بعد إنتهاء زيارتي لمصر الغالية وطأت قدماي أرض غربتي مرة أخرى وكالعادة أصبت بصدمة حضارية.. أشخاص مبتسمين جادين في عملهم، شوارع نظيفة تؤكد الإنتماء الوطني، محطات أتوبيس مدون عليها المواعيد بالدقيقة... قانون حاد سارِ على الجميع بدون تفرقة بين البشر... حرية رأي للجميع تقف عند حقوق الآخرين... دولة أساسها كرامة المواطن وشعارها الحب والجمال والعدل والمساواة والحق... مقياس الشخص فيها عطاءه للوطن ولا تعرف الشعارات الرنانة ولا تفتخر بما لا تملك... ينتشر العدل والجمال بين ربوعها دون خطبة أو قصيدة تسعمها... دولة تقيس العمل ليس بعدد ساعاته بل بالإنتاج الفعلي وليس بالإنتاج الحنجوري لأشخاص عابسي الوجه محبي للموت معتقدين أن كلماتهم عن العدل والحب والمساواة والجمال تغير من واقعهم المؤلم والمحزن معاً.

قابلت في المطار صديقي روتا القادم من مورشيوس وصديقه مكائيل السويسري من منطقة ناطقة بالإيطالية فإذ بي عدت بالذاكرة ثمانية عشر عام للوراء إلى أيام دراستي للغة الألمانية في زيورخ ففي أيام الدراسة وذات يوم مشرق ذهبنا للغذاء معاً فإذ بصديقي روتا يطلب ساندويش ويرفض تناوله بعد تاكده أن مكوناته تتعارض مع ديانته الهندوسية، ولم أتعجب من استمرار علاقة الصداقة القوية والأخوة الحميمة بين ميكائيل السويسرى وروتا للآن.. وطوال الدراسة لم أسمع يوماً صوت ميكائيل يردد أن روتا وشخصي أهل ذمة لديه بل الكل يسعى ويعمل ويجتهد تحت رعاية عقد اجتماعي ودستور دولة ينص صراحة على أن الحقوق والواجبات للجميع لايفرق بين شخص واخر دستور شعارة الحرية للجميع مؤكدا انتهاء الحريات؟.. عندما تصطدم بحريات الآخرين!!..

سرحت بخيالي في عبارة (تكلم حتى أراك) التي تغيرت إلى (اعمل حتى أراك) لأرى بنفسي أعمال السلفيين المخجلة مثل قيام أعضاء الجماعات السلفية بمهاجمة ستة أضرحة تاريخية بمدينة قليوب وهدمها، والإعتداء على عدد من المواطنين بالأسلحة البيضاء والشوم بعد أن تصدوا لهم أثناء محاولتهم هدم ضريح quot;سيدي عبد الرحمنquot;.

شاهدت أعمال الهدم والترويع للآمنين والتهديد والوعيد لكل المخالفين لهم من ديانات أخرى بل والمتفقين في ديانتهم مختلفي المذهب فأعمال السرقة والنهب والسلب بإسم الدين وكأنهم مفوضين من الله تعالى!! مغتصبين الحق الإلهي في الحكم على البشر.. متعجبا من تصريحات الكتاتني من الإخوان المسلمين أن العمل بنظام الحدود باتقريباً جداً!! ليحكموا بشرع الله حسب فهم جماعاتهم...

كل هذه الحوادث المرعبة أثارت الشارع المصري مما دعا الداعية د. عمرو خالد التنبيه على خطورة العام القادم في مصر إذا لم يقف المصريون صفاً واحداً، وقال: (السنة الجاية في مصر موج هايج والأيام الجاية مش سهلة لأن ثوب مصر تمزق خلال الـ 30 عاماً الماضية ولو مش حنقف يد واحدة ليبرالية مش حيقوم لمصر قومة تاني)..

أخيراً قابلت العديد في مصر وفى الخارج من خلال لقاءات وتليفونات فإذ الجميع يعلنون خوفهم ورعبهم على مصر في الأيام القادمة خاصة من التيار السلفي والجماعات الجهادية وجماعة الإسلام السياسي!!.. علاوة على الإنفلات الامنى وفلول الحزب الوطنى اعضاء النظام القديم فإذا بى أهدئ الجميع وأكرر بأن ما يحدث من أعمال سرقة ونهب واغتصاب وقتل وهدم بإسم الدين هي أمور في مصلحة الوطن لأنها قادرة على إعطاء صورة كاملة عن الدولة التي يريدها تلك الجماعات مما يدفع بالجميع للإتحاد لإنقاذ مصر من دولتهم المتطرفة.

لذا شكراً للسلفيين وكل تيارات الإسلام السياسي لأنكم تعبرون عن فكركم المتطرف ليس بالكلمات فقط بل بالأفعال أيضا فاعمال القتل والنحر والسرقة والنهب من خصالكم ففضيلة الاستحلال quot; الحق فى سرقة وقتل تجار الذهب الاقباط وتوزيع الاموال على اعضائكم واستخدام تلك الاموال فى شئون دعوتكم quot; تعود لشخيكم الجليل الكفيف البصر عمر عبد الرحمن المحكوم علية بالسجن مدى الحياة فى امريكا فى عمليات ارهابية... شكرا لكم لانكم باعمالك ترسمون صورة لدولتكم المنشودة.
ليقِ الله مصر من شركم ويقِ العالم من تطرفكم.

[email protected]