إن الشرق الأوسط يمر للأفضل أو للأسوأ من خلال إضطرابات سياسية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث. حدثت معظم هذه الإضطرابات وما زالت تحدث في البلدان التي تبعت ميول سياسية موالية للغرب. بعبارة أخرى، إن الدكتاتوريات التي تمت إزالتها من خلال ثورة شعبية هي أعضاء في نادي quot;رجالنا quot; (بمعنى أتباعنا). على الرغم من أن إزالتها وبدون أدنى شك كانت نصراً كبيراً لشعوب هذه البلدان، ورغم أنه كان من نتيجتها بعض الموت والمعاناة، إلا أن الضغوط الغربية حتماً منعت تلك الديكتاتوريات من إلحاق أضرار لا تحصى بمواطنيها، وبطبيعة الحال حرمان الكثير من النعمة الكبرى، نعمة الحياة.

معسكر الدكتاتوريات التي تمثل الفريق الآخر - quot;الرجال الآخرينquot; ndash; هم الإمبراطورية الفارسية التي يديرها الملالي في ايران، سوف لن يظهر هذا المعسكر أي الرحمة أو ندم على حرمان شعوبها من نعمة الحياة العظيمة، ناهيك عن مواطني الدول المجاورة لها. إن موت عدة مئات آلاف من الايرانيين في سبيل حماية الثورة ستكون ضئيلة بالمقارنة بالملايين من الأرواح التي سوف تتأثر بطموحات ايران الانضمامية ndash;المكشوفة- في المنطقة. قال الرئيس ماو مرة لشركائه السوفييت المصدومين أن فقدان بضعة ملايين من الناس في الحرب النووية سيكون خياراُ مرحب به بالمقارنة مع المكاسب التي سيحققها المجتمع من نتائج تلك الحرب.

يبدو أن الملالي في إيران يشاركون ماو نفس هذه العقلية. إلا أن حربهم النووية ستكون ذاتية، التداعيات والأضرار الجانبية لأولئك الذين لا يريدون الإشتراك في أي جزء من الأوهام الثورية في إيران ستكون صاعقة و أسوأ، كما انه من الممكن أن نتسبب نحن أنفسنا بالضرر وذلك بتجاهل الكارثة والتى من الواضح أنها تنتظر الحدوث.

في غضون أشهر قليلة سوف يقوم ملالي إيران بتلميع أبواقهم ليصدحوا بإنجازهم العظيم لتشغيل أول محطة للطاقة النووية على الخليج في بوشهر.

عادةً ما يكون في أي محطة للطاقة النووية الكثير من مزايا السلامة المطبقة. أهم المزايا في ذلك هي نظام المؤشرات والتحكم (INC). إن وظيفة نظام المؤشرات والتحكم هو السيطرة على جميع جوانب نشاط المفاعل أو ضد أي إنحراف عن ظروف التشغيل العادية والتنسيق الكامل بين الإجراءات النووية في المفاعل والتبريد وأنظمة الضغط. ويشمل هذا المراقبة المستمرة لقضبان الوقود في المفاعل للتأكد من أن تبقى سليمة، فضلاً عن مراقبة نوعية المياه، والمواد النووية المضافة إلى دورة مياه التبريد، وإمدادات دائمة وصحيحة للدوائر الكهربائية ودوائر كهربائية منخفضة الفولتية إلى لوحات التحكم والتركيبات.

يقوم نظام المؤشرات والتحكم على مئات الكيلومترات من الكابلات، توضع في جميع أنحاء الأنظمة في هياكل المفاعلات، بعضها كابلات تحكم وبعضها كابلات للطاقة والكهرباء. في بوشهر وضعت معظم هذه الكابلات في أوائل 1978- 1979 من قبل شركة ألمانية تدعىKRAFTWERKE UNION (KWU) الشهيرة ببناء مفاعلات آمنة و ذات جودة عالية. إلا أنه، عندما صعد الخميني إلى السلطة في 1979 قامت KWU بالتخلي عن مشروع بوشهر، بعد أن أنجزت نحو 70 ٪ من المفاعل الأول، و المحتوى، وجزء كبير من كابلات الكهرباء والتحكم، وحوالي 20 ٪ من المفاعل الثاني. أصبح المفاعل مهجوراً من أي أغراض أو غايات ولم يتم تنفيذ اي أعمال صيانة.

في عام 1995 اصابت قنبلة عراقية المفاعل الأول بضربة مباشرة، وصل الروس بعد ذلك وبدأوا بإصلاحه!

في هذه المرحلة، كان من الضروري تعديل البنية التحتية للمفاعل وهيكل المباني الذي شيد بواسطةKWU، لترميمه وإستكماله من قبل الروس. وشمل ذلك تعديل نظام المؤشرات والتحكم والكابلات التي تأسس بناءاً عليها المفاعل لتتناسب مع تقنيات مختلفة تماماً عن تلك المعايير التي كانت مقررة في الأصل. وضعت أفضل المحاولات المحتملة لدمج النظامين، إلا أن إدماج نهج تصميم مختلف والإعتماد على معايير تكنولوجية مختلفة أسفرت عن وجود نظام مراقبة غير متوافق مع أي من الخطتين سواء الأصلية أو حسب النظام الجديد.

كاتب اماراتي