في خضم أقدس ثورة شعبية يفجرها الشعب السوري الأعزل ضد نظام ورثة الإرهاب و النهب و الطائفية و الرعب و القتل يقدم هذا الشعب كدأبه عبر تاريخه الحافل صورة رائعة و باسلة لمقاومة و تضحية وطنية عظيمة قل نظيرها، و يتسابق الشهداء من شباب سوريا الحرة لذرى المجد مقدمين دمائهم الغالية و شبابهم الغض كقرابان تضحية غالي و نفيس و كثمن واجب الدفع من أجل معانقة الشام للحرية المقدسة التي طال شوق السوريين إليها.
فصرخة مدينة درعا المناضلة و المجاهدة حركت بلاد الشام من الصحراء و الجبل و حتى الساحل، و تعانق الشعب السوري بمختلف طوائفه و إنتماءاته و ملله و نحله في وحدة نضالية شعبية شامخة تعانق خلالها الدرعاوي مع الحموي مع الدمشقي و الحلبي والعلوي في مهرجان التضحية و سلوك طريق الشهادة الذي هو الدرب الطويل المؤدي للنصر الناجز العظيم القادم، لقد خرجب سوريا عن بكرة أبيها في إنتفاضة جماهيرية عارمة وهي تنادي بسقوط الأصنام ورحيل القتلة و تلعن ورثة الطغيان و أغبياء التخلف و سارقي الوطن السوري، وحرقت أصنام الهزيمة و العار و الدكتاتورية السوداء التي جلبت العار و ذل الإحتلال و الفقر لشعب سوريا العظيم.
لقد قرر الشباب السوري تصحيح التاريخ و إعادة الروح النضالية و الجهادية لأبناء الوطن السوري الكبير الذين أقضوا مضاجع الإحتلال الفرنسي في مقاومتهم الأسطورية ورسموا ملاحم نضالية خالدة في تاريخ الشرق القديم و الحديث، فشباب سوريا الناهضة هم أحفاد أبطال ورجال المقاومة السورية من سلطان الأطرش وصالح العلي و هنانو و غيرهم من قوافل الرجال الذين أهدتهم سوريا لدنيا الشرق و شكلوا أساطير كفاحية طرزت مسيرة هذا الشعب الصامد، سوريا اليوم في ثورة حقيقية تتجاوز كل الأطر المعلنة، و النظام الإستخباري الفاشل المهزوم يعلم جليا بأن أيامه في الحكم و التحكم قد باتت معدودة رغم كل أساليب التزوير و التمويه و القتل و الترهيب، لقد سقط مئات الشهداء في مواجهات درعا و الصنمين و حلب و دمشق وريفها وحمص وحماة و مدن الساحل و القامشلي ودير الزور.
وهذه الثورة لن تنتهي و يخمد أوارها إلا برحيل النظام مشيعا بلعنة الجماهير و التاريخ، و كما عودنا أهل الإستبداد و مماليك الإستعباد وجبناء نظام المخابرات من الفئران فإن ردهم على ما يحصل لن يكون سوى بالإنتقام الدموي المفرط كما فعلوا في ثمانينيات القرن الماضي حينما كان العالم يتفرج على مصارع أحرار سوريا و يصم آذاته و يغلق عيونه و يخيط فمه عن ماحصل وقتذاك من مجازر بشرية رهيبة في مدينة حماة الشهادة و الفخر أو في سجون و معتقلات فروع المخابرات، لقد إنتهت اللعبة وقرر أحرار سوريا وضع نهاية نهائية لها و توكلوا على الله و حسموا أمرهم وهم يعلمون بأن ليس لديهم ما يقدمونه أمام النظام المدجج بكل أسلحة الفتك و الدمار سوى صدورهم العارية و دمائهم الغالية و حناجرهم الصارخة ضد اللؤم و الخبث و الجريمة و الإستعباد، نعم سوريا في ثورة شعبية عارمة تعيد الحياة للأمة العربية و تذكرنا بأمجاد هذا الشعب الخالدة و تعيد رسم التاريخ النضالي للشعب السوري، و لا يملك نظام القتلة الوراثي من رد سوى الدماء و سوى الإمعان في التقتيل و الإفراط فيه حتى الثمالة، فالنظام يمتص دماء السوريين كما أمتص ثرواتهم و أرزاقهم، و النظام يسترخص دماء شعبه.
لذلك فعلى المجتمع الدولي الحر و على قوى الخير و السلام تقع مسؤولية حماية الشعب السوري من عصابات القتلة التي تحكمه و تنهبه و تريق دماء شبابه و تنتهك شرف حرائره، لن يفلت القتلة هذه المرة و ينبغي على العالم الحر أن يضيق مساحات تحرك وهروب عناصر النظام الإجرامية، كما ينبغي تفعيل كل آليات حماية الشعب السوري وردع النظام عن جرائمه و مخططاته الدموية التي سترتد في النهاية وبالا عليه.
ولقد أضحى واضحا و بشكل جلي أنه بعد أعداد الشهداء المتضخمة فإن الثورة الشعبية السورية لن تتوقف أبدا حتى تحقيق كامل أهدافها و مراميها و حتى تنظيف الشام الطاهرة من عصابات القتل و مافيا السلطة و جرذان المخابرات، و مسؤولية المجتمع الدولي في مساندة أحرار الشام باتت مسؤولية مقدسة، فالجزارين و مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية لا يوجد من يأويهم أو يحميهم أبدا، نترقب المحاكمات الشعبية القادمة لعناصر القتل و الإرهاب و الجريمة.
و نتطلع لقرب يوم الخلاص و تحقيق الديمقراطية ومعاقبة القتلة، فسوريا وشعبها يستحقان مستقبلا أفضل و حياة أجمل و بدماء الشباب السوري سيتحقق المطلوب و لكن على المجتمع الدولي التحرك العاجل لردع القتلة فأولئك المستهترين و ربيبي بلاط الطغيان لا يعرفون سوى لغة القوة و الحسم.
لقد نفذ الشعب السوري رغبته العارمة و اعلنها ثورة حمراء ضرجت دماء الشباب السوري الغالية و المقدسة ميادينها، فاللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق، وسلام على سوريا و على شعبها الحر المجاهد ورجالها الذين أشرقت بدمائهم وجوه أحرار الشرق و لعنة الله و التاريخ على القتلة و الجبناء و مماليك الطغيان، لقد أحرقت و تحطمت أصنام الهزيمة للأبد.. و عاشت دمشق وكل مدن سوريا العظيمة رمزا و أملا لمستقبل أفضل، من ربوع الشام و جبال القلمون وذرى قاسيون ستكون للحرية طعم الورود الدمشقية. وسلام على الأحرار في كل مكان.
التعليقات