نظام حماس والطالبان حيث الجهل والحاجة والعوز ستنتشر وتهرب الاستثمارات الاجنبية وتجف السياحة ثم يتبعها مرحلة التسول والاستجداء لمنظمات الاغاثة الكافرة بأن تأتي لتقديم المساعدات واطعام الجائعين وعلاج المرضى.
اذا نجحوا في اسقاط النظام الملكي الهاشمي الذي خدم الأردن وأرسى ركائز الأمن والاستقرار ونقلها الى القرن الواحد وعشرين قد تتحول الأردن الى دولة فاشلة يحكمها الانتهازيون الجدد.

عملية الاصلاح في الأردن مستمرة رغم المناكفات والتنغيصات من قبل مجموعات تخدم اجندات اقليمية لا صلة لها بالأردن من قريب او بعيد.


اعلامي عربي - لندن