حين بحثت في تاريخ العود وجدت إن جميع ثقافات المنطقة تدعي إن الوجود الأول لهذه الإله العريقة الموغلة بالقدم والتي ولدت قبل أكثر من 5000 سنة واستمرت بنجاح وحيوية لا مثيل لهذا إلى يومنا هذا، جميع ثقافات المنطقة يدعي وصلاً بليلى لما لليلى من جمال وعراقه و الق. لذا وبعد طرح مشكلتي على المشرف على رسالتي للماجستير أنذلك البروفسور اون رايت، قال لنذكر كل هذه الادعاءات و نجعلها تعظيم للآلة العود لأنها تعني ذلك فعلا، علمية كانت تلك الادعاءات ومبنية على دلائل أم أدعائية متخيلة بحته.
ربما سيساءل البعض، ما علاقة آلة العود بالشاعر الكبير مظفر النواب؟


إن العلاقة بين النواب والعود أعمق مما تصورون، وهنا سوف لن أتحدث عن العلاقة من باب حب (أبو عادل) للعود و لا عن صوته الجميل، ولن أتحدث عن الموسيقى التي تصدرها قصائده ولا الإيقاعات الأدائية في العود وعلاقتها بأداء وإلقاء مظفر النواب ولا عن الدينامكية الموسيقية في العود و موسقة النواب للقصيدة، وهذا ما خبرته بحكم التجربة الموسيقية الشعرية المشتركة بيننا منذ 20 سنة، كما عرفت قصائد النواب ومن جانبها الموسيقي بأكثر من ذلك.
سأتناول هنا موضوعة أخرى، هي كيف إن البعض من الناس يتحدث عن علاقته المتخيلة بمظفر النواب، وكيف تودي هذه العلاقة المتخيلة وبطريقة متخيلة أيضا بحياة شاعرنا، على شاكلة ومن الحب ما قتل.

بعد إن زرت النواب قبل شهر تقريباً حيث كنت في دبي، طمأنني العزيز أبو عادل عن صحته و إن تدهورها بدء يتلاشى، بسبب انتقاله إلى الإمارات العربية المتحدة ndash; الشارقة واهتمام ناس الإمارات وعراقييها به ومستوى الخدمات الطبية العالي المتاح للجميع، و تناولنا الحديث عن زيارته للعراق، فأنا أُدرك إن مثل هذه الزيارة هي زيارة لا توصف ولا تفسر بسهوله بالنسبة لمظفر النواب الذي نفي من العراق منذ 1969، أبديت رأي بالزيارة وعَرَفتها على أنها البقاء وقوفاً مع الشعب العراقي ولا يجب إن نترك شعبنا وحيداً.
ولكن يبدو أن انتقال مظفر النواب إلى الإمارات يزعج البعض، إما مشاركته في مهرجان عراقي مستقل غير مدعوم مثل مهرجان المربد، فقد اعُتبرت مشكلة كبرى لذلك البعض، فصاروا يطلقون الشائعة تلو أخرى، فرنت الهواتف المحلية و الدولية وتلقفتني الرسائل الالكترونية منذ يومين تسأل هل صحيح إن مظفر النواب ما.....؟

لذا فانا اكتب في هذه اللحظة لأطمأن محبي مظفر النواب و الوطنين والثائرين وعشاق الحرية والمتخيلين و الدعاة و المتربصين و الباحثين و إنصاف الباحثين والذين اضر بهم وجود مظفر في الإمارات، و أقول لهم جميعا: تحدثت مع أبو عادل العزيز مظفر النواب قبل 20 دقيقة من كتابة هذه المقال، هو بخير و صحته ممتازة، و معنوياته عالية، و لم يزل عند نيته للذهاب للمشاركة في مهرجان المربد وزيارة العراق، ومن خلال نبرات ونغمات صوته وجدت إن هذه الزيارة أحيت في عروقه نشاط عالي، فكيف إذا حدث ووطأت قدماه تراب العراق؟؟

إذا فليطمأن الجميع أبو عادل العزيز بخير.
*الشاعر الكبير مظفر النواب شاعر عراقي ولد ( 1934) ببغداد الكاظمية، بعد انقلاب 1963 القومي حكمت عليه المحكمة العسكرية بالإعدام بسبب محاولته الهروب خارج العراق و لأسباب سياسية أخرى، بعد ذلك خفف الحكم القضائي إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نقل إلى سجن الحلة الواقع جنوب بغداد.

في هذا السجن قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، وبعد هروبه المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم توجه إلى الجنوب (الأهوار)، وعاش الحركة الوطنية العراقية المقاومة في الاهوار مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنتين. بعد مجيء البعث 1968أوُدع السجن، وفي عام 1969 اُخرج من السجن بكفالة وطلُب منه الانتماء إلى حزب البعث، على أثرها هرب إلى بيروت في البداية، ومن ثم إلى دمشق، وراح ينتقل بين العواصم العربية والأوروبية، حتى استقر به المقام ألان في الشارقة الأمارات العربية المتحدة.