quot;إن الحدث الطائفي له حامل واحد في سورية، هو النظام السياسي والبقية هم نتاج تفاعل مع هذا الحدث، مهما كانوا سواء زعران أو خلافه..لأن الشعب السوري المنتفض لم يعطي هذا النظام فرصة..لذلك حاول استخدام مدينة اللاذقية لتخويف البلد والرأي العام وحدثت مجزرة ولاتزال مستمرة في مدينة اللاذقية ولا أحد يعرف عدد الضحايا الذي سقطوا. رغم أن الطرف الوحيد الذي كان يحمل السلاح هم إما رجال أمن أو عسكر او مما يعرف باللاذقية بظاهرة الشبيحة، هذه الظاهرة هي مشكلة مزمنة كانت ولاتزال مدينة اللاذقية تعاني منها حتى اللحظة، وهم عبارة عن شباب تحميهم السلطة حسب قربهم منها ومن رجالاتها، ويتمتعون بامتياز الاعتداء على أيا كان أو على ممتلكاته أو ممتلكات الدولة، ودون أن يحاسبهم أحد، لأن قسم منهم محمي من آل الأسد بشخوصهم وليس فقط بوضعهم الاعتباري!! وأهل اللاذقية من كل الأديان والطوائف يشتكون من هذه الظاهرة. وهي تحمل ما يحمله النظام السياسي من جانب يمكننا تسميته جانبquot; البلطجة والعنترياتquot; من يستمع حتى لمسؤولين كبار أو ضباط كيف يتحدثون في مجالسهم الخاصة يدرك هذه الروحية البلطجية التي تتحكم ببعض رجالات السلطة. لهذا الحديث عن أن هنالك أياد خارجية تريد لسورية فتنة طائفية كما صرحت الدكتورة بثينة شعبان عار عن الصحة، هذه المرة اتهمت شباب مخيم الرمل الشمالي في اللاذقية بأنهم هم من قاموا بأعمال التخريب وإطلاق الرصاص، وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين. وهذا ما كذبه أيضا بعض رجالات النظام داخل ما يعرف بالمقاومة الفلسطينية. نذكر منهم السيد أنور رجا مسؤول الإعلام لدى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة احمد جبريل.

ثلاث مواقف قرأتها البارحة وكلها لأصدقاء ورفاق سجن، الأول للصديقة المشاغبة خولة غازي الصحفية المجتهدة، والتي تعبر عن احتجاجها على مثقفي سورية وعلمانييها، حيث تركوا للجامع قيادة التظاهرات، ولم تكن موفقة في محاولة تصويرها أن للانتفاضة طابعا إسلاميا سياسيا وهذا بالطبع غير صحيح جملة وتفصيلا.

الموقف الأخر هو الذي عبر عنه الصديق والرفيق بسام القاضي مؤسس مرصد نساء سورية المعروف، بنشاطه المدني الممتاز من أجل حقوق المرأة، وكان الموقف على شكل بيان بعنوانquot; لا للعنف.. نعم للتغيير نداء من أجل التغيير، ووقف العنف في سوريةquot; ويطالب السلطة بوقف استخدام العنف مع المتظاهرين في سورية.

الموقف الثالث أيضا هو عبارة عن بيان وقعه لفيف من رجالات المجتمع المدني في اللاذقية ومن مختلف الطوائف والأديان، نذكر منهم الروائي المبدع نبيل سليمان والكاتب والمعتقل السابق ثائر ديب والأكاديمي الكاتب منذر خدام والشاعر منذر المصري.. جاء فيه quot;أيها المواطنون السوريون في كل مكان من أرض الوطن وفي الخارج...تمر سورية، كسواها من البلدان العربية، بمرحلة حاسمة ومفصلية من تاريخها، يتمثل جوهرها في كون الشعب السوري لم يعد يريد العيش بالطريقة السابقة، إنه يريد الإصلاح والحرية والتقدم. وإيمانا منا- نحن شخصيات وفعاليات وطنية في محافظة اللاذقية- وقد هالها المنحى الذي أخذته الأحداث في اللاذقية- بأن الأغلبية الساحقة من شعبنا السوري لا ترضى بأن ينزلق البلد إلى هاوية الفتنة والخراب والدمار، التي يتمناها المتربصون ببلدنا وشعبنا شراً.... فإننا ندعو السيد رئيس الجمهورية إلى المبادرة لعقد مؤتمر وطني جامع لا يستثني أحداً من القوى السياسية والفعاليات القومية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية... للبحث في أفضل السبل الآمنة للانتقال بسورية وشعبها إلى فضاء الحرية، والشروع يداً بيد في بناء الدولة المدنية الديمقراطية. وحتى يتحقق ذلك فإننا، إذ نترحم على أرواح الشهداء الذين قضوا، ونستنكر التحريض الطائفي من أية جهة جاء، نؤكد على الحق بالتظاهر السلمي لجماهير شعبنا، المؤيد منهم والمعارض quot; هذا بعض ماجاء في هذا النداء، هذه المواقف تعبر خير تعبير عن هواجس السوريين المتخوفة من الحدث الطائفي، وخاصة أصدقائنا ورفاقنا وفعاليات أخرى من المنحدرين من الطائفة العلوية الكريمة، وجلهم معتقلي رأي سابقين ومثقفين وأكاديميين وأدباء، لكن هل لدعواتهم هذه أي صدى لدى النظام؟ النظام الذي بني أساسا على أن يكون بحد ذاته حدثا طائفيا موترا للمجتمع طائفيا أيضا بأي لحظة يريدها، وما أردته بهذه العجالة هو ان أقول: أن النظام هو من يملك مفاتيح الحدث الطائفي في سورية، وردود الأفعال عليه حتى لو اتى بعضها ذو نغمة طائفية مرفوضة بالطبع، فإنها تبقى في إطار ردود الفعل على حدث طائفي تراكم لدرجة أن النظام نفسه بات مثقل فيه، ولم يعد قادرا على إعادة بناء أجهزة القوة والقمع خارج بناءها الطائفي الذي قام به على مدار أربعة عقود أي منذ لحظة تأسيسه، الأمر الذي يجب أن نؤكد عليه خارج اللاذقية لم يعطي الشباب السوري أية فرصة للنظام سواء رفضه للعنف واصراره على سلمية انتفاضته ورفضه لأي ملمح غير مواطني، سواء كان طائفيا أو دينيا او اثنيا مما أوقع النظام في حالة حرج، جعلته يطلق يد الشبيحة في اللاذقية لكي يقوموا نيابة عنه بإعطاء الانتفاضة هناك طابعا طائفيا من خلال ارتكابهم لمجزرة بإشراف رجالات الأمن وتحت بصرهم، مما يخيف ابناء شعبنا وخاصة في الطائفة العلوية لكي تبقى حصن النظام الأخير..السؤال الآن في اللاذقية كيف يمكن لشباب الانتفاضة وفعالياتها هناك أن يفوتوا الفرصة على هذا النظام؟ خاصة بعد أن سمعنا خطاب السيد الرئيس، والذي أعلن فيه الحرب على المجتمع السوري، وليس الحرب على الفساد، أقصد على نظامه!!

كتشكيل وفود ولجان مهمتها إغلاق هذا الباب نهائيا والدعوة لعدم استخدام العنف أو الرد على أية تهيجات طائفية. لو كان النظام صادقا حسب إدعاء السيدة بثينة شعبان لماذا لم يسمح لوكالات الأنباء بتغطية أحداث اللاذقية؟ ولماذا يرتكب رجاله نفس المجازر في المدن السورية الأخرى، والتي لم يحدث فيها أي احتكاك طائفي من قبل المنتفضين؟ لهذا علينا من جهة عدم طرح الموضوع وكأن هنالك مساواة بين الجاني والضحية، وبالمقابل علينا أيضا أن يكون خطابنا وخاصة الموجه للشباب السوري رافضا للعنف والطائفية، بذلك فقط نفوت الفرصة على هذا النظام.