أيها الاخوة أيتها الأخوات.
ما الذي دفعنا لنضحي بالوطن ونضعه في مهب الريح؟ مالذي جعلنا نقفز فوق الاحداث لنتصور ان وطناً اخرا سيكون لنا غير العراق الذي رأيناه قبل 2003 عند المترهلين؟ ما الذي جعلنا نقبل بالاحتلال بديلاً عن الاستقلال؟ فوضعنا تحت البند السابع وما ترتب عليه من عقوبات فاقت حد التصورلم نستحقها ابدا وبقينا مرهونين عند الاخرين.مالذي جعلنا نستسلم لعناصر التدمير ونضحي بأمننا دون قوانين؟ ما الذ جعلنا نقبل بمجلس نواب تحتله الحصص التعويضية دون انتخاب المواطنين وننتخب نواباً لنا غير مؤهلين؟مالذي اضطرنا لان نقبل بتفرقة طائفية أسقطت وحدة الوطن والمواطنيين؟مالذي جعلنا نقبل بقضاء ومحاكم سياسية سموها محاكم أتحادية دون قضاؤنا المستقل الامين؟ ما الذي جعلنا نقبل لمواطنينا اللجوء عند الاخرين بدلا من احتوائهم داخل الوطن الكظيم؟ مالذي جعلنا نبذر ثروة شعبنا لنوظفها عند الاخرين؟ما الذي دعانا لأن نختار مدناً غير مدننا للتداول في امر الوطن والمواطنين؟مالذي جعلنا ندمرالسلك الدبلومسي الرفيع؟ مالذي جعلنا نقبل برسم خارطة جديدة لوطننا بيعت فيها كل الثوابت الوطنية للآخرين؟.ما الذي جعلنا نقبل بدستور غامض يجهل الثوابت الوطنية دون دليل؟مالذي جعلنا نفكر بفدراليات تصبح مغنماً للمحافظين؟

الذي دفعنا الى كل هذا هو الامل بتحقيق الاماني التي اضاعها الرفاق الميامين تحت قيادة القائد (الضرورة) والزيتوني الكريه،تلك الاماني الوطنية التي اردناها ان تتحقق في التغيير.

كان التغيير حدثاً هاماً في تاريخ العراق الحديث لتحقيق المشروع الحضاري الذي ناضل شعبنا من أجل تحقيقه سنين.هذا المشروع الذي كنا نبحث عنه، هو تحقيق اماني الفكر والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان الفردية والجماعية وحقوق المرأة ومساواتها بالرجل،والعدالة الاجتماعية ووأد الطائفية والفساد الاداري والمالي،والبيروقراطية والهيمنة الظالمة على الحكم التي سادت في عصر الطغاة المتجبري،ومهاجمة القديم بكل عنف دون توقير لشيء من الموروث الا ما يمس الشرف الوطني للشعب والدولة اجمعين وبتحقيق هذه الأهداف ستبنى الدولة العراقية الحديثة على مقومات عناصر الاستقلال الحقيقي للوطن.ولهذا عانى المخلصون الكثير ودفعوا الارواح والاموال في سبيل تحقيق كل جديد في عالم الوطنية والتقدم لأنبثاق عصر الانوار عندنا بعد ان تخطانا الزمن وأصبحنا نجلس في الصف الاخير.

كنا نريد لهذا التوجه الجديد رجالا ذوي عقلية عملية في التنفيذ؟ من اجل هذا ساهمنا في التغيير لنتفاخر بحق بأننا في العراق الجديد. لأن مثل هذا المنهج وبالرجال المخلصين نكون قد ساهمنا بحق في اعادة بناء الاقتصاد لصالح التنمية والتصنيع وتحديث الزراعة ومكننتها، وهذا هو الاصلاح الجذري بعد اصلاح الانسان وربطه ماديا ومعنويا بالوطن،حتى اذا ما بني المجتمع والاقتصاد يبنى النظام السياسي على اساس الدستور فنطلق على عصرنا بعصر العراق الجديد.من هنا سيحترم الشعب القانون والدستور طواعية دون خوف او تهديد وهذا سيسهم فيتعزيز التأخي بين كل قوميات الشعب على الاساس الوطني لا المذهبي والطائفي الذي يرده البعض لنا ونحن له من الرافضين.

وهكذا كان حلمُ مفكرينا كما في محمد باقر الصدر وعبد العزيز البدري والاخرين.ان أول ما كان يجدر بالقادمين ان يعكفوا على دراسة التاريخ وفلسفته الحياتية، يدرسونه ويستخرجون منه الاحكام والنظريات من تجارب الامة وأمم الاخرين،لا سيما وان تاريخ العراق غني بالتجارب،وان الحكم في الاسلام عقد مراضاة وأختيار بين الحاكم والمحكوم،لا عقد أجبار وقبول. نحن لا نريد منهم ان يبحثوا لنا عن أكسير الحياة،بل كنا نريد منهم تحقيق أكبر قدر من السعادة والحقوق لنضع الثقة فيهم دون تقييد.ولكن حين أفقنا من صدمة التغيير وجدنا أنفسنا قد أضعنا الخيط والعصفور.

لقد صدمنا من توجهات القادمين،حين كتب الدستور ناقصاً لا يلبي حاجات المواطنين،وحين أصبح القانون محاصصة طائفية خالية من التحرك الفكري بعيدا عن كل قاعدة جديدة للتفكير الواقعي المنطقي المنظم السليم،غرقنا بعد ان هرمنا امام السنين.فلا عتب على من كتب الدستور؟ فهو حديث عهدٍ بكتابة الدساتير، فسرعان ما أنكشف الخلل عند التطبيق،حين اصبح النظام الفدرالي ضعفاً عاماً ومغنماً للجيران والمحافظين.، كان نتيجته التردي للوطن والمواطن،يقتل،يشرد،ينتهك في ماله وعرضه ووطنه،يدمر البلد لايهم،لكن الذي يهم الحصول على الاهداف الخاصة دون الاخرين فحلت البيرقراطية بدلا من اماني المواطنين. فذهبت مليارات العراقيين لجيوب المنتفعين والهاربين،وها هو شعب تونس ومصر لم تسرق من خزينته فلساً واحدا بعد التحرير. ومن سرق فأقفاص الاتهام بأنتظار المخالفين.

لقد اوصلنا النظام السياسي السابق الى الطريق المسدود، حين كانوا بالامس هم قادة السفينة التي أغرقوها بأيديهم وهاهم اليوم يتباكون عليها من جديد، أكثر من خمسةٍ وثلاثين سنة ولم نشهد منهم الا التنكيل والتشريد، لا لن يكونوا هم قادة السفينة الجديدة من جديد، ولو متنا كلنا دون تحديد.ولو ان بعضهم تسرب لكرسي السلطة تحت مظلة الشراكة والتوفيق، ان الشعب هو الذي يضع شروط التغيير وقانونية للتغيير، حتى لا يرافق التغيير الجديد من اشاخ علينا القاصي والداني بحجة الحقوق المهدورة ومظلومية المجاورين، حقوق ترتبت علينا للاخرين اكثر مما كنا نتصور ويتصوره حتى المنتفعين،. فانهارت شروط الاصلاح لتحل محلها شروط الانهيار، ومتى ما دخلت الفوضى والعنصر الغريب حل الانهيار ومات الاصلاح، فهل نحن تحت وطأة هذه النظرية اليوم حتى أصبحنا من المحكومين؟وهل من اجل بقاء الحاكم حاكما دون تغيير؟ فلسفة أصبحت اليوم ميتة بحكم فلسفة نظريات التغيير.

السيد الرئيس
لقد قرأت برنامجك الحكومي المقدم لمجلس النواب والذي به تريد الاصلاح ومنحت نفسك مائة يوم ليرى الشعب ما يرى وأنا أخالفك الرأي فالتغيير لا يتم بالأيام بل بالسنين. ان الطروحات الفلسفية التي أشتمل عليها منهجكم الحكومي،أنما تمثل نمطاً من أنماط التفكيريغلب عليه طابع الأستعجال والتسطيح، ويبدو ان مستشاريك خانهم التقدير،لأانهم بنوا فكرهم على ظرف الساعة لا على نظريات العلم الحديث.

السيد الرئيس
الدول لاتبنى بالخطب والاقاويل،بل بنظريات القوانين التي لا تفرق بين المواطنين،ولا بطروحات الاخرين بل بعلم المستشارين الأكفاء العالمين. فنحن لسنا من الناقصين لنستجير بالطامعين،فالرئيس والرئيس يجب ان يكون كله للوطن لا لمحافظات المحافظين.يؤسفنا ان نسمع السيد الرئيس يطلب بقدس كردستان وانتم صامتون،فكردستان عراقية وما كان الاجدر به ان يفضلها على الأخرين،فهو رئيس العراق لا رئيس كردستان كما يدعي ويقول. فأين المجلس النيابي والدستور؟

. السيد الرئيس
نحن نطالبك بنقل المبادىء الى تشريعات قانونية ملزمة التنفيذ، وفصل حقوق الدولة عن حقوق الناس شرطاً في التنفيذ، وتخرج كل المظلومين من سجونهم، ونلغي قانون الانتخابات بعد ان ثبت فشله في التطبيق ونستبدله بقانون المساواة بين المرشحين لابقانون الامتيازات وحصص التعويضيين، وننهي حالة المحاصة ليحتل الكفوء مكانة في التوظيف، وتحرص على اموال الدولة لا بل كن حريصا عليها قبل غيرك فأنك لا تزال عزيزا مادام بيت مالك عامرا ًفعليك ان تخشى عاديات السنين (والعرب يقولون ربنا يستر من المغطايات) والا من قال ان اليابان العظيمة تصبح اليوم في عوز الراحمين. سبع سنين مضت ونحن على هذا الحال كل يوم يمر يزيدنا تراجعا مع المتراجعين. جاء بعضهم ثوارا وحين تمكنوا أهملوا الوطن والناس وفروا منه مع المنهزمين بأموال اليتامى والمستضعفين عليك ان تلاحقهم فالحق القديم لا يبطله شيء على حد قول الامام علي (ع) امير المؤمنين، فهذه أموال الشعب لا أموال الهاربين.

السيد الرئيس
الحكم نصفه هيبة ونصفه الاخر أدارة، ومعذرة ان اقولها لكم اننا أصبحنا لا هيبة ولا أدارة،فنحن اليوم ليس في عهد امارات الأستيلاء كما عملها الاسلاميون في غابر السنين. ولا تجعل السبحة تكر مرة اخرى فتفشل كما هم فشلوا واصبحوا في صفحة التاريخ الذي لا يُقرأ من الدارسين. فأترك البحرين اليوم وما دريتم ان الغريق لا ينقذ الغارقين.
السيد الرئيس
من يدافع عن السابقين؟ لا يدافع عنهم الا من تخلى عن ضميرة وقيم الراكعين لله والوطن اجمعين.كفى تحججا بالصداميين والبعثيين، فهم تحججوا قبلك بالشيوعين،انت أدرى بهم أنهم أصبحوا تاريخ عند العراقيين؟،فوالله يا شعب العراق المجروح لن تسمح لان يأتي بعد الانتخابات القادمة ان شاء الله كالسابقين والناكثين بعهد الله والمواطنين،الا من آمن بالله والشعب والقانون،انهم في الخراب سواء،انهم في كفة الميزان سواء، انهم في الخطأ سواء.أنهم في القتل والتدمير سواء، لقد كفرونا بالوطن والمتدينين،لكن علينا ان لا نحتسبهم جميعا في خانة السلبيين، ويا ليت ان امهاتنا لم تلدنا لنكون من المهانين.ما دهاك يا عراق،ايبقى عمرك كله ممزق بين الغزاة الطامعين، هل انت فعلا من مواليد حضارة الطين على حد قول ابراهيم الحيدري؟هل ستستسلم لكل القادمين؟ ألم يكن فيك قادة الحضارة السابقين، أوركاجينا وأورنمو ونبوخذ نصر وعمر وعلي والحسين وكل المخلصين.
السيد الرئيس
لقد جئتم بوزارة من 42 وزيرا لم نقرأ عن واحد منهم سيرة ذاتية تقنع المواطنين،فالطبيب للمالية،وخريج الاجتماع للخارجية وهكذا دواليك.هل تعرف كيف يعين الوزير في امريكا والدولة المتقدمة،يعين بعد ان يحضر امام البرلمان بسيرته الذاتية ويقف امام لجنة فحص الخبراء لتقييم أهليته وادائه العلمي والاداري والتخصصي،فهو جراح أختصاصي في السياسة،لا ان يأتي لأرضاء تجمع حزبي او عشائري او ديني،أقولها لك ان غالبية وزرائك من النوع الاخر،وها هو الزمن يمر عليكم بأكثر من سنة ولم تتفقوا على وزير للداخلية والدفاع خوفا من الليل البهيم.وانت لوأخذت مائة سنة فترة للأصلاح على حد قول بهاء الاعرجي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب لن تصلح الامور الا بحزم الحازمين.
السيد الرئيس.

لقد تغير النظام لكن عقلية النظام بقيت دون تغيير. السيد الرئيس أبعد الجوعان والجاهل عنك كمستشارين،واستبدلهم بالعارفين ولا تجلس مجلسا الاومعك من أهل العلم من يحدثك وأترك وعاظ السلاطين.فلا تنم ولا يدخل عينك غمض الا وقلبك مستيقظ، فالحكم أمانة مؤكدة توكيدا بالقرآن الكريم (واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا،صدق الله العظيم).

السيد الرئيس
القادة والشعوب تتباهى ببلدانها وحقوق المواطنين،ونحن لا شارع معبد ولا رصيف مرصوف،ولا جامعة ولا مستشفى يليق بالمواطنين،فأذا عطس واحد منكم تراه في آوهايوكلنك من المراجعين،واذا اراد واحد من أبنائكم الدراسة فتراه في أرقى الجامعات محصنين وعلى حساب الدولة دون قوانين،أما الثكالى واليتامى وكل المهجرين فهؤلاء في عالم النسيان منسيين،الكل يخطط لوراثة الحكم لكن يبدوان الكل نسى العهد القريب والقدرفاين حسني مبارك وابن علي والاخرين، فلو دامت لغيرك ما وصلت اليك،أنها حكمة الزمن ورب العالمين. فدع الناس تتظاهر وتطالب بحقوقها لتعرف اين النواقص والمقادير،فكلنا اليوم مظلومون،واصعب شيء على الانسان ان يظلم ولا يستطيع ان يدافع عن ظلمه،فالظلم صعب وخيم. فلا تنسى ان تكتب لك تاريخا عند المؤرخين.

.وأخيراً السيد الرئيس نقول لك سامحنا فقد تجاوزنا الحد وتغلبت العاطفة على العقل من حرقة الألم على الوطن والمواطنين.
ويبقى السؤال موجه للعراقيين،هل سنستطيع ردم كل هذه الاخطاء ونعيد حقوق المواطنيين العراقيين،فلا زالت حقوقنا مسروقة عند السارقين؟نعم نستطيع وبيدنا الحل اليوم ان سمعنا النداء،وأخلصنا لله والوطن والشعب، فالمال المسروق لا يطيل شارباً،والخيانة لا تُعمرحياة السارقين وتراهم اليوم أذلة هاربين ومختبئين عند الاخرين.وغدا لا تعطي صوتك في الانتخابات القادمة الا من تتوسهم فيهم الاخلاص وشرف امانة الوطن والوطنيين، لنعزلهم عن الممثلين الحقيقيين، ونتفق بيننا لا مختلفين،وبها سننتزع حقوقنا منهم وبعدها سيأتي يوم الحساب العسير والبناء الكبير،وسيعود العراق للعراقيين،فهل نحن كدها وسنكون من الغالبين،من قال ان حسني مبارك وابن علي والحبل على الجرار راحلين؟ هذا هو التاريخ والندم لا ينفع على فراش الموت المقصرين؟ ولو نفع الندم لنفع معاوية وهو شيخ المؤرخين.
والله الموفق الى كل رشاد،

د.عبد الجبار العبيدي

باحث اكاديمي
الولايات المتحدة الامريكية
[email protected]