بعد سقوط النظام المصري سُألت من أصدقائنا غير المصريين، هل تخاف علي مصر من الإخوان والسلفيين؟؟ أجبتهم أنا لا أخشي على مصر من الإخوان أو السلفيين بل أخشى علي مصر من الليبراليين!!! تعجب كل من سمع إجابتي ولكنها الحقيقة المُرة!! فلو وصل الإخوان وحلفاؤهم السلفيون للحكم لن يكون وصولهم بسبب قوة وجودهم في الشارع المصري بل لسوء إدارة وتصرف وتفكك الليبراليين، فكيف لنا أن نحافظ علي مدنية مصر ونحميها من المتربصين بها؟.

أولا- مازال لدي إيمان قوي أن الغالبية من شعب مصر هي أغلبية معتدلة حتي لو كانت نتائج الاستفتاء قد جاءت مخيبة لآمال البعض، فيما أسموه بغزوة الصناديق!!، فقد تم الاستفتاء في ظروف لن نسمح بتكرارها مرة أخري من تحيز السلطة العسكرية، وتزوير علني للاستفتاء مما يجعلنا نطالب بإشراف دولي علي الانتخابات القادمة، ناهيك عن تحيز القائمين علي الاستفتاء الواضح حتى أنه اُختير quot;لنعمquot; دائرة خضراء وquot;لاquot; دائرة سوداء في ورقة التصويت!! كما أن ليس كل الذين قالوا نعم إسلاميون، فهناك فلول الحزب الوطني وما لهم من خبرة كبيرة في الانتخابات من تزوير وحشد الجماهير وهناك الجهلاء الذين قيل لهم أن في التصويت بنعم نصرة لله، وهناك فئة كبيرة جدا قالت نعم ظنا منهم أن quot;نعمquot; ستجلب الاستقرار و تنتهي الحالة التي تعيشها مصر ليستطيعوا العودة لممارسة حياتهم وأعمالهم مرة أخري ndash; وهذا ما لم يحدث-، وهناك من قال نعم من أجل قليل من السكر والزيت!!.

ثانيا: خوفي على مصر من الليبراليين ليس لأن أفكارهم لا تناسب المجتمع المصري، بل هي الرقي والتقدم والازدهار وهم الأمل إن كنا نحلم لبلدنا أن تلحق بركب الدول المتقدمة، فالديمقراطية والحرية والأفكار المستنيرة هي الوحيدة القادرة علي بناء دولة عصرية. الخوف يعود لقلة خبرتهم في المجال السياسي فالإخوان وبعد صفقة عقدوها مع النظام السابق استطاعوا أن يحصلوا علي خبرة كبيرة في الست سنوات الماضية في الداخل، كما أن الأخوان كجماعة أظهرها النظام السابق كفزاعة في وجه الغرب المطالب بالديمقراطية، اكتسبت خبرة دولة عن طريق عقد لقاءات بينها وبين دول غربية كثيرة معظمها لم يعلن عنها، حتى أنني لا أستبعد عقد لقاءات بينهم وبين ممثلين لإسرائيل!! أما الليبراليين فمن رفض منهم الانضمام للحزب الوطني كان نصيبه السجن أو التشويه أو العزل، وأحيانا وفي لعبة تبادل الأدوار كان يترك النظام شأن بعض الليبراليين لأصدقاء النظام من الإخوان لممارسة لعبة التكفير معهم!!.

الشئ الآخر الذي يزعجني أيضا هو عدم قدرة الليبراليين على التوحد في خندق واحد، فكل يوم تصلني دعوة للانضمام لحزب ليبرالي جديد!! في الوقت الذي يعاني فيه التيار الليبرالي من ضعف الموارد المالية، فلا يوجد حزب ليبرالي من القائمين أو الأحزاب التي سيتم تأسيسها قادر علي توفير مقرات له في 222 دائرة انتخابية بمصر، ولا في الصرف علي مرشحين له في كل الدوائر، أي من المحتمل غيابهم عن دوائر كثيرة وفي نفس الوقت محتمل تكدسهم في دوائر أخري فيفقدون فرص التمثيل البرلماني في الحالتين في حالة الغياب لضعف الإمكانيات المادية، ثانيا تفتيت الأصوات الليبرالية في حالة وجود أكثر من مرشح ليبرالي في دائرة واحدة.إذا ما الحل؟؟؟؟

الحل ليس في إتحاد الليبراليين في حزب واحد فهذا مستحيل، ولكن يمكن لنا تكوين لجنة نطلق عليها اسم quot; من أجل مصر المدنيةquot; مثلا، تتكون من ممثل عن كل فصيل أو حزب ليبرالي بتجميع، وتكون مهمة هذه اللجنة التنسيق بين الأحزاب الليبرالية بحيث لا نجد أكثر من مرشح ليبرالي في دائرة واحدة وفي نفس الوقت لا يغيب الليبراليين عن الترشيح في دوائر أخري، كما تكون لهذه اللجنة القدرة علي اتخاذ قرارات حاسمة لها تأثير وصدي دولي، كالمطالبة بإشراف دولي علي الانتخابات، أو الانسحاب من الانتخابات في حالة حدوث انتهاكات كما حدث يوم الاستفتاء، وإجبار الإعلام الرسمي المصري علي الوقوف علي الحياد وكذلك إجبار المجلس العسكري علي الوقوف علي الحياد أيضا، وكسب الخبرة والدعم الدولي للتيار الليبرالي المفضل لدول الجوار ودول العالم، هذا هو الحل الوحيد، فهل يستطيع ليبراليي مصر الاتفاق علي تكوين مثل هذه اللجنة لننقذ مصر من التخلف والرجعية والتطرف، لتظل مصر وطناً يحتضن جميع المصريين وتظل مصر حصناً للأمن والأمان للمنطقة والعالم كله؟؟ أنني ادعوكم للعمل من أجل مصر المدنية قبل فوات الأوان.